سنت القوانين وأبرمت الاتفاقيات التي تنظم حياتنا وأمورنا المختلفة.. وإذا بحثنا وعددنا تلك القوانين والقرارات في مجال الاهتمام بالأشخاص المعاقين وتأهيلهم سنجد أن الوطن العربي من أوائل بلدان العالم التي اهتمت بهذه الشريحة وذلك إنما ينم عن الإحساس والوعي المتجدد والمسؤول من منطلق «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» وهو ما أحببت أن أستهل به حديثي عن إتيكيت التعامل مع الأشخاص من ذوي الإعاقة.
نقول إن الإتيكيت بمعناه ومفهومه البسيط السهل الذي يفهمه الجميع هو مجموعة من الضوابط والقواعد للذوق واللياقة التي من خلالها يتم التعامل مع الآخرين.
ومن صميم هذا التعريف البسيط ومن منطلق الاستهلال الذي أوردته أعلاه هناك البعض فقط ممن يجهلون إتيكيت التعامل مع الأشخاص من ذوي الإعاقة وربما هو ابتلاء آخر إلى جانب إعاقتنا أن يكون مثل هؤلاء ممن يدرون بأمور الأشخاص المعاقين ومصالحهم!! ومن أراد البحث عنهم فهم على مرأى منا.
أتحدث عن أناس ما زالوا يعتقدون أن التعامل مع الأشخاص من ذوي الإعاقة ينبغي أن يكون تعاملاً جافاً وقاصراً!! إنهم بعيدون عن معاناة الأشخاص المعاقين أو الإحساس بهم.. يتجاهلون ردود الأفعال الصادرة عن ذوي الإعاقة ـ وهي في أغلب الأحيان ناتجة عن تلك المعاناة ـ يتعالون عن تبادل أطراف الحديث وخصوصية الحديث الذي يكون ناتجاً عن وضع ما لدى هذا المعاق دون سواه.. تتصاعد من أفواههم نبرات الاستهزاء والسخرية لمن هم أمامهم من الأشخاص من ذوي الإعاقة وفي الغالب تكون عبارات صريحة،..
والبعض الآخر هو «الجنتل» إذا ما تحدث إلى شخص معاق تراه يدير رأسه إلى الجانب الآخر متفادياً النظر إلى من يتحدث إليه! فما جدوى تلك القوانين والاتفاقيات وما زال مثل هؤلاء يعيشون في أوساط هذه الشريحة!!
أتحدث من منطلق واقع ملموس ربما شاهده الكثيرون، لا عن خيال.. وكما قلت هم في الغالب ممن يدرون بأمور ومصالح الأشخاص من ذوي الإعاقة ومع ذلك يجهلون تماماً كيفية التعامل معهم وما يحتاجونه بالضبط.. أتعرفون لماذا؟ ربما السبب الرئيسي والمهم أننا ولينا أمورنا لمثل هؤلاء رغم أن ساحتنا تزخر بعلماء أجلاء من حملة الدكتوراه والشهادات العليا من ذوي الاختصاص في مجال علم الاجتماع وعلم النفس وغيرها من العلوم الاجتماعية وجعلنا مثل أولئك الأشخاص يديرون أمور حياتنا.. إن إتيكيت التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة بحاجة ماسة إلى استيعاب كبير ابتداء من الكلمة الحالمة وانتهاء باستئذان الشخص المعوق لمساعدته في حمل أي شيء يكون معه ولكن بطريقة لائقة.
نحن بحاجة إلى التحدث إلى الشخص المعاق بنغمة الصوت الطبيعي وعدم رفع الصوت،.. ونحن بحاجة إلى من يجيد الإصغاء إلينا ويتمعن دون مقاطعة أو جرح لكرامتنا،.. ونحن بحاجة إلى من يصافحنا بالأيدي حتى وإن كانت أيدينا صناعية أو بها إصابة ما حتى ولو كانت باليد اليسرى،.. ونحن بحاجة إلى معاملة الشخص المعوق كبير السن بطريقة تلائم سنه،.. ونحن بحاجة إلى مناداة المعوق باسمه لإضفاء روح الود والصداقة.
حاجتنا تتوقف في إتيكيت التعامل معنا، فكيفية التعامل معنا هي الأساس حتى لو أصدرنا أسفاراً من القوانين والقرارات لحماية حقوقنا وتعزيز كرامتنا.