كما جرت العادة وتتالت الاحداث المعتادة، كذاك الحلم الذي تحقق في الواقع بلا قصد وإرادة، تأتيك الأشياء الغير مرغوبة في أوقات تجعلك بين يدي الحظ والقدر والسلطة ..ألعوبة ؟ والأشياء المرغوبة المطلوبة لو بحثت عنها حتى في الغوغل والوكيبيديا لن تجد منها معلومة قيد حجم.. بعوضة.
ففي الصيف وبوجود وتوفر صديقنا المازوت، يتحجج الناس بوفرته ويحفظوا منه قوت الشتاء؟ وبقدوم ما يسمى “الزفستان”، بلهيب برده ونفحات ثلجه ومطره كالحيران، يحتار البشر في أي اتجاه يسعفهم بجاعل جبل الجليد في منازلهم إلى حرارة بركان. يسعفنا إلى صديقنا المازوت، الذي يتجول أمام أعيننا بآلاف اللترات وبأضخم وأقوى السيارات، وإن رغبته في الكازية ببضع قطرات، تملئ ماتحمله هواءً وتاركا ورائه في موقع الانتظار أقذر العبارات، تملأه من نفس المازوت ولكن برونقه السياحي، فتجواله تهريبا بين الحارات طوال الليل سهرة صباحي، وسؤالك عن طريق وصوله عيبٌ كاستفسارك عن فلم إباحي، وتبقى الحيرة سيّد الموقف مابين نوعية المازوت وشبح اللوم والنق في المنزل إذا عن جلبه غفوت، فبنات العالم ليست ألعوبة بين يديك، تخطفهم من قصور والديهم الاستوائي الطقس، وتحبسهم في سيبيريا والديك، فعند عوز المازوت، يتلاشى المساواة بين المرأة والرجل وحقوقها تضمحل، وتصبح أنت فقط بشتى الطرق الدبلوماسية والقمعية الذيب والفحل, ومن يقع على عاتقه هذا المصاب الجلل، بتعاطي هذا الافيون أمام الكازيات دون كمشة أمل.
ياصديقي اطلب مني ماتتمناه، البيت والسيارة والدنانير، فرغبتك لك حاجة ولنا مافي أحلامنا نتمناه، فالذيب طلبك وخسى لي من شغاف القلب، عن الافيون والهيرويين أستبدل هذا الطلب، وعن عشرون لتر من المازوت لاتقترب، فالباحث عنها في ظروف الحاجة الماسة، أهون من التنقيب عن الذهب والماس، في تلك الظروف الاستثناضميرية، تغيب الرحمة ونصرة الملهوف في قلوب أغلب المتحكمين في توزيع هذه المادة، ويالها من محاسن الصدف بحلول الثلوج والأمطار الغزيرة، في أيام ندرة هذه المادة أو زيادة الطلب عليها من كافة النواحي، وفي نهاية مأساتنا النورمالية الشتوية تبقى صوبيا العم بافي جعفر الجهنمية الصيت، وبسبب شح المازوت في برميله، يقطر بنقاط تتوافق مع سرعة سيروم دكستروز لمريض يعاني من سوء تغذية، ويقول بافي جعفر كلمته المعتادة: الصوبيا لاتدفىء نفسها، ملقين اللوم على نوعية الصوبيا، غاضين الطرف عن قلة القطرات الكافية لاشعال الاأتون في صوبيته الجهنمية، ويستمر مسلسل الالتحاف ببطانيات الازمة ومبررات البرد الربانية بإلصاقها كما جرت العادة بالأزمة والأحداث والحصار، رغم أنها لاتشفي غليل هذا الكم من الدمار والانهيار في جميع مفاصل ومتطلبات الحياة الضرورية، ياصديقي المازوت إن جئت أهلا وأن لم تأتِ فلا حول ولاقوة إلا بالله ملاذنا، فهو حسبنا وإليه الشكوى مهما باليأس والفرار لذنا، ياصديقي هناك بلد يعيش على خراب الحرب وقد جرب فيه أسلحة ماهبّ ودبّ، وقد أصبحت أنت ومشتقاتك من سلع ويلات هذا الغضب، فألطف بنا وتوفر بوفرة في الأرض، لعلك أحن من ذاك القلب، الذي يمتص من دمائنا ليعبئ ذاك الجبّ الذي لاينضب …
نشرت هذه المقالة في العدد (59) من صحيفة “Buyerpress”