خاص- Buyer
منذ عام 2013 وتشهد مدن مقاطعة الجزيرة مشكلة انعدام التيار الكهربائي التي بدأت تدريجياً نهاية 2011 مع تنامي الصراع السوري- السوري وانسحاب القوات النظامية من مختلف مناطق الجزيرة.
بعدما فَقَدَ أبناء مدن مقاطعة الجزيرة ومنها مدينة قامشلو، الأمل بعودة التيار الكهربائي إلى ما كانت عليه قبل 2011، بدأ البحث عن حلولٍ بديلة، فكان الحصول على التيار الكهربائي عن طريق مولدات تعمل بمحركات الديزل هو أفضل حل، لكن ذلك الحل الإسعافي لم يلبث وتحوّل إلى مشكلةٍ أخرى لدى الأهالي.
أكثر من 300 مولدة تؤمّن التيار الكهربائي لـ قامشلو:
يقول “رمضان درويش” نائب الرئاسة المشتركة لبلدية قامشلو غربي، هناك أكثر من /300/ مولدة مرخصة تمدّ مدينة قامشلو بالتيار الكهربائي، وتقوم البلدية بتأمين مادة المازوت لهم بسعر /42/ ليرة سورية.
ويؤكّد “محمد حسن” صاحب مولدة بجانب مستوصف الهلالية، كلام “رمضان” بخصوص تأمين المازوت، لكنه يشكو من نزاهة أصحاب صهاريج المازوت.
يقول: «عداد صهريج المازوت غير دقيق فيكلفنا لتر المازوت الواحد /50/ ليرة سورية بدلاً عن /42/، وكما نعلم جميعاً أن سعر الزيت أيضاً ارتفع من /1000/ ليرةٍ سورية إلى /1800/».
اعتماد أبناء قامشلو على المولدات كحلٍ بديل عن غياب التيار الكهربائي، لم يُنهِ المشكلة، بل زادت من أعباءهم في الكثير من الأحيان، بسبب مزاجية أصحاب المولدات في عدم الالتزام بتوقيت تشغيل المولدة وإطفاءها، أو حتى التفاوت في سعر الأمبيرات بين حيٍ وآخر.
عدم التزام أصحاب المولدات بمواعيد التشغيل أبرز أسباب امتعاض المُشتركين:
يقول “عبدالله مراد أبو محمد” من حي الهلالية: «صاحب المولدة لا يلتزم بمواعيد التشغيل ولا حتى الإطفاء، من المفروض، أن يُشغّل من الساعة /1/ ظهراً ويُطفئها /4/ عصراً ويعيد تشغيلها من جديد في السابعة مساءً ويُطفئها منتصف الليل عند الساعة /12/، لكنه كل يوم يعتمد على توقيت مختلف، وإما يتأخر نصف ساعة عن التشغيل، أو يسبق نصف ساعة في الإطفاء، طبعاً بذلك يكون قد وفّر كمية من المازوت على حساب حرمان المشتركين من ساعة كهرباء».
شكاوي المشتركين لا تتوقف عند عدم الالتزام بمواعيد التشغيل، بل تتعدى إلى اتباع بعض أصحاب المولدات اسلوب التقنين.
وعن ذلك يتحدّث “خليل أبو علي” /اسم مستعار/ وهو صاحب مولدة في حي قناة السويس: «نلجأ إلى التقنين في فصل الصيف وبالتحديد في فترة الظهيرة، بسبب ارتفاع درجة حرارة المولدة نخشى حدوث عطل، لذلك نفصل كل قاطع ربع ساعة بالتناوب لتخفيف العبء عن المولدة».
فيما يشتكي بعض المشتركين من التفاوت والاختلاف في سعر الأمبير بين حي وآخر، دون مراعاة تعويض الساعات الإضافية.
سعر الأمبير الواحد لا يتجاوز 1200 إلا في حال زيادة عدد ساعات التشغيل:
يقول “رمضان درويش” نائب الرئاسة المشتركة لبلدية قامشلو غربي لـ Buyer: «قرار البلدية كان واضحاً بخصوص سعر الامبير، وهو /1100/ ليرة لكل آمبير في حال تشغيل المولدة /8/ ساعات للمولدات التي تعمل على خط واحد، و/1200/ ليرة للمولدة التي تعمل على خطين دون إطفاء حتى بوجود التيار الكهربائي».
وأضاف، «هناك بعض المولدات تحدد سعر الأمبير بـ /1300/ ليرة سورية لكنها تمنح المشتركين /9/ ساعات، وأحياناً يكون هناك اتفاق بين المشتركين وأصحاب المولدة على زيادة عدد ساعات تشغيل المولدة، في هذه الحالة يزيد مبلغ /100/ ليرة عن كل ساعة زيادة».
ليس دائماً الشكاوي تبقي كما هي، بل هناك بعض الأحياء لا يتعرض المشتركون فيها لأي ابتزاز من جانب أصحاب المولدات، إذا يقول “هوزان برفو” وهو أحد المشتركين في مولدة بحي الهلالية- المستوصف: «أنا راضٍ كلياً عن مولدتنا، أسعار الاشتراك وساعات العمل مناسبة جداً، كما أن توقف المولدة عن العمل قليل الحدوث، وأعلم بأن ربح صاحب المولدة قليل، لغلاء أسعار القطع الميكانيكية والتصليح في الصناعة».
