نقص اللقاحات في المراكز الصحية في مدينة قامشلو أثارت مخاوف الأهالي..  فيما تضاربت آراء المختصين حول خطورة المشكلة

العام المنصرم شهدنا جوائح كبيرة نتيجة قلة اللقاح ومنها التهاب الكبد والحصبة و الحصبة الألمانية إضافة إلى حالات اشتباه  بشلل الأطفال

يفضل الاستعجال في أخذ اللقاحات لأن التأخير عامل أساسي للإصابة بالمرض

– اللقاحات مهمة جداً خاصة “اللقاح الخماسي اللاخليوي  والكبد” مفقود منذ فترة طويلة واليوم انتهى لقاح ب ث ج في المركز

 

استطلاع: فنصـة تمـو

 

مازالت تبعات الحصار المفروض على المناطق الكردية تظهر بتجلي في كافة القطاعات وعلى وجه الخصوص القطاع الصحي, بدءً من نقص الأدوية وانتهاءً بفقدان بعضها يضاف إليها اليوم مشكلة عدم توفر لقاحات الأطفال منذ ما يقارب الشهرين حيث أثارت هذه  المشكلة مخاوف الأهالي من استمرار الحال الذي سيؤدي بدوره إلى نتائج خطيرة حسبما وصفها بعض المختصين في القطاع الصحي, وأنها تستدعي نفيراً عاماً, فيما وصفها أخرون بأنها ليست بتلك الدرجة من الخطورة.

وللوقوف على حيثيات المشكلة كان هذا الاستطلاع الميداني لحال بعض مراكز التلقيح المتواجدة في المدينة حيث تبين – وحسب ما أفادت به السيدة ع.ع الموظفة الصحية في قسم اللقاح في المركز الغربي- بأنّ اللقاحات الغير متوفرة هي ” خماسي لاخليوي- كبد”، أما المتوفر من اللقاحات فهي ”  ب-ث-ج  الحصبة والشلل الفموي” و أوضحت بالقول : الظروف التي تمر بها المنطقة أثّرت على إمكانيّة ايصال اللقاحات حيث يتم إمداد المركز بكميات محدودة لا تكفي احتياجات المواطنين فالمركز الغربي هو القسم الرئيس الذي يقوم بتوزيع اللقاحات إلى كافة المراكز الصحيّة في المدينة, و الآن نتواصل مع مديريّة الصَّحة في الحسكة لوضعها في صورة المشكلة.

والحال لم يكن أفضلاً في مركز الهلالية الصحيّ، حيث أكدت الموظفة في قسم التلقيح – ج. م  والتي تعمل في المركز منذ  15عاماً- بأنه في السابق, اللقاحات كانت متوفرة بشكل دائم ونادراً ما كان يحدث نقص في السابق وحتى خلال السنتين المنصرمتين مذ بدأت الأحداث كان الوضع جيداً, أما في الوقت الراهن فإنّنا نعاني  نقصاَ في بعض اللقاحات.

وعن اللقاحات المتوفرة في المركز قالت:” المتوفرة حالياً هي :MMR “حصبة- حصبة ألمانية- نكاف” أما الغير متوفرة هي ” خماسي لاخليوي– الكبد ” وهي لقاحات مهمة جداً خاصة اللقاح الخماسي اللاخليوي  والكبد مفقود منذ فترة طويلة واليوم انتهى لقاح ب ث ج في المركز.

مضيفةً : “بأنّ منطقتنا أحسن حال من المناطق الأخرى, لأنها تنقطع لفترات بسيطة ولكن ليست بشكل كامل, وهذه المرة الأولى التي لا تتوفر طيلة هذه المدة.

يوجد في مدينة قامشلو أربعة مراكز صحيّة تتضمن قسم للقاحات وهي  ” الهلالية, الغربي, الشرقي ” أما مركز ميسلون بعد تعرضه لحادث الحريق المؤسف في 31-5-2015  لم يباشر العمل فيها لحد الآن, وتتوزع الأيام المخصصة للتلقيح على المراكز الثلاثة, فتتحدد في ثلاثة أيام لكل مركز.

