الرواية معالجة فنية لاستشراء ظاهرة الفساد وللآليات التي تكوّنت لدى الرأي العام، والتي كرست الفساد والتخلف وفق ما أدخلته على المدينة من تحولات ألحقت بالحياة اليومية الكثير من الخراب.
وتحمل الرواية إسقاطات على عالمنا العربي وبعض حالات الفساد، فحين تفوح روائح أخرى تبدو خافتة في البداية، لكنها سرعان ما تزكم الأنوف، وهنا يضع الكاتب إصبعه من خلال “شخصية المؤرخ الحزين”، على موضع الوجع، “عائلة صالح قاسم المتنفذة وفساد أولاده”، موحيا من خلال السخرية القاتمة أحيانا بأن “الوعي” وحده هو المخلص، وأن السلطة التي تحاول أن تزج المدينة في أشكال حضارية هشة وكاذبة، إنما تضع هذه المدينة أمام أقبح احتمالات التردّي.
وعن لغة الرواية، يشير الواد إلى أنه قد أسهم في خلقها حين يقول: «هي لغة فاجأتني وما زالت تفاجئني بقوّتها وسحرها. أما في “سعادته.. السيد الوزير” فللغة شأن آخر فيه إخبارية مخاتلة، اللغة أيضا تستعمل الكاتب. هي كائن غريب يتجاوزنا».
ويرى الباحث حسين الواد أن الوقائع الفنية تؤثر أحيانا، وهي غير صادقة، أكثر من تأثير الوقائع الحقيقية الصادقة، وأن السر، كل السر، في ذلك إنما هو في الانتقال من عالم الأفعال الفانية إلى عالم الأقوال الدائمة.
تغوص الرواية في تفاصيل تاريخ مجتمع بأكمله، بل في ما شهده من تغييرات اجتماعية وسياسية واقتصادية، كانت في قليل من الأحيان باعثا على السعادة، وفي أغلبها محزنة كاسرة “فخيّمت على المدينة رائحة حادة ما كاد الناس يشمونها حتى كره كلّ نفسه وتمنى لو لم يكن من أبناء هذا الزمان”.
وحسين الواد، أستاذ جامعي وباحث، من مواليد مدينة المكنين، له في الأدب العربي القديم والحديث والمناهج الحديثة مؤلفات عدة، نذكر منها دراساته للمعري في رسالة الغفران، والمتنبي والتجربة الجمالية عند العرب، ولبشار ودوران الأشياء على أسمائها، ولأبي تمام واللغة الشعر وغير ذلك.صدر له “روائح المدينة” 2010، ورواية “سعادته.. السيد الوزير.
عن العرب اللندنية.