ليس من المستغرب في روجآفا وفصل الشتاء مقبل ببرده وحبات مطره وذراته التي تنهمر على بلّور عيادتي المكسورة لترسم مثل/ ما يقول الشعراء/ قصيدة أو قصّة من قصص جدتي في زمانٍ قد ولّى، وفجأة تندثر الكلمات ويتشتت الخيال العلمي الفلكلوري، وتنفجر خواطر الماضي بوصول الكهرباء من حصتنا اليوميّة التي لا تتعدى الساعة خلال 24 ساعة وتنتشر الأمبيرات والواطات في أسلاك الأدوات الكهربائية الكسولة التي أتمنى أن يكون نظام عملنا مماثلا لعملها القليل جدّا، ومن ضمن تلك الأجهزة/ الراديو/ الذي يجبرني استماعا وانصاتاً للإذاعات الكردية المستحدثة خلال فترة الفوضى والأزمة الحاصلة. وهي من نتاجاتها غير المعروفة إن كانت سلبية أو إيجابية إلى الآن، فعندما تهتزّ الطاولة بقوة 7 ريختر على قهقهة مذيعة مع زميلها الذي لا نعلم ما فعله أو قالهُ حتّى انفجرت العضلات الحنجرية لديها مطلقة أصوات غير مألوفة للضحكة الطبيعية للمخلوقات المصنّفة تحت مملكة الكائنات الراقية أولاً ونسائياً ثانياً.
ولا تستغرب من المواضيع العجيبة الغريبة التي تُطرح على الهواء مباشرة بدون أدنى تفكير أو مراعاة للمستمعين، فعنوان: ما هي أجمل رسالة SMS وصلتك وماهي مضمونها؟ لا يحتاج إلى ساعات حوارية طويلة لإشغال ذهنية الناس بهكذا إبداع ثقافي إذاعي وخاصة في أجواء تشوبها دائما أحداث متجددة بشكل يومي، ومن إيجابيات إذاعتنا أنك لا تميّز المذيع من الضيف، فالعلاقة ومستوى الحوار يلغي الفروق الوظيفية والمدنيّة بخلق نظام عالمي جديد في الإعلام الإذاعي مستندا على خفّة دم ونعنعة المذيع ودلعنته وخشونة ورجولية المذيعة.
وعندما يكون الضيف والمذيع فنان فالمصيبة أكبر حيث، ينسى الطرفان أمام المايك المهام الموكّلة لهم، فالمذيع يستلم زمام المبادرة من أجل تشجيع الضيف على الاسترخاء والدخول في جوّ مضافة خريوش ولكن ما أن يغمض المذيع عينيه مطلقاً ذاك الموال / لو لو / وتمرّ الدقائق على مواله ذو الحرفين ويغادر الفنان الضيف من الملل والانتظار والنظر للوزات المذيع، ومازال صاحبنا يردد وقد دخل مرّة / لى لى / والعين مغلقة على ما حوله، ومع انشقاق بريق عينيه في إذاعته ناسياً موضوع وفقرة الإذاعة، مكمّلا أغنيته وفق نظام الإذاعة القائم على العشوائية التعبوية لأوقات الدوام الرسمي لتواجدهم .
أمّا أن تقوم حسناوات إحدى الإذاعات بإحياء المولد النبوي الشريف بطريقة ليبرالية يسارية، فهي آخر الإبداعات الإذاعية مرفقة هذا الإنجاز كما بقية الإذاعات مرئيا على الفيسبوك بلقطات وزوايا تصويرية “هوليو…عوديّة” لملابسها وتسريحتها التي توحي بأن المناسبة عيد الفصح المجيد، هذه عيّنات مادية وليست مجهريّة للمرض المستشري في إذاعات روجافا المستقلة كما يقولون والتي لا تحتاج إلى خبراء تدقيق وتشخيص الحالة، فتحويل الإذاعة إلى مجالس رصيف مسائية نسائية كما في حاراتنا، يستغرب بها صفة الإعلام أو حتّى الإذاعة، وما يُشترى بالمال من أجهزة وإمكانات لا يشترى وقت المستمع لتقبّل أغلبية مواضيعكم ، ولولا فترات الأغاني التي تحجز غالبية وقت تلك الإذاعات لما وجدتم أبلهاً يستمع أو ينصت لنصائحكم أو برامجكم، فخفض أسعار صرف العملات والمواد الغذائية لن تجلب لكم مستمعين، ناهيك عن عرض الأخبار الكاذبة ودون أدنى توثيق إعلامي وتأكيدي عليه، فيا مغردين على هواء إذاعتنا ، ارحموا عزيز قوم ذلّ، ذل لدرجة أنّه حتّى أذناه أصبحت رهينة مضافاتكم وجلساتكم السمرية الراقية، ارحموا أوقات عملنا وفراغنا بأهازيج حناجركم ونشاز عباراتكم وأخطاء نقطكم، متمنيّاً لكم ومتوقعا أن تصبحوا مستقبلا وليس بالقريب مذيعين ومذيعات ..”وَيْلا لِوارْكى وَبَه”
نشرت هذه المقالة في العدد 56 من صحيفة “Buyerpress”