القامشلي، تلك البقعة الجغرافية الناضجة منذ نشأتها الحديثة، قدّمت قامات وخلّدت أسماء قاطنيها على اختلاف مشاربهم في رفوف الذاكرة في عموم المجالات والأصعدة. وكانت المرأة في جنبات المدينة جزءاً فاعلًا في حياة المجتمع، حيث شهدت المدينة في أواسط القرن المنصرم نشاطاً نسوياً ملحوظاً في أغلب الفعاليات والميادين، وكان كذلك لهن حضورهن وشأنهن في الحقل الرياضي.
الحركة الرياضية النسائية كانت في أوجها، من خلال الفعاليات والبطولات النسائية على مدار السنة، حيث بطولات المدارس والفعاليات الرياضية في المناسبات الوطنية، إلى جانب بطولات الأندية. ورغم الصعوبات وضعف الإمكانات المادية، وانعدام شبه تام للصالات الرياضية، كان هناك إقبالاً ملحوظاً من قبل السيدات في ممارسة الألعاب الرياضية، واللواتي استطعن في فترة وجيزة تسلّق منصات التتويج، وقرع أبواب المراكز الأولى في البطولات والفعاليات، وكان بمقدورهن ترك بصمتهمن بجدارة في ذاكرة المدينة.
عطية بنجارو، لاعبة ألعاب قوى، وكرة السلة والطائرة، من مواليد 1957 حاصلة على دبلوم تربية رياضية من مدينة حلب، ولدت في مدينة قامشلو بمحافظة الحسكة، متزوجة من حارس مرمى فريق الجيش والمنتخب السوري ونادي الجهاد سابقاً، جوزيف شمعون.
فازت بالعديد من البطولات المحلية والوطنية في مجال ألعاب القوى، وكرة السلة والطائرة، تعدّ من أهم رياضي المدينة وسوريا. ترعرعت عطية بنجارو في كنفِ أسرة مسيحية، أظهرت موهبة فطرية وهي لم تتجاوز العاشرة من عمرها، خلال ممارستها لكرة السلة في المرحلة الابتدائية من دراستها في مدرسة الفضيلة، ونظراً لموهبتها وقوتها البدنية، تألقت ضمن صفوف منتخب مدارس محافظة الحسكة وسوريا في العديد من البطولات.
استمرت في مشوارها الرياضي، ونالت مع صديقاتها ضمن صفوف منتخب محافظة الحسكة المراكز الأولى في لعبة كرة السلة، وتقلدت المركز الأول عام 1973 في بطولة سورية، برمي الكرة الحديدية، إلى جانب بطولة سورية في سباق 100×4 تتابع. وأضحت خلال فترة وجيزة أبرز لاعبات المدينة والمحافظة.
كانت لها تجربة فريدة ومميزة، مع تدريسها لمادة التربية الرياضية منذ عام 1979، وعلى مدار ثماني سنوات، في ثانوية القادسية للبنات بمدينة القامشلي، حيث حصلت مع طالباتها في فرق كرة السلة وألعاب القوى على عدة بطولات في سوريا.
وفي عام 1983، تألقت مع زميلتها “سوزان مطلوب” بإعداد مهرجان رياضي، وكان الأول من نوعه في المنطقة، باشتراك 1500 طالبة من ثانوية القادسية، حيث تضمن المهرجان أربعة لوحات فنية، ثلاث منها رياضية، وواحدة عسكرية. وتم إحياء فعاليات المهرجان في الملعب البلدي بالمدينة. وبعد تجربة ناجحة في ثانوية القادسية انتقلت في أواخر الثمانينيات للتدريس في معهد إعداد المعلمين “الصف الخاص”.
ضمن فريق كرة السلة لنادي الجهاد، نالت مع زميلاتها ولعدة مرات بطولة الأندية لكرة السلة في سوريا. وضمن مسيرتها الرياضية مع نادي الجهاد كانت أول سيدة على مستوى سوريا تتقلد منصب إداري في نادٍ رياضي، إلى جانب أعمدة إدارة النادي آنذاك السادة شوقي القس، جورج خزوم، وذلك في عام 1982.
لم تقتصر تجربتها في مزاولة الألعاب الرياضية، وعضو في هيئة إدارية، حيث كانت لها تجربة مميزة مع التحكيم، في أكثر البطولات بسوريا. ويعود لها الفضل بادخال وتعميم رياضة الجمباز ولأول مرة إلى مدن الشمال السوري، وذلك في عام 1979.
بنجارو، واكبت في مسيرتها نخبة من لاعبات المدينة “منى حنا، وفاء لحدو” والمتألقات بطلات سوريا في كرة السلة “صوصي مهران، وليلى مورة”. وتقديراً لجهودها ونشاطها المميز في خدمة الشأن الرياضي المحلي والوطني، كانت من ضمن وفد البعثة الرياضية إلى جمهورية العراق وتشيكوسلوفاكيا في عام 1983. إلى جانب تكريمها من قبل أغلب المنظمات الشعبية والرياضية منذ عام 1982. وكذلك تم تكريمها في عام 2007، في العاصمة السويدية ستوكهولم، من قبل نادي الرافدين، أقدم الأندية في القامشلي وسوريا.
نشرت هذه المادة في العدد 57 من صحيفة “Buyerpress’
بتاريخ 15/1/2017