وفي هذا السياق استوقفنا بعض المراجعات لمراكز التلقيح :

شيرين حسين- إحدى المراجعات لمركز الحي الغربي- قالت :” أراجع المركز منذ أسبوعين واللقاح الرباعي؛ شلل عضلي الذي يحتاجه طفلي البالغ من العمر خمسة أشهر غير متوفر وتقول الموظفة بأنّه سوف يتم تأمينه قريباً”.

أما السيدة جيهان علي – والدة لمولودين توأم حديثي الولادة- أكدت بأنّ في المرة الأولى للتلقيح راجعت المركز مرتين إلى أن أخذ مولوداها اللقاح وهذه المرة كان يجب أن يأخذا اللقاح اللازم قبل أسبوع ولكن الموظفة تخبرها بأنّه غير متوفر وعبثاً حاولت مراجعة المراكز الأخرى فالإجابة كانت واحدة من قبل العاملين في قسم التلقيح في المراكز الصحية  الأخرى في المدينة”.

فيما أوضحت المراجعة آلين محمود “بأنّها تتردد على مركز الهلالية الصّحي منذ شهر لاستكمال لقاحات طفلها البالغ من العمر سنة ونصف ولكن العاملين في قسم التلقيح أعلموها بأن اللقاحات التي يحتاجه طفلها غير متوفرة الآن “.

أهمية اللقاحات في الوقاية من الإصابة بالمرض:

وحول أهمية اللقاحات أوضح الدكتور نضال ناصر العماوي الأخصائي  بأمراض الأطفال بالقول: ” اللقاح هو عبارة عن جرثوم يتم إخضاعه لعوامل فيزيائية أو كيميائية بحيث يصبح ضعيفاً أو ميتاً للتعرف على العامل الممرض بحيث لا يقدر على إحداث المرض في المستقبل  إنما يحرّض جسم الطفل عند تعرضه لهذا العامل الممرض في المستقبل لأن هذه المواد المناعية تتعرف في مرحلة ما بعد اللقاح على العامل الممرض بشكل مبكر وتمنعه من إحداث المرض, وبالتالي فهي تضمن الوقاية من أمراض عدة بنسبة 100%  كما وتمنع  من حدوث اختلاطات بعض الأمراض التي قد يصاب بها المريض وعلى وجه الخصوص أمراض الكبد “التهاب الكبد A, التهاب الكبد B ” حيث الاصابة بمرض الكبد B يشكل خطراً وقد تؤدي إلى حالات متقدمة من تشمع الكبد فأخذ اللقاح يقي من الاصابة ويقي من تكلفة العلاج الباهظ  حيث نسبة العلاج بعد الاصابة لا تتعدى 30% في أحسن الأحوال.

الأمراض التي يلقح الطفل من أجلها حالياً:

هذه الأمراض هي شلل الأطفال والحصبة و الحصبة الألمانية والنكاف وجدري الماء والسعال الديكي والكزاز والدفتيريا والتهاب الكبد من النوع  ب وتسمى جرعة اللقاح

من أجل مرض السعال الديكي والدفتيريا والكزاز باللقاح الثلاثي وتلزم به منظمة الصحة العالمية, ويضاف بعض اللقاحات في حالات خاصة على سبيل الذكر لقاح السل.

متى يمكن إعطاء الطفل اللقاحات , وما مخاطر عدم استكماله  الجرعات المحدد ؟

هنا أكد د. ناصر بأن هناك برنامج ثابت للقاح يبدأ بعد الولادة مباشرةً, ومع نهاية السنة والنصف يجب أن يكون الطفل تلقّى معظم لقاحاته, وهي تقسم على 6 زيارات كما يفضل الاستعجال في أخذ اللقاحات لأن التأخير عامل أساسي للإصابة بالمرض, وهناك لقاحات إضافية غير مدونة في الجدول الأساسي تعطى عند الجوائح.

