إملشيل.. موسم الخطوبة في قمم الجبال الأطلسية

يمثل مهرجان إملشيل للخطوبة فرصة للسياح الذين يتوافدون على منطقة إملشيل أو أرض العشاق، لاكتشافها وللتعرف عن قرب عن عادات قبيلة آيت حديدو العريقة.

 

وتكون إملشيل وهي منطقة جبلية مغربية قابعة بين أحضان جبال الأطلس الوعرة على ارتفاع 2300 متر عن سطح البحر، كل سنة على موعد مع موسمها الشهير الذي تختلط فيه العادات بالتقاليد والأسطورة بالحقيقة، وتتجه نحوه قلوب العشاق وفضول السياح من العالم.

 

وتسلط الأضواء في هذه الأيام على جماعة إملشيل الساحرة، التي تحتفل بالزيجات الجماعية وهي حفلات عريقة تعكس التراث اللامادي الغني لهذه الجماعة.

 

وإضافة إلى الوظيفة الاجتماعية للعادات المحلية التي صارت على مدار التاريخ مادة لسرد الأحداث المجيدة، باتت هذه العادات مرجعا لسكان إملشيل حيث الأعراف تترسخ بقوة، والثقافة تلتقي مع ترنيمات الحب والتشبث بالأرض يغذي الترابط الثقافي من أجل هوية تعددية.

 

وتأخذ عادة الزيجات الجماعية بإملشيل أبعادا اجتماعية وثقافية وروحية، فعلى مدار العام يعمل سكان المنطقة بلا كلل لضمان قوت أسرهم عدا شهر سبتمبر، الذي يمثل الفترة التي يتركون فيها الأعمال الشاقة من أجل فسح المجال لموسم اللقاءات العاطفية.

 

ويبحث الشباب خلال هذا الشهر، عن زوجات محتملات، وتشجعهم القبيلة على ذلك بخص هذا البحث النبيل باحتفالات ورقصات وأهازيج وملابس ووجبات تقليدية في جو من الألفة والفرح والتضامن.

 

ويجد هذا الموسم العريق جذوره في أسطورة تحكي عن رجل شاب من أبناء قبيلة آيت إبراهيم وقع في غرام شابة من آيت يعزة. غير أن قصة حب العاشقين ظلت أسيرة لعداوة بين القبيلتين، وهما فرعان من قبيلة آيت حديدو. وأمام رفض الآباء، ظل الشاب والشابة يذرفان الدموع إلى أن شكلت من كثرة ما سالت سيلا من الدموع كان سببا في ولادة النهرين التوأمين الشهيرين “إسلي” (العريس) و”تيسلت” (العروسة).

 

ومن حينها، ومن أجل التكفير عن وزر قديم ارتكبته القبيلة حين رفضت زواج العاشقين، حسبما ترويه الأسطورة الشعبية، باتت القبيلة تنظم هذا الموسم المليء بالدلالات التاريخية والرمزية المرتبطة بالنهرين سالفي الذكر.

 

ويرى لحسن آيت لفقيه، باحث في التراث الثقافي المحلي، أن هذه الأسطورة العريقة لا تزال تؤثث الذاكرة الجماعية للقبيلتين كما يظهر ذلك في هذا الموسم المتواصل. وأضاف أن تخليد موسم سيدي احمد أولمغني يعطي للمهرجان بعدا ثقافيا، كما تعدّ حفلات الخطوبة الجماعية المنظمة بالمناسبة ذاتها أهم لحظة في المهرجان.

 

وتابع آيت لفقيه “نحن أمام تقاليد عرفت قبائل الأطلس الحفاظ عليها بعناية”، مشيرا إلى أنه رغم بساطة هذه العادات فإنها تجذب الناس من مختلف الأماكن.

 

ويعتبر مصطفى تيليوا، رئيس مركز طارق بن زياد بالراشيدية، أن النقاش حول بعض الملامح التنظيمية للزيجات الجماعية تفرض على الكل إعطاء بعض التدقيقات بالخصوص.

 

وأكد تيليوا أن الأهم هو أن يبقى الموسم وفيا لتوجهه الاجتماعي أساسا، أي ذلك المتمثل في تشجيع زواج الشباب، بينما الباقي ليس إلا نقاش أفكار لا أكثر ولا أقل ولن يضيف شيئا.

 

وأكد مختصون في الشأن الثقافي أن الوظيفة الاجتماعية للموسم ستبقى أساسية متى ظلت حفلات الخطوبة تساهم في نسج روابط تضامنية كفيلة بخدمة الصالح العام بشكل أفضل.

 

المصدر: العرب اللندنية