سوريون يتملكون عقارات بتركيا بحثاً عن الإقامة الدائمة

تضاعفت إعلانات الشركات العقارية، التي تستهدف اللاجئين السوريين بعد سعيهم إلى إقامة دائمة في تركيا، هرباً من واقع استمرار الحرب في سورية، وعدم ظهور حلول في الأفق تفتح لهم أبواب الأمل للعودة إلى وطنهم.

وفي ظل تزايد مخاطر الهجرة غير الشرعية إلى الدول الأوروبية وبدء حكومة أنقرة تشديد إجراءات الإقامة، لدرجة عدم السماح للاجئين بالتنقل بين المدن التركية، دون إذن مسبق من “الجهات المختصة”، اندفع السوريون لشراء العقارات، للحصول على الإقامة، خاصة بعد قرارات البرلمان التركي في سبتمبر/أيلول 2012، التي أجازت لهم الملكية ولكن بشروط.

ويقول المستشار في مركز الدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط، جيواد غوك، إن الحكومة التركية بدأت تسهيل الإجراءات للسوريين منذ عام 2011 سواء لجهة العمل أو إقامة مشروعات اقتصادية أو حتى التملك.

ولكن لم يصدر قرار بشأن منح السوريين جنسية إذا تملكوا عقارا، رغم ما أشيع أخيراً حول هذا الموضوع، لكن ملكية العقار تمنح السوري إقامة سنوية تجدد تلقائياً كل سنة.

ويضيف غوك: حتى هذا اليوم لا يوجد أي قانون أو تصريح صريح من الحكومة التركية يمنع بموجبه المواطن السوري من التملك في تركيا، لكن يوجد توصية قديمة غير معلنة تحظر على السوريين التملك لأسباب سياسية.

وحول الحالات التي يمكن للسوريين خلالها التملك بتركيا يضيف غوك، هناك ثلاث حالات وهي، تأسيس شركة في تركيا، والتي يعتبرها القانون التركي بمثابة شخصية اعتبارية يحق لها تملك العقارات والإقامة، وتأسيس شركة مع شخص تركي، والتملك باسم شخص “أجنبي” تركي أو غيره.

ويتفق كثيرون أن اللاجئين ولا سيما السوريين الذين يزيدون على مليون لاجئ، قد ضاعفوا أسعار الإيجارات بتركيا عموماً، وفي المدن الحدودية وإسطنبول على وجه التحديد، فزاد إيجار البيت من 400 ليرة تركية (الدولار = 2.90 ليرة) عام 2012 إلى أكثر من 1000 ليرة حالياً، كمعدل عام في المدن المستهدفة من السوريين.

وما بدأ يتردد أخيراً عن منح مالكي العقارات إقامة سنوية وربما جنسية لاحقاً، دفع السوريين لشراء مزيد من العقارات التي ارتفعت أسعارها بنحو 40% خلال الأربع سنوات الماضية، حسب صاحب المكتب العقاري بمنطقة الفاتح بمدينة إسطنبول، خليل يلماظ.

ونشط بالتوازي نشاط إقامة الشركات والمكاتب العقارية، حيث أسس السوريون نحو 30% من مجمل الشركات المؤسسة بتركيا من قبل الأجانب خلال النصف الأول من العام الجاري، وفق إحصاءات رسمية تركية.

ويقول مسؤول بقسم المبيعات بشركة “هومز” التركية، مصطفى الغزاوي، إن القانون التركي، حتى الآن لا يجيز للسوريين التملك المباشر بأسمائهم الصريحة، ولكن يمكن للسوريين التملك بأسماء شركات يؤسسونها وتكون الملكية باسم الشركة، ومن خلالها يمكن منح السوريين إقامة سنوية تجدد بوجود المالك حتى بيع العقار.

ويضيف الغزاوي أن تأسيس شركة في تركيا بهدف تملك شقق للبيع في تركيا لا يستغرق أكثر من يومين فقط، وتحصل على الرقم الضريبي والسجل التجاري ويمكنك بعدها فتح حساب مصرفي.

