جابر محمد. ألمانيا
بعد التدخل العسكري التركي في مدينة جرابلس السوريّة، اختلفت الصورة المرسومة في أذهاننا لتختلط الأوراق من جديد ليصبح الصراع الكردي التركي أكثر تعقيداً.
الكرد الذين تجاوزوا جميع الخطوط الحمراء للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بدعم من الولايات المتحدة الأمريكيّة، مستغلّين خلافات أنقرة مع كل من واشنطن وموسكو بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية من قبل تركيا، التي أخذت الضوء الأخضر من الولايات المتحدة الأمريكية حسب الخبراء والمحللين السياسيين.
أردوغان في صراع داخلي
خسرت تركيا الكثير من مصالحها وخاصة في سوريا، وأضرّت باقتصادها ولعلّ تخلي داوود أوغلو عن أردوغان، أظهر الخلافات السياسية داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم، المتّهم بانفراد السلطة و عمق الصراع مع الأحزاب المعارضة لأردوغان، وعلى رأسها حزب الشعوب الديمقراطيّ الكردي، المقرّب من حزب العمال الكردستاني بزعامة صلاح الدين ديمرتاش، الذي استقبل في روسيا في ظل الخلافات القائمة مع موسكو من جهة، وجماعات فتح الله غولن من جهة ثانية، وبعض الأحزاب التركية الأخرى التي اتهمت أردوغان بدعم الحركات الإسلامية المتطرفة، وجر تركيا إلى حرب إقليميّة
الانقلاب العسكري الفاشل
لعلّ هذه الأسباب جميعها جعلت من الرئيس التركي أردوغان يلجأ إلى مسرحية الانقلاب العسكري الفاشل، لتخويف معارضيه من حكم العسكر، الذي جلب الويلات للشعب التركي والكردي حسب بعض المراقبين للشأن التركي، وهذا ما دفع حزب الشعوب الديمقراطي إلى عدم تأييد الانقلاب العسكري.
أمّا البعض الآخر من المراقبون وجدوا أنّ الانقلاب العسكري الفاشل كان رسالة تهديد من أمريكا و روسيا للرئيس التركي، لتغيير سياساته في النزاع السوري.
أردوغان يتصالح مع القوى الدولية والإقليميّة
وهذا ما دفعه لعقد صلح مع القوى الإقليمية والدولية، حيث سارع الرئيس التركي بعقد صلح مع الولايات المتحدة الأمريكية حينما دعا نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى تركيا، وكذلك زيارته إلى روسيا و إعادة العلاقة مع إسرائيل و إيران و النظام السوري.
التدخل التركي في سوريا
وبالفعل بعد تطبيع العلاقات مع كل هذه الدول، وأخذ الضوء الأخضر دخلت القوات التركية إلى مدينة جرابلس السورية، التي استولت عليها دون إراقة الدماء، وهذا ما دفع القوات الكردية لاتّهام تركيا بدعم تنظيم داعش، وإنّ العملية حصلت بتسليم المدينة لتركيا.
اندلعت عدة مواجهات بين الجيش التركي، و القوات الكردية الأمر الذي دفع الولايات المتحدة إلى اعتبارها بالتصرفات الغير المقبولة من حلفائها.
تجدد القصف التركي للقوات الكرديّة
وقبل عدّة أيام قصفت المقاتلات التركية عدّة أهداف للوحدات الكرديّة شمال سوريا، موقعة عدد من القتلى في صفوفهم بعد تصريحات الرئيس التركي أردوغان، الذي أطلع الرئيس الأمريكي أوباما على خطة تركيا في عملية التوسع داخل الاراضي السوري، بقيادة درع الفرات المدعومة من قبلها الى مدينتي الباب ومنبج، ومنها إلى الرقة حيث صرّح أردوغان أنّ على القوات الكرديّة الرجوع إلى شرق نهر الفرات.
تصريحات صالح مسلم الرئيس المشترك للاتحاد الديمقراطي
وحول هذا الموضوع صرّح صالح مسلم الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي لقناة “dw” الألمانية، بأنّ تركيا دخلت سوريا بضوء أخضر أمريكي روسي، وأنّها لولا هذا الصمت الأمريكي الروسي لما استطاعت التدخل في سوريا.
وفي لقاء آخر مع صحيفة الحياة، أكّد مسلم بأنّهم سوف يتعاملون مع القوات التركية كقوّة احتلال في عملية استعادة مدينة الرقة معقل تنظيم داعش، ومن المتوقع مشاركة طرفا الصراع في هذه الحملة، مما دعا أردوغان الولايات المتحدة بعدم مشاركة الوحدات الكرديّة التي لم تستجب لطلبه.
دمشق تحذر تركيا
ومن جهتها اعتبرت دمشق أنّ التقدم إلى مدينتي الباب ومنبج خط أحمر لن يتم السماح بها، مما يفسّر أنّ التفاهم الروسي التركي ينصّ على عدم الاشتباك مع قوات الأسد الذي حذّر من اختراق الطيران التركي لأجوائها في وقت سابق.
السياسة الأمريكيّة مع حلفائها
ويبدو لنا مما سبق غموض السياسة الأمريكيّة مع حلفائها في المنطقة وفقا لتوازن القوى حسب مصالحها، لكنّها تدرك جيدا عدم رغبة تركيا التي تحاول جاهدة في إفشال أي إنجاز كردي بالمنطقة وخاصة التوسع الكردي على طول حدودها مع سوريا و التي شكّلت نقطة خلاف بينهما، لتبقى القضية الكردية في سوريا وتركيا محل استفهام؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