بورتريه فشة خلق (روجآفا … تظاهرات … احتجاجات … ديمقراطية سوبر)

ليس للكردي إلا الريح … صدقت محمود درويش فها هم الأخوة الأعداء ينتظرون الريح لترميهم إلى نهاية الطريق“.

 

بالتأكيد ما يحدث في ديرك و جل آغا ليس مجرد مسرحية استعراضية يسعى كل فريق من خلالها إلى إظهار حجمه و مدى شعبيته الجماهيريّة … بل هو واقع حتمي لحالة الاحتقان و الضغط التي يحسها المواطن الكردي في كردستان سوريا.

المجلسان الموقران يتحملان من الناحية الأخلاقية و الاجتماعية  وزر أي دم كردي يهدر و السلطة القائمة تتحمل من الناحية القانونيّة المسؤولية الكاملة عن أي صدام و ما قد ينتج عنه من ضحايا و إصابات..

المجلس الوطني الكردي الموقِّر الذي يعيش حالة سبات و خمول من عهد الثورة السورية و يتباهى بانتمائه إلى الائتلاف السوري المعارض و يعيش في حالة تخبط و لامبالاة نتيجة عدم قدرته استيعاب هذا الائتلاف و الكثير من سياساته العنصريّة.

هذا المجلس الذي أهدر كل طاقاته و جهوده في قمع الحركات الشبابيّة والتنسيقيّات الثوريّة لتنفرد أحزابه و التي لا تتجاوز أغلبها أن تكون افتراضيّة و ذلك لتنفرد بالقرار و المكاسب.

هذا المجلس الذي يعيش – منذ عهد ولادته و حتى يومنا هذا – على عطايا و صدقات أربيل أو بعض الغنائم التي تقاسمها مع الائتلاف السوري المعارض و لا يخفى عنّا ما نتج عن ذلك من تهم فساد و لعل جوازات الائتلاف وسماسرتها في أربيل و المبالغ المتصاعدة دون رقيب أو حسيب الأخيرة.

هذا المجلس الذي أزاح كرديا من منصب في الحكومة المؤقتة رغم كونه يحمل شهادة بروفيسور و كان مدرسا في أرقى الجامعات السورية ليعين مكانه شخصا فقط صفته الولاء و التبعية لأحزاب المجلس

هذا المجلس الذي تغاضى عن كل الويلات و الأزمات من التجنيد الاجباري و تجنيد القاصرين و التحكم بالمعبر الحدودي و سياسات القمع و الضغط و مجزرة عامودا و غدا كالنعامة التي تغوص برأسها في الرمال و فجأة تعود له النخوة أمام سياسات المناهج الكردية و تعميمها بالقوة

وفي الطرف الثاني الإدارة الذاتية التي لبست ثوب الديمقراطية لتخبئ خلفه كل سياساتها التسلطية و القمعية و جمعت تحت رايتها أحزاب و تجمعات حتى الافتراضية كلمة كبيرة عليهم وأعلنتها جهارا إما أن تكون معي أو تطع أمري مرغما … و مع ذلك تتباهى بالديمقراطية اسماً و أعلاما

نعم هذه الإدارة التي تغافلت بأنّها قسمت المجتمع إلى قسمين؛ مجموعة تتبعها و تناصرها و تعتبرها الشرعية الثورية التي أوجدها الدم و مجموعة ثانية لا حول لها و لا قوة و ترى بالإدارة شراً لا يمكن رده أو الوقوف بوجهه

هذه الإدارة التي فشلت خلال حكمها أن تمتلك قلوب الناس و محبتهم بل كانت حافزا لنشر العداوة و البغضاء و في النهاية حشدت جماهيرها و مناصريها لتواجه المظاهرات و الاحتجاجات السلمية و دعمتهم بالقوة و السلاح و الإعلام الذي استهتر بعقول الناس و الواقع و أخذ ينشر الحقائق مقلوبة، لولا الآساييش لكانت الجماهير الثائرة قضت على من يحارب اللغة الكردية، و تجاهلت بأنّها كانت على وشك تكرار خطئها الكبير في عامودا دون أن تعتذر يومها للشعب الكردي الذي تتباهى بتمثيله.

نعم إيتها الإدارة الموقرة القصة ليست بالمناهج و اللغة الكردية و ليست وليدة الساعة و ليست الديمقراطية شعارا نرفعه و نتاجر به … هي ممارسة ووسيلة ضامنة لشرعية السلطة و قبولها جماهيريّاً.

الشعوب تحكم بالمحبة و السلام و العدالة لا بالقمع و نشر الرعب و لا يمكن للدم أن يجلب معه سوى الدم و على المجلس الكردي أن يدرك بأن تخاذله و ضعفه لم يكن رغبة منه في الحفاظ على السلام و منع أراقة الدم الكردي بل كان أملا و رغبة في الشراكة و الحصول على المناصب و الموارد و لاسيما معبر سيمالكا … و هو يشارك مع الإدارة المسؤولية عما صارت إليه حالنا.

ليس للكردي إلا الريح … صدقت محمود درويش فها هم الأخوة الأعداء ينتظرون الريح لترميهم إلى نهاية الطريق.

 

نشر هذا المقال في صحيفة Bûyerpress في العدد 31 بتاريخ 2015/11/15