خاص – Buyerpress
– أرسلت له رسالة أنبهه فيها بتعميم اسمه على الحواجز, وحين ألقي القبض عليه وجدوا رسالتي في هاتفه الجوّال.
– بعد أن ركبوا سيارتهم, ترجل الزوج ثانية واقترب مني, واضعا مبلغا من المال في جيبي, فأخرجت المال, ورددته, لكنه حلف أنها ليست رشوة أبداً, وإنما لموقفي النبيل, وأحرجني, فقبلت.
– قرار قيادة الآساييش بتجميد الراتب الشهري للعضو الذي يتمّ توقيفه قرار غير صائب, لأن الشيء الوحيد الذي يفكر به السجين هي المساعدة المادية, سيّما إذا كان هو المعيل الوحيد.
السجون هي تلك المؤسسات المعدة لاستقبال المحكوم عليهم بعقوبات مقيدة للحرية وسالبة لها, حيث يحرم المحكوم عليهم من الخروج أو متابعة الحياة بشكل عادي وفي أجواء طليقة، والحيلولة دون ممارسة أي نشاط ما، وعادة ما يرتبط بالسجون عدة مفاهيم وتسميات مثل الإصلاحيات أو مراكز التأديب أو دور الإصلاح والتهذيب أو التقويم أو مؤسسات إعادة التربية أو غير ذلك من التسميات.
ووردت الإشارة إلى كلمة السجن في القرآن الكريم في قصة سيدنا يوسف (عليه السلام) عند قوله تعالى ﴿ قَال رَبّ السجنُ أحَبُّ إليَّ ممّا يَدْعُونَنَي إِلَيْه…﴾ “سورة يوسف الآية 33”.
في روجآفاي كردستان قامت “الإدارة الذاتية” وبعد الإعلان عنها بتأسيس هيئات ومؤسسات مدنيّة وعسكرية في كافة مدن وبلدات المقاطعات الثلاث, الجزيرة وكوباني وعفرين، ومن هذه المؤسسات؛ السجون التي تتبع لقيادة الآساييش, واعتمدت هيئة الداخلية في “مقاطعة الجزيرة” التي يتبع لها ” الآسايش”، على استخدام مفهوم “مركز التأهيل والتدريب” عوضاً عن مفهوم السجن, حيث يقول رئيس الهيئة كنعان بركات ” أن تسمية السجون كمنظور شخصي ليست صحيحة, بل يجب تسميتها بمراكز الإصلاح والتأهيل”.
فهل تقتصر السجون التي تديرها قوات الآساييش على اعتقال واحتجاز المواطنين الخارجين عن القانون أم أنه يشمل اعتقال قوات الآساييش أيضاً, والتي مهمتها حفظ الأمن والنظام , إن خرجت عن القانون المعمول به في مدن المقاطعة؟
يقول القائد العام لقوات آساييش روجآفا جوان ابراهيم أنه ” هناك عقوبات صارمة كالسجن والفصل والطرد, لعنصر الآساييش المرتشي ولو أنه حصلت هذه الحالات بقلـّة”, ويضيف:” حصلت بعض حالات الرشوة حيث تلقّت بعض العناصر رشاوي وأبلغ عنهم وتم تقديم اثباتات وأدلة عن وضعهم, اعتقلوا وعوقبوا ومن ثم فصلوا من الخدمة “.
صحيفة Bûyerpress كانت لها جولة في سجن قناة السويس, والتقت عدداً من عناصر الآساييش السجناء, وتعرفت على أسباب وجودهم هنا, ومدة محكوميتهم, حيث هناك جناح خاص لهذه العناصر الذين خالفوا الأوامر, أو خرقوا القوانين, وتلقوا رشاوى وما إلى ذلك.
السجين ريناس أحمو وهو معيل عائلته, بفضل راتبه في الآساييشيتمنى من الآساييش مساعدة عائلته بعد أن حكم عليه بتهمة “التشليح” وقُطع راتبه.
وعن حيثيات محاكمته ورفاقه يقول :” حُكم علي بالسجن سبع سنوات في محكمة عامة “بلاتفورم”, وحكم أحد رفاقي بست سنوات, بينما حكم الآخران بخمس سنوات لكلّ منهم.. كنا ثلاثة وعشرون عنصرا من الآساييش المتهمين وأكثر من مئة وثمانين عنصراً حضروا المحكمة العامة. لم تطل المحكمة, وحتى أننا تساءلنا بيننا وبين أنفسنا كيف تمت محاكمة 23 شخصاً في ظرف ست ساعات فقط, ونحن الخمسة لم تطل محكمتنا أكثر من 45 دقيقة, حاولنا الدفاع عن أنفسنا, لكن لم نحظى بهذه الفرصة, كيف ذلك…!”.
