بعد “57” سنة من المهنة.. أقدم ميكانكي في قامشلو: شروق شمس قامشلو أفضل من شموس كل العالم

خاص – Bûyer

بدأت بالعمل في هذه المهنة تحديداً  في الخامس والعشرين من نيسان سنة 1960 وأنا ابن العاشرة، كنت حينها طالبا في الصف الأول، لدى المعلم ساكو وكان محله تحت سينما شهرزاد، بجانب المعلم لطفي غزال، وكانت راتبي الاسبوعي لا يتعدّى الليرة السورية الواحدة، وكان راتب الموظف بحدود 25-30 ليرة سورية. هكذا يبدأ المعلم إبراهيم سهاكيان حديثه عن بداياته في المهنة التي لازال يمارسها منذ سبع وخمسين سنة.

ويضيف المعلم إبراهيم : “بقيت في العمل لدى معلّمي حتى السبعينات حيث التحقت بعدها بالخدمة الالزامية, وحينها كان راتبي قد أصبح سبعين ليرة سورية. طبعا خدمت حرب تشرين التي لم تطل سوى 17 يوماً أيضاً، وكنت معلّم ميكانيك في الرحبة العسكرية, وكنا نلتحق بالجبهات أحياناً”.

وعن المرحلة التي أعقبت تسريحه من الخدمة الإلزاميّة يقول سهاكيان:” بعد تسريحي من الخدمة عدت لنفس المهنة ولدى نفس المعلّم، المعلم ساكو, ولكن هذه المرّة بنسبة 15% من قيمة العمل, وبقيت على ها المنوال حتى نهاية 1976 حيث قمت بشراء محل في مزاد لمحلات الأوقاف خلف الجامع الكبير، الشارع المؤدّي إلى معبر نصيبين، وبقيت في ذلك المحل حتى بداية التسعينات”.

ويتحدّث المعلم إبراهيم عن تأسيس سوق الصناعة بأنها كانت قبل التسعينات من قبل البلدية التي عوّضتهم عن محلاتهم في السوق القديم، حيث دفعوا مبالغ رسميّة حينها، وفي العام 1991 انتقل الى سوق الصناعة الجديد.

تخصص في المهنة.. ومعاناة في الممارسة:

يمارس المعلم إبراهيم تصليح محرّكات “ديزل” أي المحّركات التي تعمل على المازوت، ويختصّ فيها بتصليح جرارات “Case”  وحصادات “John Deere” ولا يعمل في تصليح سواها مهما كانت نوعيتها، لأن شهرتهم تنبع من هاتين الماركتين.

لكنهم يعانون من نقص في قطع التبديل، بسبب نقص الاستيراد، وخاصة الكولاس  والعكس، عدا ذلك ليست هناك أي معوّقات لعملهم حسب وصفه.

أما بالنسبة لأجرة اليد العاملة في المهنة، فيرى سهاكيان أن المعايير والحياة تغيّرتا:”  ففكّ المحرك قبل عشرة سنين  كانت بـ 15ألف، والآن حوالي 125 ألف، لو حسبنا هذا المبلغ على الدولار فأن أجرتنا أرخص من قبل، كان فكّ محرّك الجوندر قبل عشرة سنين بعشرة آلاف واليوم نأخذ فقط 80 ألفاً، في النتيجة اليد العاملة رخيصة جدا قياساً بالسابق”.

ويتابع سهاكيان:” أجرة العامل الذي يعمل معنا أصبحت غالية، لا يرضى بأقل من 60-70 ألفاً، عدا ذلك فأن عامل اليوم الذي يتقن فكّ البراغي يرى نفسه قد اكتسب المهنة لذلك يترك العمل وينتقل إلى محل آخر أو يفتح محلا مستقلا. تصور الآن لدي عاملين وأنا، كل منا يقبض الثلث من قيمة العمل”.

ويؤكد أن تركه للدراسة كان نتيجة الوضع المادي السيء، ويقول:” أعتقد أني كنت سأبدع في دراستي أيضاً – كما مهنتي – لو أني تابعت ورغم ذلك فقد استطعت تعلم اللغتين العربية والأرمنية قراءة وكتابة بشكل ذاتي, وأجري جميع العمليات الحسابيّة. كان والدنا كبير السنّ، كنا ثلاثة أخوة. أبنائي الأربعة أكملوا تعليمهم الجامعي، فقط كبيرهم ترك الدراسة وعمل معي بعد نيل الشهادة الاعدادية”.

ويتذكّر المعلم إبراهيم أحرج المواقف وهو أن تكون قد انتهيت من تصليح محرّك حصادة، وتنكسر مضخة الزيت ويتعطل المحرّك أثناء الحصاد بينما مالك الأرض والحصادة يكونان على أعصابهما. حينها علينا أن تكون أعصابنا هادئة جدّاً.

وقد بلغ العمل ذروته من عام 2000 حتى العام 2007 حيث كان عدد العمال لدى المعلم إبراهيم  في المحل لا يقلّ عن 13 عاملا، يقول:” كنت أحياناً أعود مساء إلى العمل بعد أن أكون قد أغلقته وذهبنا جميعنا إلى منازلنا، كان هناك دوما ما يشدّني إلى عملي ومهنتي، وهذا هو سرّ نجاحي وشهرتي؛ حبّ المهنة”.

وعن ارتباطه بقامشلو يقول:” لا أحب بلاد الغربة، هناك ما يربطني بقامشلو، شروق شمس قامشلو أفضل من شموس كل العالم، جِلتُ أغلب بلاد العالم، لا وطن يحتضنني كما قامشلو”.

ويختتم المعلم إبراهيم حديثه بالقول:” حتى الآن, وبعد أن قارب عمري السبعين، لا زلت أفتح المحل السادسة والنصف صباحا، بينما بقية محلات الصناعة لا تفتح قبل التاسعة، آتي باكراً، وأشرب قهوة الصباح في المحل.”