وعن مخاطر تأخير استكمال جرعات اللقاح أضاف د. ناصر: “هناك لقاحات تعطى على فواصل زمنيّة معينة على سبيل الذكر مرض الكبد يُعطى اللقاح الأول منذ الولادة واللقاح الثاني بعد شهر والثالث بعد 6 أشهر فالجرعة المعطاة هي واقية للفترة الفاصلة بين اللقاحات الثلاثة وعدم الانتظام يرجعنا إلى نقطة الصفر.

وعن خطورة المشكلة القائمة الآن  والتي أصبحت تشكل هاجساً لدى أهالي المدينة أوضح د. ناصر:  إنّها مشكلة خطيرة على المجتمع بشكل عام وليس على الفرد فقط لأنها ستؤدي إلى ظهور أمراض كانت منسية في تاريخ الطّب, ففي العام المنصرم شهدنا جوائح كبيرة نتيجة قلة اللقاح ومنها التهاب الكبد والحصبة و الحصبة الألمانية إضافة إلى حالات اشتباه  بشلل الأطفال تمّ تداركها في الوقت المناسب, والمشكلة القائمة تستدعي نفيراً عاماً من قبل الجهات المعنية.

أما الدكتور خاجيك ميرزا اخصائي أطفال وهو متعاقد مع  “مركز الهلالية الصحيّ” كان له رأي آخر حيث  أكد:” إنّ اللقاحات في السابق كانت متوفرة بشكل دائم ونظامي وسورية كانت مشهورة بأنّها قضت على كافة الأمراض المُعدية وكذلك شلل الأطفال ولكن في الفترة الأخيرة شوهد تباطؤ في عمليات نقل اللقاحات وتوزيعها نتيجة الظروف التي تمرُّ بها المنطقة.

وأشار إنّ عملية تأخير أخذ اللقاحات ليس له ذاك التأثير الكبير معللاً رأيه بالقول: لقاحات الشلل متوفرة أما لقاحات الكبد ليس لها تلك الخطورة باعتبار أن الأطفال والرضع ليس لديهم ذاك الاختلاط أو التماس بالبيئة الخارجية لأنهم يعتمدون في تغذيتهم على حليب الأم”. وأضاف ميرزا :” بما أنّ المحيط الذي نعيش فيه لم يشهد جائحات مرضية كبيرة, وبالتالي عدم وجود الأمراض الفيروسية تؤكد عدم خطورة المشكلة, فمركز الهلالية لم يشخّص أي حالات مرضية معدية وخطيرة, أما حالة إصابات التهاب الكبد A فهي نادرة وهي ناتجة عن تلوث المياه والأغذية ويصاب بها الأطفال  في عمر السنتين واللقاح ليس السبب الأساس فهناك مجموعة أسباب مثل التلوث في الأغذية والمياه يضاف إليها العامل المهيئ وهذا يحدث عند وجود وافدين من مناطق أخرى حاملين الفيروس ولكن التلقيح في حال تأخيره لفترة طويلة يصبح أحد الأسباب في الإصابة أيضاً.

وقد أفضى الاستطلاع الميداني لواقع المشكلة القائمة بأنها لازالت قائمة والمراكز الصحية لاحول لها ولا قوة في انتظار الجهات المعنية أن تمدُّها باللقاحات الغير متوفرة اليوم ممّا أثار مخاوف الأهالي وبعض المختصين في الشأن الصحيّ ونحن –بدورنا- نتوجه إلى كافة الجهات المعنية بما فيها هيئة الصّحة التابعة للإدارة الذاتيّة, لإيجاد حل سريع لهذه المشكلة التي قد تؤدي إلى عواقب لن يُحمد نتائجها.

 

 نشر في صحيفة Bûyerpress في العدد 29 بتاريخ 2015/10/15