وحول تكاليف تأسيس شركة للحصول على سجل تجاري يمكّن السوريين من التملك تقول مسؤولة بقسم العلاقات العامة بشركة هومز فرع إسطنبول، حلا، تبلغ التكاليف بين 5 حتى 8 آلاف ليرة تركية، على حسب الشركة ونوعها وفترة التأسيس.

وأضافت حلا أن بعض التسهيلات تقدم للسوريين لجهة التقسيط على فترات زمنية طويلة “حتى خمس سنوات” ولا تنقل الملكية ريثما ينتهي التقسيط، ويكون العقد بالتراضي بين المالك والمشتري السوري الذي ستسجل الملكية باسم سجله التجاري ويتراوح السعر بين 75 ألف دولار و100 ألف على حسب المنطقة والمساحة والمواصفات.

وأشارت موظفة العلاقات العامة بشركة “هومز” التركية: تبلغ تكلفة تأسيس شركة في تركيا أجرة المحامي والرسوم والترجمة، فضلاً عن ضرائب الثروة والبيئة والتي تحدد بحسب نشاط وفواتير الشركة.

وشكل السوريون أكثر من ثلث إجمالي الشركات التي أقامها المستثمرون الأجانب في النصف الأول من العام الحالي 2015. واحتل المستثمرون السوريون المرتبة الأولى في قائمة الشركاء الأجانب بنسبة وصلت إلى 25.2%، ويقدر حجم الاستثمارات الحقيقي للسوريين بنحو 4.3 مليارات دولار، حسب المستثمر السوري بقطاع الأغذية في إسطنبول نزار بيطار.

وأشار بيطار إلى أن كل ما قيل حول منح السوريين مالكي العقارات والشركات جنسية تركية “هو شائعة حتى الآن، رغم أن جهات رسمية أكدت أن الموضوع قيد الدراسة الجدية”، منوهاً أنه ليس جميع الشركات التي أسسها السوريون تخولهم تملك العقارات، بل فقط الشركات المحدودة.

وأضاف المستثمر السوري أن شراء العقارات ليس استثماراً رابحاً بقدر ما هو استقرار، فما يربحه البيت قد يأكله التضخم، كما أن عائد منزل سعره 300 ألف ليرة تركية الشهري لا يزيد على 1000 ليرة شهرياً في حالة تأجيره.

وفي المقابل قال صاحب شركة عقارية ثائر شعبان، إن ارتفاع أسعار العقارات “هو أضمن استثمار بتركيا اليوم في واقع تهافت السوريين على الاستثمار بالمطاعم والتجارة”.

وأضاف شعبان لقد ارتفعت نسبة شراء السوريين عقارات هذا العام بنسبة كبيرة، فبعد أن اتجه السوريون للاستثمارات الصغيرة، من مطاعم وورش نسيج وصناعات صغيرة، لجأوا إلى شراء العقارات، سواء بهدف التجارة، نظرا للارتفاعات الكبيرة بأسعار المنازل بعد عام 2011 أو لتأجيرها واستثمارها مستفيدين من التسهيلات التركية.

وكان اتحاد الغرف وبورصات السلع في تركيا قد أكدا خلال إحصاءات 2014، احتلال السوريين المركز الأول في الاستثمارات الأجنبية المساهمة في الشركات المؤسسة حديثاً.

وبحسب الاتحاد، فإن نحو 10%، أو ما يعادل 489 شركة من الشركات التي تم تأسيسها أخيراً، كانت إما بشكل مباشر من السوريين أو عبر شراكتهم مع الأتراك.

وحول أسعار العقارات أشار ثائر شعبان، إلى أنه لا يوجد سعر محدد، فالمدينة والموقع والمساحة تحدد السعر.

وكان المصرف المركزي التركي في يوليو/تموز الماضي، عن تسجيل ارتفاع كبير في أسعار العقارات في مختلف المدن التركية خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي 2015، خاصة مدينة إسطنبول، التي سجلت فيها أقوى الارتفاعات.

وأوضح المصرف أن مؤشر أسعار العقارات في مختلف مدن البلاد ارتفع بنهاية شهر مايو/أيار الماضي بنسبة 19.98% قياسا بالفترة نفسها من العام الماضي.

 

العربي الجديد