تعتبر فتيات العالم، اللواتي يبلغ عددهن ما يزيد عن المليار فتاة، مصدرا للقوة والطاقة والقدرة على الخلق. ولا يستثنى من ذلك الفتيات اللواتي يعشن في ثنايا حالات الطوارئ والأزمات. ويمثل احتفال هذا العام باليوم العالمي للفتاة نقطة البداية لجهود ستبذل على الصعيد العالمي للفت الانتباه إلى التحديات التي تواجهها الفتيات أثناء تلك الطوارئ والأزمات، والفرص المتاحة أمامهن كذلك.
حددت منظمة الأمم المتحدة تاريخ 11 أكتوبر من كل عام ليكون اليوم العالمي للفتاة، وذلك بغرض لفت الانتباه إلى انعدام المساواة الذي تتعرض له الفتيات في العديد من دول العالم. وتم الاحتفال بهذا اليوم لأول مرة عام 2012 بمبادرة من منظمة “بلان إنترناشونال للأطفال”.
في الذكرى السادسة للاحتفال باليوم العالمي للفتاة، لا تزال إحصاءات المنظمة تشير إلى وفاة فتاة كل عشر دقائق في مختلف ربوع العالم؛ بسبب ممارسات العنف والاضطهاد في حقهن.
كما تشير تقارير صادرة عن صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى أن الفتيات في الكثير من الدول النامية لا يزلن يعانين من العيش في ظروف سلبية وقاسية.
وذكرت التقارير المنشورة على الموقع الإلكتروني للصندوق أنه ثمة تطور ملحوظ طرأ على حياة الفتيات المراهقات خلال الـ15 سنة الأخيرة على مستوى العالم، بينما لا تزال معاناة الفتيات في مرحلة الطفولة متواصلة. كما تقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة، يونيسيف، إن عدد الفتيات الصغيرات في العالم بلغ 1.1 مليار، منهن 62 مليون طفلة لا يذهبن إلى المدرسة، و16 مليونا أخريات معرضات إلى مخاطر بشأن مواصلة تعليمهن.
وأوضحت اليونيسيف أن فتاة من كل سبع بين أعمار الـ15 والـ19، تتعرض إلى الزواج القسري على مستوى العالم، في حين يصل العدد في الدول النامية إلى فتاة من كل ثلاث، تتزوج قبل بلوغها سن الـ18 عاما.
ونظرا إلى صغر أعمارهن، تتعرض غالبية هؤلاء الفتيات إلى ممارسات العنف الجسدي والجنسي، إلى جانب إجبارهن على ترك مدارسهن؛ لتولي المسؤوليات المنزلية، بحسب اليونيسيف.
ويُلاحظ بشكل بارز ارتفاع نسبة حمل الفتيات في أعمارهن المبكرة؛ بسبب جهلهن بطرق تنظيم الأسرة، والوصفات الطبية المتعلقة بها. وتؤثر هذه الظواهر وغيرها، بشكل مباشر على صحة الفتيات، وتسبب لهن مشكلات جسدية، وأزمات نفسية عديدة.
وبحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان، فإن مرض نقص المناعة المكتسبة، الإيدز، هو أبرز الأمراض التي تؤدي إلى وفاة الفتيات بين أعمار الـ10 والـ19 على مستوى العالم. بينما يحل الانتحار في المرتبة الثانية في قائمة الأسباب التي تؤدي إلى وفاة الفتيات.
ومن جهة أخرى كشف تقرير صدر الأربعاء عن البنك الدولي ومنظمة “أنقذوا الأطفال” (سيف ذا تشيلدرن) غير الربحية، أن نحو 7.5 مليون فتاة تتزوج بشكل غير قانوني كل عام.
وذكر التقرير أن أكبر معدل لزواج الأطفال موجود في غرب ووسط أفريقيا، حيث يتم إجبار 1.7 مليون فتاة سنويا على الزواج. وأفاد التقرير بأن نحو 100 مليون فتاة لا تشملها الحماية من زواج الأطفال بموجب قوانين بلادها.