ويؤكد السجين أحمو أنه لم يُسمح لهم بالدفاع عن أنفسهم في المحكمة التي كانت تدار من قبل الرفيق بكداش والرقابة والتفتيش والتي ألّبت علينا الحضور, بتضخيم تُهمنا فاقترح أحد أعضاء آساييش السوق وكان قد مضى على خروجه من السجن فقط ثلاثة أيام بالحكم علينا 15 سنة مع الأشغال الشاقة ومنع التدخين, ويتابع:” أخبرتهم حينها أن عائلتي قدمت العديد من الشهداء وأبي كان عضوا في القوات الجوهرية, وأختي رئيس كومين القرية, وأخويّ الآخرين في وحدات حماية الشعب, ولعائلتنا 27 فرداً ضمن وحدات حماية الشعب والمرأة والآساييش, كما أنه هناك الكثير يعملون ضمن الكومينات ومؤسسات الإدارة الذاتية, وهذا كله لم يشفع لي”.
وعن تفاصيل تهمته يقول:” قبضنا أنا وثلاثة رفاق على مهربين في قرية “مشيرفة العزو” وقمنا بضربهم, وأخذنا منهم 70ألف كان بجعبتهم, ثم قمنا بتسليمهم للآساييش دون المبلغ, لذا تمّ اتهامنا من قبل الآساييش “بالتشليح “.
وحول تفاصيل التهمة الثانية يتابع:” بعد قرية (مشيرفة العزو) ذهبنا إلى قرية (تروازية) حيث دخلنا إلى مناطق سيطرة “داعش” مسافة 10 كيلومتر بأوامر من مسؤولنا المباشر, وقمنا بمداهمة سوق النفط الذي يخضع لسيطرة “داعش”, كان هناك أشخاص يشترون النفط من مدينة الرميلان ويقطعون الايصال من أجل بيعه في كوباني, ولكنهم كانوا يبيعوه لـ”داعش”, بالمحصلة ألقينا القبض على خمسة أشخاص من أهالي الطبقة هناك, وهم يعتقدون بأننا أيضا من التنظيم, لذلك اعترفوا بأنهم عناصر أمنية من “داعش”, وكانوا مهمتهم العمل في روجآفا, حينها قمنا بتسليمهم إلى استخبارات وحدات حماية الشعب في رأس العين بعد أن استولينا على تسعين ألف ليرة سورية كانت بجعبتهم, لكن بعد عشرة أيام فقط من تسليمهم تم الافراج عنهم بحجة أنه لا تهم مثبتة عليهم”.
السجين أحمو راض عن السنوات السبع التي حُكم بها, لكنه عاتب على المسؤول عنه الذي أصدر له الأوامر بالدخول إلى تلك المنطقة التي يصعب على وحدات حماية الشعب دخولها, وحصل ما حصل, بل ولم يؤخذ ذلك بعين الاعتبار.
ويرى أحمو أنه ليس هناك فرق بين سجين وآخر في التعامل فالجميع سواء, لديهم زيارات كل اثنين, والهاتف مسموح به يوميْ السبت و الاحد, وهو لا يعتبره سجناً بل مركز تدريب وتأهيل.
يتمنى أحمو العودة إلى عمله في الآساييش, لأنه يحبه, ولم يهرب كبعض الأشخاص, وهو راض بالسجن لكن ليست بهذه المدّة الطويلة, وتنتابه حالات من الحزن الشديد حين يلمح صور رفاقه من الشهداء المعلقة على سريره, كيف سوّلت له نفسه ذلك. مع ذلك فهو متفائل أن يأخذه الرفاق بعطفهم وعطف القائد, فهو ابن هذا الحزب, والحزب لا يتخلّى عن أبنائه على حدّ تعبيره.
عبد الناصر إبراهيم, عضو مكتب التحقيق في الحسكة, متهم بتسريب المعلومات, متزوج ولديه سبعة أولاد, ابنه البكر أيضاً عضو في الآساييش, وبعد سجنه قرّر اثنين آخرين من أبنائه الانضمام إلى وحدات حماية الشعب.
