الإعلام الكُردي تحت جزءٍ من المجهر

دلوفان سلو
للإعلام تاريخٌ طويل , وكُردياً, يفوق عمره المائة عام , وذلك بعد إصدار الأمير مقداد بدرخان جريدة كُردستان في القاهرة منذ أواخر القرن التاسع عشر , ومنذ ذلك الوقت مرّ الخط ّالبيانيّ للصحافة الكرديّة بالعديد من المراحل, إلا أن الإعلام بشكل عام أخذ دوراً محورياً ومؤثراً بالأحداث في ثورات ما سمّيت بالربيع الشرق أوسطي في السنين الأربعة الأخيرة, لتنتقل من مصاف السلطة الرابعة إلى مصاف السلطة الأولى, فرأينا الإعلام يُسقِط أنظمة حكم ويُعيّن أخرى, وحتى أنه يُسقطها من جديد. الإعلام الكُرديّ كانت اتجاهاته مختلفة, فقد وُجّه كالبنادق إلى صدور الأخوة, ولم يهاجم سلطةً أو نظاماً بعينه بنفس القدر الذي هاجم فيه أخيه الكردي في الطرف الآخر منه خدمةً لأجندات حزبية ضيقة وأحياناً أجندات الآخرين – من قوى محلية وإقليمية ودولية – المتربصين بنا, أي أننا عايشنا إعلاماً فئوياً بامتياز, يختار مصطلحاته ونقاط تأثيره بشكل مقصود وممنهج, وهنا لا نتحدث عن اتجاه إعلامي كردي محدّد, بل نستطيع أن نعمّم دون أن ننسى أن لكل قاعدة استثناء, ولكن اعتقد أنه استثناء خجول لا يلّبي أدنى الطموح! وهذا ما ساهم وساعد في تقسيم المجتمع الكُردي بصورة أكبر, حيث من المعروف أن الإعلام بات السلاح الأول في تحويل اتجاهات الأفراد أو تعميقها, تحت هذه الحقيقة تم فرز الإعلام الكُردي بمختلف أنواعه المقروء والمرئي والمسموع والالكتروني بشكل سياسي وليس بشكل مهني, وهذا ما أدى إلى نشوء جيل إعلامي فُرض عليه خطاب إعلامي مقولب ومؤطـّر ومخطّط تبعاً لنهجه السياسي أو تبعاً لمصلحة شخصية ما, وهكذا انعدم ما يسمى الإبداع الإعلامي.
بالرغم من غزارة الأقلام التي تدّعي الإعلام والصحافة والمهنية إلا أننا لم نلمس إعلاما كردياً حقيقياً يكون مرآة حقيقية للواقع, ويكون نبض المواطن ونبض قضيته وثورته, إلا أنه وبالرغم من هذا الواقع الإعلامي الأسود تظهر أحياناً بعض المحاولات الإعلامية التي لم تأخذ للأسف حقها من الدعم والتأييد حتى الآن, فالإعلام الحر والغير مؤدلج والغير تابع إلا لإيديولوجية ونهج الوطن والشعب سيكون سلطة أولى حقيقية وايجابية ورافعة حقيقية للقضية الكُردية وأحد أدواتها التي لا يمكن الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال .