Buyerpress
يواجه الطلاب، خاصة صغار السن، العديد من المواقف في البيئة المدرسية، ويتأثرون بها، سواء بالإيجاب، أو السلب، وهذا أمر طبيعي، ومن المواقف التي تنتشر بين الصغار دون قصد أو إدراك منهم إطلاق بعض الألقاب والعبارات السلبية على بعضهم البعض، مثل: “أبو أربع عيون”، “سمين”، “كسول”، “فاشل”، وغيرها العديد من العبارات، التي قد تؤثر أحياناً على نفسية الطفل، وربما تنعكس على سلوكه وصحته ومستواه التعليمي.
مجلة “سيِّدتي” تقدم من خلال الأخصائية النفسية أمل الحامد التأثيرات المرتبطة بذلك السلوك، وكيفية التعامل معه بطريقة صحيحة، من خلال التالي:
– ما تأثير ألفاظ، مثل: “سمين”، “أبو أربع عيون”، “غبي”، “فاشل”، على نفسية الطفل؟
تأثيرها غير إيجابي بالطبع، وإن لم يستوعبها الطفل وهو في طفولته المبكرة، فللغة تأثير قوي عليه، وجرح مشاعر الطفل بكلمة لا يحبها يدفعه إلى التمرد أو إلى كبت هذا التمرد والإفصاح عنه برد فعل من نوع آخر، وأيضاً عقله اللاواعي سيخزنها، وتصبح حقيقة متمثلة أمامه إذا لم يجد توعية من أسرته وتوجيهه بأن هذه مجرد آراء من البعض، وهي غير حقيقية في الغالب، أما إذا كانت تلك العبارات حقيقية، فلابد للوالدين من معالجة ذلك بالتخلص من وجودها وارتباطها بطفلهما إذا كان ذلك ممكناً.
– اكتشاف المشكلة
إن لم يشتكي الطفل صراحة من تعرضه لتلك الألفاظ، فيمكن للأهل اكتشاف الأمر من ملاحظة سلوكياته، كانعزاله أحياناً، وعدم رغبته بالذهاب إلى المدرسة، وتحوله إلى شخصية عدوانية، بل قد نجده يتلفظ بنفس الألفاظ مع أفراد أسرته ومن يحيط به، وقد يبدأ الطفل بإظهار علامات الاضطراب العاطفي، مثل: مص الإبهام، أو التبول اللاإرادي، أو عدم التفوق الدراسي، أو قد يلجأ بعض الأطفال إلى العنف كوسيلة للتفاهم.
– تطور الوضع
إذا لم يقم الوالدان بمعالجة هذه المشكلة، فقد تمتد آثارها للتالي:
- قد تكون أحياناً أحد أسباب انحراف الطفل أو اضطرابه النفسي أو انطوائه وعصبيته ولجوئه إلى العنف وفشله في الحياة الاجتماعية، فهذه الكلمات تؤذي مشاعر الطفل، وتجرحه، وتجعله يكره نفسه، خصوصاً عندما يقال له: “غبي وفاشل”؛ لأنها تنمي داخله كره الذات، وعدم الاستحقاق، بل قد تؤدي إلى الانتحار، وستحبط معنوياته، وسيصبح فاشلاً فعلاً.
- قد يتطور الأمر إلى مرض نفسي كالاكتئاب مثلاً، ويتحول إلى مرض عضوي إذا تم إهماله.
- ستتكون لديه شخصية سلبية، بالإضافة إلى تنشئته كشخص غير سوي نفسياً، ولديه إحساس بعدم الثقة في نفسه، وهذا سينعكس على علاقته بالآخرين في الكبر.
- الفشل الدراسي، بل ربما الرسوب أحياناً؛ لأنه لم يجد التشجيع من بيته ولا مدرسته.
– الحلول
لا يجب أن يهمل الأهل هذه المشكلة، وإلا كانت النتيجة خطيرة وتدميراً نفسياً واجتماعياً سينعكس على حياته ككل، بل يجب احتواؤه نفسياً وعاطفياً، ثم قلب تلك العبارات السلبية إلى عبارات إيجابية، فمثلاً: لو حصل الطفل على درجة منخفضة في إحدى المواد، وأخبره معلمه أو أحد أصدقائه بأنه غبي، قولي له: “أنت ذكي، وأنت فقط لا تعرف أن تستغل ذكاءك، لكن إذا صدقتهم ستصبح فعلاً غبياً”، ويمكن إخباره بأنه لم يستغل وقته بطريقة صحيحة، ولم يعط الاهتمام أو الوقت الكافي الذي يحتاجه للدراسة، فكلمات مثل هذه تساعد الطفل على معرفة مكمن المشكلة، وتساعده على إيجاد حلول لها، بل وسيتفوق أيضاً، وعندما ينجح نقوم بمكافأته، كما يمكن للأهل التواصل مع المدرسة أو المعلم لمناقشة طرق تحفيز الطفل، وأهمية النقد البناء، وأن يفرق المعلم بين “فعل” الطفل وشخصيته.
– دور الأهل والمعلم في تعزيز ثقة الطفل بنفسه
توضح الأخصائية الحامد أنه لابد من الإشارة إلى نقطة مهمة جداً، وهي أن تعرض الطفل لهذه العبارات لا يقتصر على أصدقائه وزملائه الصغار فقط، فربما تصدر تلك الألفاظ من الأهل أو المعلم؛ تعبيراً عن غضبهم، أو اعتقاداً منهم أن ذلك سيحفز الطفل للقيام بمجهود إضافي، أو محاولة تحقيق نتائج أفضل، وهذا خاطئ تماماً، فأحد مفاتيح النجاح هو تعزيز ثقة الطفل بنفسه، ويمكن تعزيز ذلك بالتالي:
– يجب احترام وتشجيع الطفل بكل عمل إيجابي يقوم به، وإخباره بأنه شخصية منجزة وناجحة.
– من الخطأ المقارنة بين الطفل وبقية أخوته أو أقاربه أو أبناء جيرانه أو زملائه إذا تفوق أحد عليه، والبعد عن نقده باستمرار وأمام الجميع.
– إعطاء الطفل قدراً كافياً من الحب والحنان والاهتمام.
– مساعدته على تكوين صداقات من خلال اصطحابه لزيارة الأصدقاء والأقارب، للتواصل مع الأطفال بنفس عمره.
– الخروج معه للتنزه في الحديقة، أو مرافقته إلى المكتبة لشراء كتب، وشرب قهوة معه في مقهى، ولابد من تعريفه أو تسجيله في نوادٍ رياضية.
– تشجعيه على الحوار مع الوالدين والمعلم، ودفعه للحوار مع الآخرين.
– وعلى الآباء والمعلمين هنا التوقف عن جرح الطفل بألفاظ غير لائقة، مثل: نعته بالفاشل لمجرد فشله في حل مسألة حسابية، أو أداء واجب، واحترام شخصيته وتقديرها والتعامل معها بشكل إنساني باعتبار أن هذا الطفل الصغير هو شاب المستقبل وصانعه، وإن نحن قللنا من شأنه ومن ذاته، أصبح شخصاً يكره نفسه ومجتمعه.
المصدر: مجلة سيدتي