يقول ابراهيم:” وصلتنا معلومات بأن هناك كمية من المخدرات ستدخل إلى “حيّ العزيزية” وتصادف ذلك مع وجودي في الحي نفسه, فانطلقت إلى المنطقة التي سيتم فيها تسليم المخدرات, وبعد نصف ساعة وردني اتصال آخر أنه تم إلقاء القبض على المتهمين في حاجز الصناعة, فعدت لهناك وكانوا قد فتشوا السيارة واكتشفوا المخدرات, لكن سائق السيارة استطاع أن يهرب ويترك السيارة هناك. اتصلت بإدارة مكتب التحقيق وأعلمتهم بأن السيارة تخصّ الشخص الفلاني ومعروف من قبلي, فتمّ إعطائي أوامر بنقل السيارة مع حمولتها إلى مكتب التحقيق. صاحب السيّارة كان صديقي, اتصلت به وسألته عن سبب هروبه من السيارة, فقال أن أخي كان يقود السيارة, وقال أنه سيقوم بإقناع أخيه لتسليم نفسه, وبالفعل في اليوم سلّم نفسه, فأخبرنا مكتب الجريمة المنظمة بالأمر, إلا أنهم لم يقتنعوا, وأصروا على تسليم صاحب السيارة لنفسه, حتى اعتقدت في وقتها أن هناك خلاف شخصي بين مدير مكتب الجريمة المنظمة وصديقي صاحب السيارة, بعد أيام صدر تعميم للقبض على صاحب السيارة, فأرسلت له رسالة أنبهه فيها بتعميم اسمه على الحواجز, وحين ألقي القبض عليه وجدوا رسالتي في هاتفه الجوّال, وبعد تحويله إلى النيابة أفرج عنه, بينما تمّت محاكمتي بتهمة تسريب معلومات”.
يؤكد ابراهيم أنه لم يكن هناك أي عطف أو رحمة أو روح أخويّة كالتي تربّوا عليها في الحزب, لا في تحقيق الرقابة والتفتيش ولا في البلاتفورم, ويعترف بإرسال الرسالة, ولكنه لم يكن يعلم أنها تسريب للمعلومات على حدّ وصفه. ويشير إلى الكثير من التهم التي لفقت به أثناء التحقيقات: ” أحضروا تسجيلاً صوتيّاً يظهر اتصالي بشقيق صديقي, ليقوم بتسليم نفسه, وأني سأقوم بمساعدته في التحقيقات, طبعا لم يكن صوتي أنا, حيث قام مكتب الجريمة المنظمة بتمثيلية لاتهامي, ولكني دافعت عن نفسي, وبعد فترة تأكدوا أنني من مكتب التحرّي, وليس لي أي علاقة بالتحقيق وتم ازالة تلك التهمة عني. وفي البلاتفورم أحضروا صور المخدرات التي قمت بتسليمها, وأقنعوا الجميع أن هذه المخدرات ملكي, وأنا من قمت بإدخالها, طبعاً الرقابة والتفتيش كانت وراء كل هذا. سألني الرفاق في الرقابة والتفتيش أن هذه المخدرات تعود لك, قلت لهم إن كانت تعود لي, لمَ سأقوم بتسليمها إلى شخص مدنيّ, كنت سأقوم بإدخالها بنفسي كوني عضو مكتب التحقيق, ومن السهل علي إدخالها, وأيّدني الرفيق ابو مظلوم في هذا الكلام, أنها لو كانت لي لقمت بإدخالها بنفسي”.
ويأسف ابراهيم للإهانة التي تلقوها من الرفاق في البلاتفورم, واتهامهم بالعمالة ونعتهم بالعصابة, وعدم سماح الرفيق بكداش لهم بالدفاع عن أنفسهم, ومزاجية أحكامه, كما يعتقد أنه قد تم تثبيت حكمهم قبل إجراء البلاتفورم حسبما روى.
ويرى ابراهيم أن هناك محسوبيات حتى في إصدار الأحكام:” عنصر من آساييش السوق كان متّهماً بتعاطي الكحول, حضر معظم رفاقه لدعمه, وخرج ببراءة, وما يحزّ في النفس أن أحد عناصر الآساييش كان قد أفرج عنه من السجن قبل ثلاثة أيام, أهاننا كثيراً, وأصبح كمحامي دفاع لثلاثة عناصر آخرين ودافع عنهم واستطاع أن يزيل عنهم التهم”.
