يعرّف الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد النساء في مادته الأولى العنف كالتالي: “يقصد بالعنف ضد النساء أي فعل عنيف قائم على أساس الجنس ينجم عنه أو يحتمل أن ينجم عنه أذى أو معاناة جسمية أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل، أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء أوقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة “.
بلا شك أن العنف ضد المرأة منتشر في جميع أنحاء العالم وتستوي في ذلك الدول المتخلفة والمتقدمة وتتعرض
المرأة في أوقات السلم لأنواع عديدة من العنف على مستويات متعددة:
– عنف داخل الأسرة ( كالضرب والاغتصاب ).
– عنف في المجتمع ( كالدعارة والعمالة القسرية ).
– عنف ممارس من قبل الدولة والتي إما أن تقوم بممارسته كتشريعات تمييزية أو حين تتغاضى عمن يمارسها فيما يسمى بجرائم الشرف.
– أما في أوقات النزاعات المسلحة سواء أكانت بين الدول أو داخل الدولة الواحد تكون النساء الأكثر عرضة من بين المدنيين للعنف ولانتهاكات حقوق الانسان من قبل الجنود أو المسلحين ومن أوجه العنف الممارس على المرأة أوقات النزاعات المسلحة:
1- قتل المدنيين ومن بينهم النساء:
تستهدف النساء سواء كضحايا للعنف الموجه ضد المدنين أو الخطف أو القتل وقد يرتبط العنف بالتهديد الموجه لناشطات في الشان العام وزعيمات سياسيات على يد قوات جهادية تستنكر عمل المرأة ونشاطها في الشأن العام وتعتبره مخالفة للعرف والتقليد المجتمعي
2- النزوح الداخلي واللجؤ الخارجي :
تتعرض النساء اسوة بكافة المدنين الى ويلات النزوح في حالات النزاعات المسلحة وخاصة النزاعات والحروب الداخلية وتعتبر النساء والاطفال الأكثر تضررا في حالات النزوح والالتجاء الى المخيمات اذ يتوجب على المراة تحمل وطاة فقدان الممتلكات والسكن والارهاق النفسي والجسدي خلال عملية النزوح وكثيرا ما تصاحبها حالات الخطف والاغتصاب ومرورا بالعيش في المخيمات التي تفتقر الى ادني وسائل الراحة من مسكن وماكل وندرة في الخدمات الصحية لانها تفتقد الى الخصوصية كالحمامات المشتركة والحشر في أماكن ضيقة وباعداد متزايدة مع اناس غريبين عنها
3- تتعرض النساء الى حالات الخطف والاسر والاعتقال من جانب الدولة أو القوات المسلحة وخاصة في صفوف الناشطات أو المقاتلات المنخرطات في ساحة القتال كمقاتلات أو تعملن ضمن وحدات المساندة والدعم
إلا انهن يخضعن لظروف نفسية ومعيشية قاسية مغايرة لما يتعرض له الرجال فإنهن مهد ّدات بالأذى النفسيّ والجسديّ كون مراكز الاعتقال غالبا لا تكون مجهزة لاحتياجات النساء وتراعي خصوصيتها والخوف من تعرضهن لاعتداءات جنسية داخل المعتقلات أو في ساحات المعارك.
4- الاعتداء الجنسي:
يعتبر الاعتداء الجنسي من أكثر حالات العنف شدة وقسوة على النساء كونه يمس المرأة في شخصيتها وجسدها ونفسيتها ويتمثل بالاغتصاب والزواج الاجباري والاتجار بالنساء والإجبار على ممارسة الدعارة وتشويه الاعضاء التناسلية وتشوهات الولادة والعقم بسبب استعمال أسلحة تحتوي على مواد سامة و التلقيح أو الحمل أو الاجهاض أو العقم الاجباري والنقل المتعمد لمرض نقص المناعة ( الايدز ) والاجبار على التعري والاذلال الجنسي.