ومن بين أسباب ارتفاع معدل زواج الأطفال ضعف تنفيذ القوانين وعدم الترابط بين القوانين الوطنية والعرفية والدينية، حسبما وجد الباحثون.
علاوة على ذلك، فإن كبار الشخصيات في بعض المجتمعات ممن يحافظون على التقاليد يدعمون في الغالب ممارسات زواج الأطفال بسبب تقاليد ومعتقدات موروثة.
وقالت الرئيسة التنفيذية لمنظمة أنقذوا الأطفال، هيلي ثورنينج شميت “لن نرى عالما يكون للفتيات والفتيان فيه نفس فرص النجاح في الحياة قبل أن يتم القضاء على زواج الأطفال”.
وأضافت “عندما تتزوج الفتاة في سن صغيرة جدا، فإنه يهيمن عليها دورها كزوجة وأم، ومن المرجح أن تترك المدرسة، وقد تصبح حاملا وتعاني من سوء المعاملة”.
وفي غرب ووسط أفريقيا، تم تسجيل معدلات مرتفعة لحمل المراهقات، في إطار الزواج الرسمي وخارجه، بحسب التقرير.
وذكرت وزيرة الأسرة الألمانية كاتارينا بارلي أن اليوم العالمي للفتاة مناسبة مهمة للفت الانتباه إلى الوضع غير المحتمل للكثير من الفتيات في أنحاء العالم.
وقالت بمناسبة اليوم العالمي للفتاة إن هناك فتيات يتعرضن للظلم في مختلف أنحاء العالم، مضيفة أن المساواة في الحقوق لا تزال بالنسبة إليهن كلمة غريبة.
وأضافت “في الكثير من الدول ليس للفتيات أو النساء الشابات فرص للذهاب إلى المدرسة، كما يُجبرن على الزواج ويُحرمن من اكتساب حقوقهن في مختلف النواحي”.
وبحسب بيانات منظمة “أنقذوا الأطفال” الإغاثية، هناك نحو 100 مليون فتاة لا يتمتعن بحماية قانونية في بلادهن من زواج القصر.
وقالت نائبة رئيس منظمة “قرى الأطفال العالمية” جيتا تراورنيشت، في بيان “في الهند يتم بصفة متكررة إجهاض أجنة الإناث أو قتل الرضع الإناث أو التخلي عنهن، كما أن عمليات ختان الإناث في دول مثل اليمن والسنغال والسودان تكون لها عواقب وخيمة على حياتهن بوجه عام”.
وقال تقرير حالة سكان العالم لسنة 2016 إن الصندوق يحذر من أن ممارسات الزواج القسري، وعمل الأطفال، وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث وغيرها من الممارسات الضارة بصحة الفتيات وحقوقهن تهدد الخطة الطموحة للتنمية في العالم.
فهذه الممارسات التي تضر بالفتيات وتنتهك حقوق الإنسان الخاصة بهن -بدءا من سن العاشرة من العمر- تحول دون تحقيقهن لكامل إمكاناتهن كراشدات، وتحرمهن من المساهمة في تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي لمجتمعاتهن المحلية وبلدانهن.
ويقول الدكتور باباتوندي أوشيتيمن، المدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للسكان إن عرقلة عبور الفتاة الآمن والصحي من مرحلة المراهقة إلى سن الرشد لا يشكل فقط انتهاكا لحقوق الإنسان الخاصة بها، لكنها تضر أيضا بمجتمعها وبلدها. وأينما استعصى تحقيق الفتاة لكامل إمكاناتها، فإننا جميعا خاسرون.
وقال تقرير نشر بمناسبة اليوم العالمي للفتاة إن 130 مليون فتاة لا يذهبن إلى المدارس عبر العالم. وبحسب الأرقام التي قدمتها اليونيسف، فإن الآلاف من الفتيات يمنعن من التوجه إلى المدارس بسبب الفقر، والزواج المبكر في العديد من الدول.
المصدر: العرب اللندنيّة