وينهي ابراهيم الذي تجاوز العقد الرابع حديثه بهدوء, وكأنه لا يودّ أن ينتهي, موجّهاً رسالة للإدارة العامة لقوات الآساييش مفادها “أن الأحكام الصادرة غير متكافئة مع الأخطاء التي يقعون فيها, ويجب أن يحضر البلاتفورم متخصصين بالمجال الحقوقي, فبعضهم كان أميّاً لا يجيد الكتابة والقراءة”.
أما عبدالكريم العبد الذي انضم للآساييش في الخامس من حزيران من العام المنصرم يروي كيف تحوّلت خدمته الإنسانية لعائلة نازحة إلى وبال عليه:” كنت رئيس دورية على حاجز” السّودة”, وحضرت عائلة تودّ الدخول إلى مدينة تل تمر, وبطاقاتهم الشخصيّة هي محافظة الرقة, فلم أسمح لهم بالمرور من الحاجز كوني أعلم أن الحاجز التالي سيرجعهم أيضاً, وهنا بدأت الزوجة والزوج باستعطاف والتوسّل إليّ للمرور, وطال التوسّل, فقلت سأدعكم تمرّون, ولكني أعلم مسبقاً أن الحاجز التالي سيرجعكم, وبعد أن ركبوا سيارتهم, ترجل الزوج ثانية واقترب مني, واضعا مبلغا من المال في جيبي, فأخرجت المال, ورددته, لكنه حلف أنها ليست رشوة أبداً, وإنما لموقفي النبيل, وأحرجني, فقبلت, ولكن الرفاق في الحاجز الثاني– مثلما توقعت- لم يدخلوه, ويبدو أنه نفذت معه كل السبل, فقال لهم أنه رشاني بالمال, فلماذا لا تدعوني أنتم أيضاً أن أمرّ”.
ويتابع العبد :” كان الحكم قاسياً ولكن عليّ تحمّله, ورفاقنا لم يكونوا منصفين بحقي”.
ويضيف العبد:” واجهوني مع الرجل الذي أعطاني المبلغ في مكتب التحقيق بتل تمر, وأكّد لهم أنه أحرجني حتى أعطاني المبلغ كهدية, وللأسف لم يصدّقوه, وبعد إن انصرف الرجل, نزعوا عني ملابس الآساييش, ربطوا يديّ, وتمّ ضربي, ركلوني, كان أحدهم عنيفاً جدّا صفعني بقسوة, بقي حنكي الأيمن يؤلمني مدّة يومين ولا أستطيع أن آكل, ثم وضعوني في غرفة لمدّة يومين, بعد أن أخرجوا منها المدفأة, وقطعوا عني التدخين, وفي النهار الثاني اعتذروا مني على ما بدر منهم”. يتنهّد ويتابع:” صراحة, بعد خروجي من السجن سأنضمّ لوحدات حماية الشعب, كي لا أرى من أهانني ثانية, ورغم ذلك أسامحهم, لأجل ابنتي المعاقة, ولا أرغب أن يتأذى أي شخص”.
سعود يوسف العبيد طالب جامعي, سنة ثانية كلية الآداب انضم للآساييش منذ عامين ونصف, وهذه المرة الأولى التي يدخل فيها السجن, التقيناه وهو يحمل حقيبته وجاء ليودّع إدارة السجن فانتهزنا الفرصة ليحدّثنا عن شعوره هذه اللحظات, يقول العبيد:” فرحتي لا توصف, أنا أول من أخطأ من عائلتي بأكملها, والحمد لله تعلمت الكثير”.
ويأبى إلا أن يحدّثنا عن حيثيّات “خطأه” كما وصفه فيقول:” كنت أخدم في آساييش الدرباسية في المجموعة الميدانية في الجبهات كمحقق وسائق عربة دوشكا, أثناء وجودنا في منطقة “مبروكة”, كان هناك أغراض وأدوات, أصحابها غير معروفون, قمت بأخذ قطعة من مولدة كهربائية نوع سكانيا إلى المنزل, دون إخبار الرفاق, وهذا خطأ. وقتها تم توقيفي وخضعت لبلاتفورم في القامشلي”.
وبحسب العبيد فأن الرقابة والتفتيش كانت تضخّم التهم الموجّهة إليهم, محاولة إظهارهم بصفات لا تليق بهم كنـَعْتِهم بـ”الداعشيين” وغيرها, ويرى هذا الموقف سببا في قسوة الأحكام, يقول:” ولذلك طالب أحد الرفاق أن يكون حكمنا مفتوحاً, بدءً بعشرين سنة وما فوق, وبكلامه تحطمت معنويّاتنا “.
