إلى أي مدى يمكن أن تذهب واشنطن في المواجهة بسوريا

Buyerpress

تتواتر تصريحات المسؤولين الأميركيين بشأن عدم سعي بلادهم أو رغبتها في الدخول في مواجهة مع روسيا في سوريا مع التأكيد على التمسك بحق الدفاع عن النفس.

وأسقطت الولايات المتحدة الثلاثاء طائرة مسيرة إيرانية من نوع “شاهد 129” “أظهرت نية معادية وتقدمت صوب قوات التحالف” بالقرب من قاعدة التنف جنوب سوريا، فيما كشفت بيانات عن تقليص التحالف الدولي الرقعة الجغرافية لنشاطه الجوي الذي انحصر في الرقة.

وكان المتحدث باسم عملية “العزم الصلب” للتحالف الدولي قد أعلن في وقت سابق عن تغييرات أُجريت على مناطق عمل طيران التحالف في سماء سوريا.

يأتي ذلك فيما تشهد الساحة تصعيدا غير مسبوق ترجمه تعليق موسكو العمل بمذكرة أمن الطيران في الأجواء السورية، وتهديدها باستهداف أي جسم طائر للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة غرب نهر الفرات.

الموقف الروسي الحاد جاء عقب إسقاط التحالف الدولي، الأحد، طائرة من طراز “سو-22 ” تابعة لسلاح الجو السوري في محافظة الرقة (شمال شرق سوريا)، ردا على استهدافها لموقع تابع لقوات سوريا الديمقراطية.

وهذه المرة الأولى التي يسقط فيها التحالف طائرة حربية سورية في خضم الحملة الجوية الواسعة التي يخوضها منذ العام 2014 لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية، والتي يعتمد فيها بشكل رئيسي على قوات سوريا الديمقراطية وهي تحالف من مجموعة من الفصائل تشكل وحدات حماية الشعب الكردي عمودها الفقري.

وجدد المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر أن “الولايات المتحدة تحتفظ بحقها في الدفاع عن نفسها في سوريا، إلا أن ذلك لا يعني بالمرة الدخول في مواجهة مع روسيا”.

وفي وقت سابق صرح المتحدث باسم القيادة الوسطى الأميركية الكولونيل جون توماس بأن الأحداث الأخيرة “تعكس ساحة معركة معقدة ومتشعبة، فيما نواصل محاولة العمل بشفافية والإبلاغ عن نوايا تحركاتنا ليكون واضحا أننا نركز فقط على هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا”.

بالمقابل رفض دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئاسة الروسية “الكرملين”، الثلاثاء، الخوض في احتمال أن تسفر الأوضاع الحالية في سوريا عن نشوب حرب مفتوحة بين موسكو وواشنطن، مشددا على أن تصرفات الولايات المتحدة “تقلق” بلاده.

ورغم تصريحات المسؤولين الأميركيين العلنية حول أن الوجود الأميركي في سوريا يستهدف بالأساس تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن معظم المحللين على قناعة بأن الطموحات الأميركية في سوريا تتجاوز هذا السقف بكثير، وإلا لما امتد عمر الصراع في هذا البلد إلى سبع سنوات.

ويشير هؤلاء إلى أن الولايات المتحدة تسعى اليوم بشكل واضح للسيطرة على الحدود العراقية السورية وإحكام قبضتها على الجنوب السوري، رغم أن داعش ليس له وجود مؤثر في هذا الشطر على الأقل.

ونشرت الولايات المتحدة الأميركية مؤخرا قاذفات صواريخ بعيدة المدى من نوع “هيمارس” في قاعدة التنف بجنوب سوريا.

وأكّد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن نشر الولايات المتحدة أسلحة إضافية بما فيها راجمات الصواريخ قرب الحدود العراقية والأردنية غير مبرر.

وأوضح لافروف “المعلومات التي تتوافر لدينا أنه ليست هناك أي مجموعة تابعة لتنظيم داعش في المنطقة لذا يعتبر نشر راجمات الصواريخ غير نافع في مكافحة التنظيم”، مضيفا “يقول الكثير من الخبراء في روسيا وغيرها من الدول إن هذا النشر محاولة لخلق مجموعة قتالية إضافية لن تسمح بإحلال الاستقرار وتحقيق الاتصال بين القوات الحكومية والرديفة في سوريا وشركائها في العراق”.

وكانت الولايات المتحدة قد قصفت في أكثر من مناسبة خلال الأشهر الأخيرة قوات تابعة للنظام السوري في الجنوب الشرقي من البلاد. وآخرها في 6 يونيو الجاري.

القصف الأميركي للقوات السورية والميليشيات الإيرانية الداعمة لها، اعتبره متابعون آنذاك تغيرا واضحا في الاستراتيجية الأميركية لجهة السعي إلى تحجيم النفوذ الإيراني، وأيضا إعادة تعديل الكفة بعد أن اهتزت على وقع التدخل الروسي المباشر في الصراع السوري في العام 2015.

ويلفت المتابعون إلى أن إسقاط الطائرة السورية يعزز حقيقة هذا التغير، ويقول الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بيل روجيو إن “المهمة الأميركية في سوريا تتحول بشكل خطير من عمل ضد تنظيم الدولة الإسلامية إلى طرف في الحرب الأهلية السورية”.

ويتساءل البعض اليوم عن مدى قدرة الولايات المتحدة على السير بعيدا في تحقيق أهدافها، وماذا في جعبة الطرف المقابل الروسي والإيراني في هذه المواجهة المفتوحة على جميع الاحتمالات.

ويقول خبراء إن واشنطن أمام ما أبدته روسيا وطهران التي أطلقت بعد إسقاط الطائرة السورية صواريخ باليستية من أراضيها في اتجاه دير الزور (شرق)، ستعيد مراجعة كيفية التعاطي مع المشهد هناك، حيث أنها بالتأكيد لن ترغب في الدخول في مواجهة مباشرة مع الروس.

ويضيف هؤلاء أن الإدارة الأميركية الحالية وإن كانت تبدي اندفاعا كبيرا بيد أن إدارة الرئيس باراك أوباما السابقة بترددها في التدخل أكثر في هذا الملف، قلصت من خياراتها في هذه الساحة. ويرجح مراقبون أن تسعى واشنطن إلى إعادة تفعيل التواصل مع الجانب الروسي بعد أن قامت موسكو بتعليقه. ويؤكد هؤلاء أن الخيار الأفضل أمام الولايات المتحدة يبقى التعاون مع روسيا للوصول إلى مساحات مشتركة تسمح بالتوصل إلى تسوية لهذا الصراع.

وأربك التصعيد الجاري في سوريا الدول المشاركة في التحالف الدولي، حيث سارعت أستراليا إلى تعليق عملياتها الجوية في هذا البلد.

وقالت وزارة الدفاع الأسترالية في بيان الثلاثاء، إنها أوقفت عملياتها الجوية في سوريا كإجراء احترازي مؤقتا. وأشارت إلى أن التعليق يقتصر على سوريا فقط ولا يشمل العمليات في العراق.

وذكرت الوزارة الاسترالية أنها تراقب الوضع في الأجواء السورية عن كثب، وأنها ستستأنف عملياتها عندما يحين الوقت المناسب.

روسياسورياقاعدة التنفقوات سوريا الديمقراطية