مطحنة عامودا.. عقود من الإنتاج دون توقـّف

خاص – Buyer

هي مَعْلَمٌ من معالم عامودا، نقطة علّام بارزة لسوقها، بها يستدلّ على الكثير من المعالم الأخرى، يتجاوز عمرها ثمانية عقود، وعنها يتحدّث عابري السبيل. قبل عشرات السنين أتينا بقافلة حميرٍ محمّلة بالأقماح واتجهنا صوب المطحنة، طحننا ما لدينا من مونة، ثم عدنا أدراجنا إلى قرانا، يقول عجوز ستينيّ.

مطحنة عامودا الشهيرة والتي تتربع على مساحة أرض واسعة، قرب نهر عامودا، إضافة إلى مساحة من الأرض والدكاكين أمامها وتابعة لها، تقع وسط مركز المدينة. يقول بوظو حاج خلف أحد أبناء الحاج نجيم خلف الذي قضى جلّ سنين عمره في إدارة المطحنة:” جدي من مواليد عام 1915، وبدأ بالعمل هنا في هذه المطحنة في العام 1930، كان عمره حين بدأ العمل في المطحنة 15 عاماً، ثم عمل والدي أيضاً هنا، في هذه المهنــة”.

وعن بدايات العمل في المطحنة يقول حاج خلف:” كانت المطحنة لعائلة هنيدي وهي عائلة من المكوّن العربي من محافظة دير الزور، وكذلك فأن باقي المطاحن في عموم سوريا كانت تعود ملكيّتها لتلك العائلة العربيّة، كان للعائلة وزير في الحكومة السوريّة، وكان قد استلم مديريّة المطاحن، لذا كانت معظم المطاحن ملكاً لهم”.

وحسب ما يروي عن ملكية المطحنة فأنهم اشتروا هذه المطحنة عام 1974 من عائلة “هنيدي” ويعمل فيها من ذاك الوقت حتى الآن، وقبله كان يعمل فيها والده وقبل ذلك كان يعمل فيها جده، وكل ذلك العمل كان بصفة كعمال.

ويشرح حاج خلف عن بعض مراحل تطوير المطحنة حيث أنه في البداية ” كان للمطحنة مخرجين أحدهما للطحين والثاني للبرغل، كما كان هناك مخرج للشعير أيضاً، ونحن من جهتنا أضفنا لها مخرجين آخرين. الآن لدينا مخارج للطحين والبرغل والشعير والعدس وحتى السميد”.

وعن بعض المشاكل التي تعتري العمل في المطحنة يقول حاج خلف:” أحيانا بعض أنواع البرغل المغلي بشكل زائد يصبح لزجاً وتؤثر هذه اللزوجة على حجر الطحن وبالتالي على عمل المطحنة، حيث يصبح تدوير حجر الرحى ثقيلاً. بالنسبة للطحين لا يوجد له استعمال كثير أيامنا هذه، من يريد من الزبائن نقشر له القمح بالقشارة ثم نطحنه، لينتج طحينا أبيضاً”.

ويبيّن حاج خلف أقسام المطحنة ومنها فرازة البرغل، فبعد طحن البرغل يوضع في الفرازة التي تقوم بفصل أنواع البرغل والسميد، وهذه النخالة الباقية تباع كعلف للحيوانات.

ويتابع :” أما في مخرج “حَبّ القمح”، فنقوم بتبليل وترطيب حبات القمح هنا ليصبح طرياً، ويكون العمل حسب طلب الزبون، وبعد تقشيرها يقوم هذا المخرج بصنع برغل للمامونية، للمنازل وليس للمحلات. وهذه القشارة تقوم بتقشير حبات القمح المبللة فقط، حيث نضعها على الأرض ونرش عليها الماء، وحصراً يجب أن يكون القمح من النوع القاسي”.

وعن أسعار العمل بين الماضي واليوم, يعود حاج خلف بالذاكرة إلى ايام السبعينات حيث يقول:” أتذكر في عام 1974 كنا نطحن الكيلو بقرشين وكيس المئة كيلو بليرتين، والآن نطحن الكيلو بعشرة ليرات، سابقاً كنا نعمل ليلاً ونهاراً لكن الآن قل عملنا من ساعتين إلى ثلاثة ساعات في الأسبوع، والسبب هو الهجرة الكبيرة”.

كما يشير بوظو حاج خلف إلى عملية صنع الجليد “البوظ” في المطحنة التي تعمل فيها صيفا إذا يقول:”  تستغرق عملية صنع قالب البوز 24 ساعة، والإنتاج اليومي يتراوح ما بين مئتين ومئتين وخمسين قالب، وهذا العمل يتطلّب توافر الغاز الخاص بمعامل صناعة الجليد”.