ويرى العبيد أن :” قرار قيادة الآساييش بتجميد الراتب الشهري للعضو الذي يتمّ توقيفه قرار غير صائب, لأن الشيء الوحيد الذي يفكر به السجين هي المساعدة المادية, سيّما إذا كان هو المعيل الوحيد”.
يخضع سجن قناة السويس لإجراءات صحّية صارمة حسب ما يشير محمد تمو المشرف على الناحية الصحية في السجن:” فالحالة الصحيّة لكل المحكومين تكون تحت المراقبة وباستمرار, هناك حالات مرض عادية, تعالج هنا بالمسكّنات, والأدوية, أما إذا استدعت دخول المشفى فأننا نقوم بإرسال المريض إلى المشفى”.
ويضيف تمّو:” هناك بعض الحالات التي يستدعي وضعها إجراء عمل جراحي, في هذه الحالة نحوّل المريض إلى المشفى بعد إجراء الترتيبات اللازمة, من أوراق وغيرها, ونقوم بإجراء العمل الجراحي فوراً, كانت هناك قبل أيام حالة مستعصيّة, لم يستطع الأطباء علاجها في القامشلي, فتمّ إرسال المريض إلى دمشق لتلقي العلاج “.
الإداري في سجن قناة السويس يلماز شيرو تحدّث عن البرامج اليومي للسجناء, حيث خُصص يوم الجمعة للزيارات للقضايا المرتبطة بالنيابة, أما يوم الاثنين فخصص لزيارات الآساييش ووحدات حماية الشعب, والقاصرين. وأضاف شيرو:” هؤلاء القاصرون لهم مهجع خاصّ ومعاملة خاصّة, وحتى استراحات خاصّة, وعددهم قليل, كما أنه هناك أساتذة مختصون يزورون السجن يوميْ السبت والأحد, لإعطاء دروس في اللغة الكرديّة والفكر. هناك قائمة خاصّة بالغذاء في السجن, تتضمن تقديم اللحم مرتين في الأسبوع, والحلوى مرّة”.
وتابع شيرو:” ليس هناك أي زيّ موحّد للمحكومين, كلّ يرتدي ما يروق له, فالزيّ الموحّد – بنظري- سيشعره ربّما بالنقص والاختلاف عن الآخرين, ومن الناحية التثقيفيّة, وزعنا العديد من الكتب الفكريّة والثقافيّة على رفاقنا المحكومين, كما يتمّ إدخال صحيفة “بوير” أيضاً إلى السجن”.
وعن وضع المهاجع يقول شيرو:” هي مزوّدة بكافة وسائل الراحة, وهناك تلفاز في كل مهجع, وبوسع المحكوم الاستحمام ساعة ما يشاء, عدا ذلك هناك مجمّدات المياه, وأباريق الشاي الكهربائيّة, كافة أنواع المشروبات, وحسب طلبهم. وباعتبار أن السجن جديد فأن جميع أنواع الفرش أيضاً جديد”.
ويعتقد شيرو: ” إن معظم رفاقنا من الآساييش الذين يُحكمون بالسجن نادمون على ما ارتكبوه, ولكن العنصر الذي نرى فيه أنه لن يؤثر فيه السجن, نناقشه, ونفهمه إن عاد للخطأ ثانية فسيكون المصير نفسه بانتظاره, نطلب منه أن يبني شخصيّته, وإن كان هناك تعاطف من قبلنا مع رفاقنا من الآساييش المحكومين, فأننا لا نظهره, بل نترك الأمر في نفسنا, لأنه يبقى عنصراً محسوباً على مؤسستنا, ويظهر وجها غير حضاريّ لها, ومع ذلك تبقى المعاملة هي نفسها, ولا نميّزه من ناحية التعامل عن غيره من المساجين”.
إن مكوث السجين في السجن يجعله يطيل التفكير والتأمل فيما أقدم عليه وأسباب دخوله السجن مما يدعوه إلى الندم وعقد العزم على عدم العودة لمثل ما بدر منه, وبالتأكيد فأن السجن مكان للتهذيب والإصلاح إضافة إلى كونه مكاناً للعقوبة والتعذيب. يقول الزعيم الافريقي نيلسون مانديلا:” في بلدي نذهب إلى السجن أولا, ثم نصبح رؤساء”. وهذا يعني أن السجن ليس للسيئين فقط, بل كما قال محفوظ قد يكون “نبل الأخلاق” ما أوصله إلى السجن”.
نشر هذا التحقيق في صحيفة Buyerpress العدد 43 تاريخ 15-5-2016