“كمال گوْري” وحكاية عشق عمرها 40 عاماً مع صناعة الحلويات والمرطبات..

خاص – Buyerpress

كانت الصعوبات تتمثّل في ضعف الإمكانيات المادية، ومضايقات شرطة البلدية آنذاك بسبب عدم وجود الرخصة

كنت عامل “باطون” وأسعى لكسب قوت أطفالي، بعدها تركت هذا العمل لما فيه من جهد وتعب ومردود مادي لا يفي بالحاجة، لذلك اتجهت إلى العمل في مجال الحلويات والمرطبات عام 1975 كان عملي مقتصراً في البداية على صناعة “المشبك” وكنا نصنعه على شكل قطع صغيرة، ويبيعها أطفال متجولون في أحياء المدينة، أما القطع الكبيرة فكنا نبيعها في المحل، وكانت كل قطعتين بقيمة فرنك سوري واحد.

العم “كمال گوْري” في حديث عن حكاية عشق عمرها 40 عاماً مع صناعة الحلويات والمرطبات..

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بهذه السطور يبدأ العم كمال گوْري  حديثه عن مهنة عمرها أكثر من أربعين عاماً، اسم لازال عالقاً في ذاكرة أهالي مدينة قامشلو وتحديداً “الحيّ الغربيّ” منه. يسرد تفاصيل حكايته مع صناعة الحلويات والمرطبات:” لم يكن هناك إقبال كبير على شراء الحلويات بسبب تدنّي مستوى المعيشة وحالة الفقر العامة لسكان المدينة. أتذكر أنني كنت أردد بيني وبين نفسي مترقباً من كانوا قادمين على مد النظر يا ترى هل سيذهب هذا الشخص إلى البيت أم أنه آتٍ لشراء الحلوى، ولكن رغم ضعف الاقبال على ماكنت أصنعه استمريت مدة خمس سنوات في هذه المهنة”.

العم گوْري  متابعاً: “ومن ثم تحولت إلى صنع المرطبات، استلهمت فكرة وطريقة صنع المرطبات من إحدى أشهر العوائل بصناعة الحلويات والمرطبات وهي عائلة “رفيعة” حيث كنت على ودّ وعلاقة جيّدة بالعائلة، وحين بدأت هذا العمل لم أكن أملك الإمكانيات المادية التي تساعدني على شراء المعدّات اللازمة لإعداد وصناعة المرطبات فقصدت حينها سوق النحاسين في المدينة، وهو سوق الصاغة اليوم، اقتنيت آلة تسمى “الترمبه” وبرميلاً فارغاً كان فارغاً كان يستخدم لحفظ دبس البندورة آنذاك، وكان سعره 15 ل.س حينها، ورحت أنا وزوجتي نعدّ “البوظا” يدوياً، حيث كنت املأ البرميل بالثلج الذي كنا نشتريه من معمل الثلج ونضع “الترمبه” الملأى بالحليب ونقوم بتحريكها يدوياً إلى أن يتجمّد الحليب”.

ويسترجع العم كمال ذكرياته بهدوء: “كنت أترك البعض من تلك البوظة في المنزل لتبيعه زوجتي للحيّ، بينما كنت أقوم أنا ببيع الباقي متجوّلا في القرى، لقاء البيض والقمح والشعير، لأن الناس كانوا فقراء، وكنت أبيع تلك البضاعة من بيض وغيرها بعد أن تجتمع لديّ كمية جيدة منها.. فيما بعد توسّعت في العمل وقمت بشراء هذه المحالّ من السيّد “سليمان حاج حسن”. تركت العمل منذ فترة وسلمته لأبنائي، الأربعة تعلموا على يدي، ويعمل أحدهم في هذا المحل الآن”.

وعن قدم هذه المهنة يقول العم گوْري : “حين مارستها كانت توجد العديد من العوائل المشهورة آنذاك بصناعة الحلويات والمرطبات مثل عائلة “رفيعة واورفلي وفاعور” إلا أننا تفوقنا على البعض، بفضل جهودنا المتواصلة، هم تراجعوا أما نحن فقد بقينا مستمرين في عملنا، ومعظم الكرد ن أهالي قامشلو وغيرها أصبحوا زبائننا، ومع مرور الأيام ازدادت أرباحنا وازداد عدد العاملين، وأصبحت لدينا سيارات خاصة لتوزيع المرطبات، عدا ثلاجات الحفظ التي كانت موزعة أيضاً على القرى والمدن من ديرك حتى رأس العين”.

وعن الصعوبات التي اعترضت مسيرتهم المهنية حينذاك يتابع العم گوْري : كانت الصعوبات تتمثّل في ضعف الإمكانيات المادية، وكذلك مضايقات الشرطة التابعة للبلدية آنذاك بسبب عدم وجود الرخصة، فكنا ندفع لهم مبالغ مالية حتى يتغاضوا عن ذلك، وبعدها حاولت الحصول على رخصة، وحصلت عليها بالفعل من وزارة الصناعة في دمشق بواسطة أحد شيوخ عشيرة الشمر وتخلصت من تلك المضايقات نهائيّا”.

ويختتم العم كمال گوْري  صاحب إحدى أقدم وأشهر معمل للحلويات والمرطبات في قامشلو حديثه بالقول: “كان هناك الكثير من المشاهير يترددون على محلنا أمثال الشاعر الكردي الكبير جكرخوين الذي كان يجالسنا وننسى تعب العمل لما كان لحديثه وأشعاره من متعة.. فقط أود القول لكل من يعمل في مجال الحلويات والمرطبات أن يعملوا بإتقان ويتقيدوا بالنظافة وأن يصبروا في عملهم فالصبر أوصلني إلى ما أنا عليه الآن”.

 نشرت هذه المادّة في العدد (47) من صحيفة Buyerpress تاريخ 15/7/2016