اندونسيون فارون من الرقة يروون رحلتهم إلى “أرض الخلافة” و”أكاذيب” الجهاديين

فرانس برس- Buyerpress

قبل نحو عامين، غادرت ليفا بلدها اندونيسيا لتعيش في ظل “الخلاقة الاسلامية” في مدينة الرقة، ظنا منها أنها ستجد حياة أفضل، لكنها تروي اليوم في مخيم للنازحين فرت إليه أخيرا في شمال سوريا “أكاذيب” الجهاديين.

قبل أربعة أيام وعلى وقع تقدم قوات سوريا الديموقراطية (تحالف فصائل عربية وكردية) داخل مدينة الرقة، فرت ليفا و15 اندونيسيا آخرين من مدينة الرقة، معقل تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا.

في غرفة صغيرة في مخيم عين عيسى الواقع على بعد 50 كيلومترا شمال الرقة، وبلغة انكليزية ركيكة تخللتها بعض الكلمات العربية التي تعلمتها على مدى 22 شهرا في الرقة، تروي ليفا (38 عاما) لماذا اختارت وعائلتها الانتقال إلى مناطق سيطرة الجهاديين في سوريا.

وتقول “حين كنا في اندونيسيا، كنا نحصل على المعلومات عبر الانترنت ونقرأ أن الدولة الاسلامية هي المكان الأفضل للعيش، وأن ليس هناك أي مكان آخر على الأرض لتكون مسلما حقيقيا”.

وتضيف أنها تعاني من “مشاكل صحية وبحاجة إلى عملية جراحية في عنقي وهي مكلفة كثيرا في اندونيسيا”، وسمعت أن “لدى داعش كل شيء مجاني (…). جئنا إلى داعش لنكون مسلمين حقيقين ومن أجل وضعي الصحي”.

تواصلت ليفا مع جهاديين عبر الانترنت أبلغوها بالطريقة المناسبة للوصول الى سوريا، وسمعت منهم وعودا كثيرة بأنهم سيعيدون لها ثمن “تذاكر الهجرة”، وأن رجال العائلة سيحصلون على وظائف برواتب عالية.

في الرقة، تبين أن الوضع مختلف تماما. وفرت ليفا من دون حتى إجراء العملية الجراحية.

ولا يمكن التحقق من صحة رواية أفراد المجموعة الـ16 الموزعين على ثلاث عائلات، وهم ثماني نساء وثلاثة أطفال وخمسة رجال. إلا أنها تتطابق مع شهادات آخرين فروا من حكم تنظيم الدولة الإسلامية.

ودخلت العائلات الاندونيسية هذه إلى سوريا عبر تركيا التي شكلت خلال السنوات الماضية معبرا لمئات الأجانب ممن التحقوا بصفوف الجهاديين، قبل أن يخسر التنظيم المتطرف العام الماضي المنطقة الحدودية مع تركيا، على وقع تقدم المقاتلين الأكراد والعرب، وفي بعض المناطق القوات التركية التي نفذت عملية عسكرية واسعة في شمال سوريا دعما لفصائل معارضة خلال الأشهر الماضية.

– “مجرد اكاذيب” –

في الغرفة الصغيرة في عين عيسى، يلعب أطفال بين أمهاتهنّ على فرش ملونة، وتلوح فتاة بزجاجة مياه فارغة حولتها إلى مروحة تخفف عنها درجات الحرارة المرتفعة.

وتجلس نور (19 عاما) على الأرض، وتحاول أن تجري اتصالات عبر هاتف خلوي. ثم تروي الفتاة التي وضعت على رأسها حجابا رملي اللون أن عددا من الرجال بعد وصولهم إلى الرقة، “دخلوا إلى السجن، ومنهم والدي وشقيقي”. إذ لم يتحقق حلمهم بحياة أفضل في ظل حكم تنظيم الدولة الإسلامية الذي كان وعدهم، على حد قولها، بالوظائف على أنواعها وليس فقط بالقتال.

وتضيف “حين وصلنا إلى (مناطق) داعش، تبين أن كل شيء مختلف عما قرأنا عبر الانترنت، كلها مجرد اكاذيب”.

ومنذ سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مدينة الرقة، يعيش سكانها في خوف دائم من أحكام الجهاديين المتشددة. ويغذي هؤلاء الشعور بالرعب من خلال الإعدامات الوحشية والعقوبات من قطع الأطراف والجلد وغيرها التي يطبقونها على كل من يخالف أحكامهم أو يعارضها.

وعانت نور طوال العامين من ملاحقة الجهاديين لها للزواج، حتى أن أحدهم أوقف شقيقها مرة داخل متجر ليسأله “هل لديك ابنة أو شقيقة؟ أريد زوجة”.

وأصرّت نور على رفض كل من تقدم لها، وتقول “جميعهم مطلقون، يتزوجون لأسبوعين أو شهرين”.

وتقول المسؤولة في مخيم عين عيسى فيروز خليل لوكالة فرانس برس أن قوات سوريا الديموقراطية تحقق مع أفراد المجموعة الاندونيسية. وبعد انتهاء التحقيق، سيتم إرسال أفراد المجموعة إلى أربيل لتسليمهم لاحقا إلى سفارة بلادهم في العراق.

وتضيف خليل “بحسب ما فهمنا منهم، فقد غرر (الجهاديون) بهم. اكتشفوا أن الصورة التي رسموها للدولة الإسلامية كانت خاطئة”.

وتشير إلى أنهم كانوا يحاولون الفرار منذ عشرة أشهر ولكن الحظ لم يحالفهم سوى منذ أيام قليلة.

وتعتقد السلطات الاندونيسية أن ما بين 500 و600 مواطن اندونيسي من رجال ونساء وأطفال يتواجدون حاليا في سوريا.

ولم يتمكن 500 آخرين من الوصول إلى سوريا اذ تم توقيفهم في تركيا ودول أخرى قبل ترحيلهم مجددا إلى بلادهم.

ووثقت السلطات الاندونيسية عودة 63 شخصا إلى البلاد من سوريا. ولا يواجه هؤلاء مصاعب كثيرة، إذ يتم التحقيق معهم سريعا قبل إطلاق سراحهم مجددا من دون أي رقابة، وفق ما يقول محللون.

وتعاني اندونيسيا، أكبر بلد مسلم من حيث عدد السكان، منذ سنوات طويلة من مجموعات إسلامية متشددة نفذت فيها هجمات دموية عدة.

وفاقم تنظيم الدولة الاسلامية الأوضاع سوءا، خصوصا بعد مبايعة جماعة محلية له. وتبنى التنظيم المتطرف الشهر الماضي هجوما في جاكرتا أودى بحياة ثلاثة رجال شرطة.

أندونيسياالرقة