نون وكل حروف العراق في مواجهة ضمير مستتر بلا أخلاق

معلقون يشبهون سياسة داعش بسياسة النازيين ضد اليهود، فقد كان أنصار هتلر يرسمون نجمة داوود على المحال التجارية المستهدفة بحملات مقاطعة اليهود.

مغردون يطالبون بالتحرك لإيقاف الفرز بالدم في العراق

حرب داعش اليوم تغرف من النازية أساليبها. تتقمصها بكامل أناقتها المرعبة، حرب دموية وقاسية حولت غضب البعض إلى سخرية مرة.

عمد الكثيرون من مستخدمي السوشيال ميديا إلى تغيير صور حساباتهم الخاصة واستبدالها بشكل دائري أحمر في داخله نقطة، ليته كان وجها يبتسم، إنه حرف النون الذي ميّزت به داعش منازل المسيحيين في الموصل عن المسلمين.

وخيرت داعش مسيحيي الموصل بين دفع جزية مالية ضخمة، أو اعتناق الإسلام أو “مواجهة السيف”، فما كان من “أصحاب الأرض الأصليين” إلاّ الفرار بحياتهم. وتوصف عناصر داعش بـ”مجموعة من شذاذ الآفاق والقتلة”.

وقد هجّرت داعش المسيحيين بحجة الآية 29 من سورة التوبة ما جعل بعضهم يسخر “يا لمهزلة القدر حين يقوم الأفغان والشيشان بتطبيق القرآن وهم لا يستطيعون قراءة آية منه بصورة صحيحة”، مؤكدين أن دولة الخلافة الإسلامية التي أعلنها أبوبكر البغدادي، أبو جهل العصر الحديث، مجرد عصابة من المجرمين وهم لا يفقهون في دينهم ولا في الأديان الأخرى.

وهذا الأسبوع احتفلت أسرة عراقية مسيحية موصلية بعيد ميلاد صغيرها على طريقتها الخاصة، لتضع “ن” داعش على كعكة ميلاد ابنها.

وهو ما أثار ردود فعل مشجعة للفكرة ومهنئة على ابتكار هذه الطريقة الساخرة. وكتب والد الطفل عماد صبيح في صفحته على فيسبوك “يوقد اليوم ابني الصغير (ألن) شمعة جديدة من عمره المديد، آثرت أن أوقدها له رغم كل الجراحات والظروف التي تعتري أبناء شعبنا العراقي الحبيب بكل أطيافه”.

وأضاف “عندما أوُقد لابني الصغير ألن شمعة من عمره يصادف أن يتواجد الآلاف المؤلفة من أبناء شعبنا العراقي في خيام النازحين ومنهم نحن المسيحيون الذين ختمت داعش على دورنا ومنازلنا وعقاراتنا وأملاكنا بحرف النون معتبرين أننا نصارى، أحل إله داعش كل شيء في حقنا بما فيه القتل والسرقة”.

وتابع “أما كعكة ميلاد ألن فقد شاءت أسرته أن تختمها بآخر حرف من اسمه (ن) وهو ذات الحرف الذي ختمته داعش على منازل الآمنين المسالمين من أهل هذه الأرض بداعي أنهم نصارى، وعليهم الهجرة دون أملاكهم أو الموت بسيوف القتل والإرهاب، لنجيبهم نحن بنون التسامح والإخاء والقوة أيام المحن، بوضع ختم لذات الحرف الذي أرادوا أن يرهبونا به لكن على كعكة عُمر طفل مسيحي يريد له أهله البقاء كبقائنا على أرض العراق أبد الدهر”.

وختم والد الطفل كلامه مخاطبا صغيره: “فـ(نونك) يا إبني ألن هي نون النصر والقوة والبقاء نمحو بها كل حرف نون ختمه الإرهاب على منازل الآمنين قائلين لهم: باق وأعمار الطغاة قصارُ”.

ويقول معلقون عراقيون مخاطبين المسيحيين “بخصوص حملـة ‫#‏نـون : “أعزائي أنتم الألف والباء والتاء والثاء والجيـم والحاء والخاء والدال والذال والراء والـزاي والسين والشين والصاد والضاد والطـاء والظاء والعين والغين والفاء والقاف والكـاف واللام والميم والنون والهاء والـواو واليـاء…أما هـم… فضمير مستتر مبني علـى حـذف الأخـلاق مضاف إليـه نقص الديـن وقلـة العقـل”. ويضيفون “أعزائي، أنتم أهل هذه الأرض من قبل وجودنا فإن كنا هنا منذ 1400 عام… فأنتم موجودون منذ 2000 عام، أما هم فجزء من ثانية في تاريخنا سينتهون كما ظهروا بسرعة… هذا وعد الـ”ميم” للـ”نون”.

والميم هي حملة مضادة للنون شعارها “مسلم مسيحي ملحـد ما خصـك (ما شأنك)”. ويماثل سلوك داعش، وفق نشطـاء، سلوك قوى فاشية خرجت من رحم الحداثة الأوروبية، مـع فارق أن التنظيم يطرح نفسه كنقيض لقيم الحداثة بأسرها، كما أنه يختلف عنها لجهة، أن التطهير السكاني بالنسبة له، قائم على فكرة الصفاء الأيديولوجي والعرقي معا. فقد هددت داعش أمس أكراد الموصل بالقتل في حال عدم مغادرتهم المدينة التي باتت خالية من المسيحيين.

ونشر مغردون على تويتر صورا لإحراق مطرانية السريان التي يزيد عمرها عن ثمانية عشر قرنا في المدينة، مؤكدين أن داعش انتقلت من مرحلة التمكن إلى الاستعراض.

وشبه معلقون سياسة داعش بسياسة النازيين ضد اليهود في ألمانيا، فقد كان أنصار هتلر يرسمون نجمة داوود على المحال التجارية المستهدفة بحملات مقاطعة اليهود، ثم تدرج الأمر ليصل إلى حد وضعها على منازل الآخرين قصد تهجيرهـم، واختُتم لاحقا بإنجاز واحدة مـن أفظع أهوال الحرب عبر إتمـام محرقة “الهولوكـوسـت” وتنفيـذ إعـدامات جماعية لمئات الآلاف منهم، وهو ما خلف على شاطئ المتوسط، جرحا ينزف منذ أزيد من نصف قرن، تمثل في الكيان الصهيوني الذي يحاصر ويشرد شعب فلسطين بأسره.

ويتساءل مغردون ساخرين “أين الأميركان والناطقين بلسان حقوق الإنسان في العالم؟ أم أنهم مشغولون بالدفاع عن إسرائيل؟ مؤكدين أن داعش أداة لإكمال تنفيذ مخطط تقسيم العراق خاصة بعد أن سلم جيش النوري المالكي الموصل دون إطلاق رصاصة واحدة.

العرب اللندنية