ويوافقه الرأي “خليل جلبي” من المشتركين في نفس المولدة: «ليس لدي أي شكوى بخصوص المولدة، فعند حدوث أي عطل – وقد كثرت الأعطال مؤخراً بسبب موجة الحر- يسرع صاحب المولدة بإصلاحها بأسرع وقت ممكن، ورغم أن ساعات عمل المولدة تبلغ الثمانية وهي أقل من ساعات المولدات الأخرى في المدينة والبالغة تسعة ساعات فإن سعر الأمبير مناسب ونحن راضون تماماً عن هذا الأمر».
في الوقت الذي يبدي صاحب المولدات امتعاضهم من بعض المشتركين نتيجة عدم الالتزام بدفع مستحقاتهم الشهرية من ثمن الامبيرات.
أصحاب المولدات لهم شكواهم أيضاً ويتذمّرون من المُشتركين:
ومنهم “محمد حسن” صاحب مولدة بجانب مستوصف الهلالية الذي يقول: «لديّ مولدتين بجانب مستوصف الهلالية، معاناتي الأكبر هي عدم تقدير المشتركين لي ولخدماتي، أذهب لإصلاح أعطالهم متى ما كان، كما أبدل لهم القواطع بدون أي مقابل، أقدم الكهرباء للمشتركين – البالغ عددهم /300/ منزل- لثمان ساعاتٍ متواصلة بسعر /1200/ ليرة للأمبير الواحد، ولكن إذا ما حدث عطل في المولدة وانقطعت الكهرباء لعشرة دقائق بعض المشتركين يطلبون تعويضها».
ويضيف: «بعض المشتركين يرتكبون أخطاءً فنية قد تؤدي إلى تعطل المولدة بالكامل، ورغم أن البلدية تدعو للشكوى ضدهم، لكني لا أفعل كون المشتركين أهلي وجيراني ومن معارفي، لذلك أدعو المشتركين أن يصبروا على الأعطال التي تحدث، فالبلدية تسمح لي أن أوقف المولدة عن العمل /6/ أيام في حال وجود عطل».
يقول “رمضان درويش” نائب الرئاسة المشتركة لبلدية قامشلو غربي: «أبلغنا أصحاب المولدات بان لديهم مهلة /6/ أيام لإصلاح المولدة وإعادتها للخدمة في حال وجود عطل».
لا يمكن بيع وإزالة المولدة من الحي إلا بموافقة البلدية:
في حيّ الهلالية يشتكي المشتركون بتكرار الأعطال وعدم التزام صاحب المولدة بمواقيت التشغيل، ويتوعد دائماً ببيع المولدة بحجة عدم قدرته على التصليح.
وعن ذلك يقول “درويش”: «لا يمكن لصاحب أيّ مولدة بيعها او إزالتها من الحي إلا بمراجعة كومين الحي والبلدية، ونحن اتفقنا مع جميع أصحاب المولدات أنه ليس من حقهم بيع المولدة إلا بمراجعة البلدية».
ويضيف: «في حال عدم قدرة صاحب المولدة على الاستمرار، تشكل البلدية لجنة لتقييم ثمن المولدة وتقوم بشراءها بالتعاون مع المشتركين الراغبين بدفع جزء بسيط من ثمنها، وبالتالي سيكون شريكاً في تلك المولدة وسيدفع جزء من سعر الأمبير حسب المتفق عليه».
مع ذلك تبقى الشكاوى موجودة من جانب الطرفين، خاصة أصحاب المولدات الذين تثقل كاهلهم الأعطال المتتالية لأسباب مختلفة منها طبيعة ونوعية المازوت.
فيقول “أبو رياض” /اسم مستعار/ صاحب مولدةً في حي الكورنيش: «السبب في تعطيل المولدات أولاً من نوعية المازوت والزيت والمولدات بشكل عام هم تحت حمل كبير».
ويضيف: «مولدتي توصل الكهرباء لحوالي 300 بيت وسعر الأمبير الواحد لكل منزل منذ فترة كانت 1500ليرة سورية وذلك بإعطاء عشر ساعات كهرباء لكن الآن أصبحت 8 ساعات بـ1200ليرة، مع ذلك يشتكي قسم من المشتركين بسبب عدم القدرة على دفع ثمنها، منهم من يقول نريد 9 ساعات وقسم يقول نريد 8 ساعات كل مشترك يريد بشكل مختلف، نحن أيضاً أصحبنا محتارين مع المشتركين».
مشكلة أعطال المولدات لن تنتهِ، كما لن ينتهِ تذمر المشتركين ولا امتعاض أصحاب المولدات، فهي معادلةٌ مستعصية عن الحل، وحصول الأهالي على التيار الكهربائي بواسطة المولدات تحوّل من حلٍّ إسعافي منذ 2013، إلى مشكلةٍ دائمة قد ترافق أبناء مقاطعة الجزيرة دهراً طويلاً، ما لم تبحث الإدارة الذاتية عن حلولٍ ناجعة لإعادة التيار الكهربائي للمنطقة إلى ما كانت عليه قبل 2011.
نشرت هذه المادة في العدد (65) من صحيفة “Buyerpress”
بتاريخ 15/7/2017