Buyerpress
استبعد الكاتب الصحفي “مصطفى عبدي” أن يكون لروسيا أي دور في القصف التركي على مقر وحدات حماية الشعب في جبل قره جوخ.
معتبراً أن التحركات التركية في المنطقة، تهدف إلى ضرب الصعود الكردي في سورية ومحاولة الحدّ من المكاسب التي يحققونها مع حلفائهم العرب سياسياً وعسكرياً.
لافتاً إلى أن الكرد تجاوزوا مسألة ربط مكتسباتهم بالعامل الخارجي وحده المتمثل بروسيا والولايات المتحدة، معتمدين على الركائز الواقعية، لمواكبة الفوضى المندلعة في المنطقة بصورة أكثر منطقية باتباع سياسة الانكفاء الذاتي والاعتماد على النفس.
=============
وفيما يأتي نص الحوار كاملاً:
– تؤكد التسريبات أن هناك اتفاق روسي تركي, وقصف قره جوخ كانت صفقة تركية روسيّة لعرقلة حملة الرقّة. ما هو تقييمك للموضوع؟
لا أعتقد أن للروس أي دور في ذلك، فمنطقة الاستهداف هي منطقة نفوذ أمريكية، والقصف تم بناء على معلومات استخباراتية تركية على ما يبدو بوجود قادة كبار من “PKK” في الموقع، وتركيا كانت تتوقع أنها ستنجح في استهدافهم لتحقق هدفين. الأول هو التخلص من هؤلاء القادة، وثانيا أن تثبت للأمريكان روايتها الدائمة أن حزب العمال الكردستاني يقود معاركه ضدها من خلال قواعد إنشائها في سوريا، خاصة وأنه نشرت تقارير إعلامية قبل يوم واحد قبل من القصف تفيد بوجود اجتماع كبير لقادة “PKK” في الموقع نفسه.
– تشير التسريبات المعلنة والسرية أن اتفاق آستانة هو تهيئة لمناطق آمنة في الداخل السوري منها إدلب وشمال حماة وحمص, دمشق ودرعا, ولن تكون مناطق روجآفا ضمن المناطق الآمنة. ألا ترى أنها جائزة مقدّمة لتركيا؟ ماهي الأسباب برأيك؟
لم يعد خافيا أن التحركات التركية في المنطقة باتت تهدف إلى ضرب الصعود الكردي في سورية ومحاولة الحدّ من المكاسب التي يحققونها مع حلفائهم العرب سياسيا وعسكريا، فتركيا تصرّ على وصف قوات سورية الديمقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب عمودها الفقري ”بالإرهابية” وهي من أبرز القوات الحليفة للولايات المتحدة؛ في وقت تكون فيه أقل حدّة في التعامل مع فصائل تابعة للقاعدة. وتدعم العشرات من الفصائل الإسلامية المتشددة التي أدرج البعض منها في القوائم الدولية للمنظمات الإرهابية. وعليه فإنه يمكن تفسير أن التحركات التركية العسكرية والسياسية تنحصر في محاولاتها في استهداف تجربة الإدارة الذاتية شمال سوريا، وهي التي كانت تضع الفيتو دائما على حضور الكرد أي مؤتمر دولي يناقش بمستقبل سوريا. ولعل الاتفاق الثلاثي الأخير لتقسيم سوريا لأربع مناطق آمنة قد شمل أيضا الفيتو التركي لعدم تضمين روجآفا أيضا، ولكنها بكل حال لن تكون ذات جدوى وذلك بسبب الانتشار الأمريكي على حدودها مع سوريا شرقي الفرات، والانتشار الروسي في عفرين ومنبج وهو ما يكفي لإبعاد الخطر التركي وإسكات ميليشياته في استهداف الكرد.
– الهدف الرئيسيّ من عملية وقف إطلاق النار هو إفشال المخطط الأمريكي, لعرقلة الأخير من السيطرة على الحدود السوريّة العراقيّة، وعدم تمكّنه من الوصول إلى حدود قوّات سوريا الديمقراطية. إلى أي مدى سينجح هذا المخطّط؟
لا أتوقع ذلك فمناطق القتال مع داعش غير مشمولة بوقف إطلاق النار، أضف إلى ذلك أن قوات سوريا الديمقراطية غير ملزمة بهذا الاتفاق.
– تشير بعض التسريبات أيضاَ ان الاتفاق الروسي التركي يقضي بوجوب تعامل القوات التركيّة مع قوات النظام، وهناك تسريبات بأن تركيا أبدت موافقتها لروسيا على دخول جيش النظام والسيطرة على مناطق روجآفا. ما هو مصير المنطقة سياسيّا وعسكريّاً – برأيك – إن حدث ذلك؟
أعتقد أن الكرد تجاوزوا مسألة ربط مكتسباتهم بالعامل الخارجي وحده المتمثل بروسيا والولايات المتحدة، معتمدين على الركائز الواقعية، لمواكبة الفوضى المندلعة في المنطقة بصورة أكثر منطقية باتباع سياسة الانكفاء الذاتي والاعتماد على النفس والتوجه لبناء قواتهم الأمنية والعسكرية والمؤسسات المتعددة وهو بالتأكيد ساهم بشكل فعال في صمودهم فهم اليوم ليسوا ورقة مهمّشة، يظهرون عند تقاطع مصالح الدول ويختفون متى تصالحوا! بل أصبحوا ذا تأثير قوي على الأرض والآن هم السبب الرئيسي للتناقضات الأخيرة بين واشنطن وتركيا وأصبحوا رقما صعبا في الصراع في سوريا.
لعل الاستراتيجية الأمريكية والروسية المقدسة في محاربة الإرهاب تماهت مع عقيدة وحدات الحماية أكثر من أي لاعب في المنطقة، فهم اليوم قوة عسكرية، لا يمكن تجاوزها بأي شكل، وقادرون على استثمارها كما هو جاري الآن وأي اتفاق لا يمكن أن يتم بمعزل عن إرادتهم حتى ولو واصلت تركيا جهودها لمنعهم. بمعنى أن الكرد في سوريا تجاوزوا جدل القدرية المحتوم في ظل الفوضى، والتبعية الصرفة للعامل الخارجي إلى الاعتماد على الذات، فالموازنة مع الأمريكان كانت جداً مهمة، وكذلك التنسيق مع الروس لكن حجم المناورة الذاتية عادلها الأهمية، مع الاخذ بالحسبان أن المقايضات تجري فعليا ولكنها تتبدل أيضا، والكرد اليوم ليسوا في حالة عدمية وبائسة تماماً كي يستسلموا كلياً للخارج، وخاصة أن هذا الخارج، لأول المرة في الشرق الأوسط يتخلى عن صيغة إنزال الجيوش العسكرية على الأرض لرسم مصالحه، ففكرة الصيغة المقترحة لنظرية الفوضى التي يراهن عليها الكرد اليوم في سوريا تكمن في العامل الذاتي أكثر ما هو موجود في العوامل الخارجية المساعدة، وهي بالتأكيد ليست قدرية كلية.
وبكلّ حالٍ لا يُبدي الكُرد في سورية قلقاً بخصوص المستقبل. فهم يؤمنون بقدرتهم على كسب التّحديات إذا ما حُلّت الأزمة السوريّة. يثق معظمهم بقدرتهم على “لعب السياسة”. وهم يجدون أن حصولهم على “الفدرالية” حقّ مشروع.
إعداد- غرفة أخبار Buyer