وقد يحدث الاعتداء الجنسي على المدنيين والنساء خاصة في أماكن متعدد سواء في المنزل أو على الحواجز العسكرية أو في مخيمات اللجوء, ويتم ذلك على يد القوات الحكومية النظامية والقوات المسلحة غير النظامية وحتى من المدنيين.
وتستهدف النساء جنسيا من قبل الرجال سواء أكانوا مقاتلين أو مدنين، قوات عدو أو قوات صديقة لإشباع الرغبات الجنسية تحت تهديد السلاح وكثيراً ما تمرّ هذه الحوادث في أوقات النزاع دون إيقاع العقاب بمرتكبيها،
– وتستهدف النساء للاعتداء الجنسي كنوع من السلاح أيضا، إذ تستخدم أجساد النساء للنيل من كرامة واذلال وتلطيخ شرف الآخر المتحارب لإلحاق الهزيمة به.
– وأحيانا تستهدف النساء للاعتداءات الجنسية لغاية التطهير العرقي عن طريق اجبار الناس على تفريغ منطقة معينة وتحقيق التغير الديموغرافي، وتنتشر هذه الحالة عادة في حالات الحروب الأهلية التي تقع بين جماعات عرقية واثنية أو دينية مختلفة.
– القانون الدولي وأمن المرأة في النزاعات المسلحة:
يرتكز المجتمع الدولي لحماية وصون حقوق المرأة المنتهكة في ظل النزاعات المسلحة على القانون الدولي الانساني والقانون الدولي للاجئين والقانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الجنائي الدولي:
أولا: القانون الدولي الانساني: يعالج حالات النزاعات المسلحة والاحتلال العسكري، والمتمثل باتفاقيات جنيف الاربعة لعام 1949 والبروتوكولين الاضافيين لعام 1977 والتي جاءت لحماية المدنيين غير المشاركين في العمليات العسكرية ولم يفرق القانون الدولي الانساني بين الرجل والمرأة بل ألزم الدول الأعضاء بعدم التمييز بسبب الجنس.
مع ذلك يفرد بعض المواد الخاصة ببعض الفئات من النساء – كالسجينات أو المعتقلات و الإداريات لضمان عدم تعرضهن للتعذيب بما في ذلك الانتهاكات الجنسية. جاء في نص المادة 12 من اتفاقية جنيف الأولى:
” وتعامل النساء بكل الاعتبار الخاص الواجب إزاء جنسهن.”
وفي المادة 27 من اتفاقية جنيف الرابعة جاء ما يلي: ” يجب حماية النساء بصفة خاصة ضد أي اعتداء على شرفهن ولا سيما الاغتصاب والإكراه على الدعارة وأي هتك لحرمتهن”
ثانيا: القانون الدولي للاجئين:
يتمثل القانون الدولي للاجئين باتفاقية جنيف لحماية اللاجئين لعام 1951 أهمية خاصة في توفير الحماية للمرأة كون أغلب اللاجئين هم من المدنين والغالبية العظمى هم من النساء والأطفال
ثالثا : القانون الدولي لحقوق الانسان: يصون حقوق الانسان وكرامته في مختلف الأوقات والظروف وهو ما يعرف بالشرعية الدولية لحقوق الانسان.
ومن المواثيق والعهود الدولية التي تطرقت الى حقوق المرأة وإن لم تشر بشكل مباشر الى موضوع العنف وإنما دعا الى ضرورة حماية حقوق الانسان وحرياته العامة من قبل الدول دون تميز بسبب الجنس
– ميثاق الامم المتحدة عام 1945 المواد (1-13-55-76 )
– الاعلان العالمي لحقوق الانسان لعام 1948 المواد ( 2-7-16-23)
– العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966 التي يلزم الدول في أوقات السلم كما في أوقات الحرب في الظروف العادية كما في الظروف الاستثنائية باحترام الحق بالحياة (م6)، ومنع التعذيب والمعاملة القاسية (م7) ضمان حرية الفكر والدين.