ذاكرة / شيرين صالح

 

 

 

 

 

              خاص : BUYERPRESS

تحدّي الماضي للحاضر هو خدعة الذاكرة الحذرة من أعقاب الرحيل المستمر،إنّه غروب مفرط (دون تخلّ) في عتمة الترقّب والانتظار ولذّة القلق.

أصبح الوقت في حالة فوضى يبدأ من كلّ جديد، ينتظر ليصبح ذاكرة ساخرة عاجزة أمام ذكوريّة النّسيان.

إنّها لغة مكثّفة بذواتها المخمّرةالرغبات، أيُّ أعماقٍ جبّارة يمتلكها الوقت في بقاءه حيّاً لهذا الحد.

إنّه شكل حي يظلّ في حالة تشكّل دائم وولادة مستمرّة وبحث في أعماقنا الذي بات منهمكاًمن كونه واضحاً مهزوماً من شبح الذكريات، إنّنا نتوقّع تلك الحالة نفسها ثم نتظاهر بالذكاء،أمّا الوقت فهو اختزال حدث سريّ مباغت لجميع توقّعاتنا مع تنبؤٍ مبهميخترق مآسينا، أحزاننا وأفراحنا التي باتت باباً مغلقاً غير ملاحظ… أصبحنا والزمن حواسّاً سريّة فاضحة، نحاول نحن البشر الاختفاء فزعاً وراء عذاباتالآخرين، في حين يختار الزمن كلّ واحد منّا على حدى لا مجتمعين بشيء، كلّ واحد ذو تجربة منتقاة خاصّة في ظلّ صمتٍ مطبق .

نحن في حالة انتظار طارئ دون أن ندري، إنّنا نتزاحم تحت ظلٍّ ضئيل لتحقيق ما نريد حتّى لو كان بقاءنا مرّاً نتمسك بأمنياتنا حتّى الهلاك، ألسنا أقوياء وأشدّاءإذاً؟

نشنّ حروباً مع ما لا نراه ولا نتخيّله (الوقت)، نتعارك في جوٍّ ممتلئ باحتمالات الريبة والخسارة.

باتت حواسّنا في حالة فوضى غير مصنّفة وفقاً لمواطنها الخلقيّة، نتصنّع كلّ الأدوار هلعاً بنيّة إذهال المخيّلة المكدّسة بجميع اللغات دون الوضوح، ثم خلسةً نستسلم ونتوب لنترك للوقت التّمادي بسلطاته وقت وأين ماشاء.                                                                                  فالشيء المهم أن نخلد على وسادة قرار ما، مع مصالحة مع اللحظات التي لطالما استبقت رصاصاتها فوهتنا الخجلة المنحنية.

المهم أن لانكف عن الإيمان أملاً برأفة وحنان من الذاكرة ويقيناًبأعجوبة الحياة هذه التي تستنفر ثنايا أجسادنا الهزيلة.

إنّنا بشرٌ مجرّدون وممتلئون بالذكريات ذات القلاع الحصينة الهادئة والمبتسمة، لاتفيدنا الراحة بشيء،لكن الدافع هو ما نحيا به في كلّ جديد.               إنّه إبداع التّقويم الغريب الأشد ذهولاً وقوّةً على الإطلاق، إنّها (الذاكرة)،الأجوبة الضبابيّة الملحّة التي تصرفالنّظر إلينا،إنّه شروق باهر ورحيل مستنفر يتربّص بنا بعيون ساهرة لتختار لنا كلمات محظورة حذرة بآنٍ واحد.