يعتبر عدد من الأكراد تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) الذي سيطر عناصره على مناطق واسعة في العراق وباتت قوات البشمركة تقاتلهم بعد توسيع هجماتهم، «أسوأ من صدام» حسين في استهدافه للأقليات.
وقرب حاجز على الخطوط الأمامية في شمال العراق ترفرف رايات العناصر السود على مسافة ليست ببعيدة منه، يقول قيادي عسكري عراقي كردي إن «استهدافهم للأقليات يجعلهم أسواء من صدام» حسين.
وسيطر مقاتلو الدولة الاسلامية على مناطق واسعة في محافظة نينوى شمال العراق، وقاموا مطلع الشهر الجاري بتوسيع هجماتهم على مناطق تسكنها أقليات وتقع تحت سيطرة أو قريبة من إقليم كردستان.
ودفع الهجوم عشرات الآلاف من العراقيين المسيحيين والايزيديين الى الفرار الى العراء والى محافظات الاقليم الذي اصبح يشعر بالتهديد بعد زحف المتشددين الى مواقع قريبة من حدوده.
وقال اللواء عبد الرحمن كويري احد ضباط قوات البشمركة الكردية وهو ينفخ دخان سيجاره عند غروب الشمس، ان تنظيم الدولة الاسلامية «أسوأ من صدام». اضاف: «انهم يستخدمون الارهاب والفوضى لاجبار السكان على الهرب وبعدها يقومون بالاستيلاء على المناطق».
وينتمي اللواء كويري الى حركة الاكراد القومية التي استهدفت بحملات إبادة جماعية من قبل نظام صدام حسين في ثمانينات القرن المنصرم. ورأى اللواء سردار كمال وهو نائب كويري إن «تجربة الأكراد في ظل نظام صدام، جزء من الدافع الذي جعلهم حرصاء جداً للانضمام للقتال ضد تنظيم الدولة الاسلامية»، مؤكداً ان الضربات الجوية الأميركية «كانت مفيدة جداً».
وأضاف «نحن نخوض حرب دفاع عن النفس ونؤمن بقضيتنا، وعلينا أن نفعل شيئاً»، مشدداً على الشعور القومي القوي لدى قواته ودور ذلك في شد عزيمتهم.
أما كمال الذي يقاتل في صفوف البشمركة منذ كان عمره 16 عاماً، فقال ضاحكاً فيما يقوم المقاتلون بتفريغ شاحنة الأرزاق المحملة بالبطيخ والثلج والمياه المعدنية «لا أستطيع أن أتذكر كم معركة شاركت فيها». واضاف هذا الضابط الكردي ان «خبرة البشمركة الطويلة في التمرد ضد نظام صدام ساعدت الكرد في قلب دفة الامور بعد فقدان مساحات واسعة من الاراضي».
وكانت أسوأ هزيمة للبشمركة فقدانها السيطرة على سد الموصل أكبر سدود المياه في البلاد الذي استولى عليه تنظيم الدولة الاسلامية منذ نحو أسبوعين. لكن قوات عراقية كردية مشتركة استعادته بدعم جوي أميركي الأحد.
ويرابط كمال على بعد عشرات الكيلومترات من السد الذي يقع الى الشمال من مدينة الموصل (350 كيلومتراً شمال بغداد). وقال انه لا يتذكر أي حرب مماثلة لهذه التي يخوضها الآن.
واضاف وسط تجمع لعناصر من البشمركة ان تنظيم الدولة الاسلامية «يعتمدون على عنصر المفاجئة لكننا خبرنا تكتيكاتهم الآن».
وأوضح أنهم «يقومون بارسال مقاتلين يرتدون أحزمة ناسفة الى مناطق ليبدأوا تفجير أنفسهم ويهاجمون المدنيين رجال ونساء وأطفالاً ليرهبوا الباقين ما يجعلهم يفرون خلال فترة قصيرة، وبعدها يقومون بالاستيلاء على المناطق». وفيما يمتلك مقاتلو البشمركة المخضرمون خبرة متراكمة في القتال، هناك آخرون بينهم ينخرطون في القتال للمرة الاولى.
واكد آرام حكمت (19 عاماً) وهو يحمل سلاحاً رشاشاً متوسطاً انه لم يكن قد ولد عندما قام صدام حسين بأعنف الحملات ضد الاكراد. وقال: «سمعت ان نساء من الايزيديين والمسيحيين واطفالهم قتلوا، فلم اتحمل ذلك، لذا قررت الانخراط في القتال».
بدوره قال جاسم يحيى الذي عاد الى الخدمة على الرغم من احالته الى التقاعد: «قضيت ثماني سنوات في الجيش العراقي، قاتلت في الحرب العراقية – الايرانية» التي انتهت عام 1988.
وأضاف «تنظيم الدولة الاسلامية هاجم بشراسة». وتابع «انا مقاتل جيد لذا كان علي أن أفعل شيئاً».
وقام تنظيم الدولة الاسلامية بهجمات شرسة بدأت في التاسع من حزيران، وسيطر فيها على مناطق ومدن مهمة بينها الموصل وتكريت، وطرد عشرات الآلاف من المدنيين بينهم أقليات مسيحية وأيزيدية وخطف نساء وقتل عشرات آخرين، خلال الأسابيع الأخيرة.
أ ف ب