لا أسعى من خلال هذه الزاوية أن اتهجم على أحد أو أسلط عليه الأضواء لكن مرارة الواقع و ضبابيته تضعنا أمام واجب قول الحقيقة في كل الثورات التي دوَّن التاريخ نصرها أو فصول مجدها كان القادة يمتشقون السلاح و يتصدرون صفوف الثائرين و ينشرون روح المواجهة و التحدي في قلوب الثائرين المضحك المبكي في وضعنا الكردي الراهن بأننا شعب معظمه قادة و زعماء و أبطال و الأروع بأننا نختلف عن كل البشرية بأن قادتنا الميامين يتقنون القيادة و توجيه دفة الثورة و رسم الخطط الاستراتيجية و منح صكوك الوطنية و التخوين و هم خارج حدود الوطن .
بالتأكيد الوطن و حدوده و أوضاعه لم تعد تتسع لهؤلاء القادة و طموحاتهم و أفكارهم الخارقة لذا كان لابد لهم من أن يهاجروا و ينتقلوا إلى بلاد أكثر راحةً و أماناً و رفاهيةً ليبدعوا في فنون القيادة و توجيه البيادق الثورية لا يسعني اليوم و أنا أصارع حقيقتنا المرَّة سوى أن أوجه الشكر و الامتنان لأربيل و السليمانية و انحني لجهودهما الكبيرة في فتح سفارات لأغلب أحزابنا الكردية و استقبال قادتنا الميامين و تقديم المأوى و مستلزمات المعيشة الجيدة لهم و لعائلاتهم النبيلة و فضلاً عن استقبال هؤلاء الزعماء تعيين مندوب عن كل حزب بصفة سفير لدى حكومة الإقليم و براتب شهري مقابل جهودهم الجبارة في إيصال صوتنا و آلامنا و آمالنا و أنا اليوم بكامل الثقة بأنه لولا هؤلاء الميامين لما انتصرت ثورتنا الكردية في سورية و لما تحررت أرضنا المقدسة من ديرك و مرورا بكوباني و وصولاً بعفرين و إلى تخوم قرى الساحل السوري لا أظن بأن قادتنا الميامين في مدن أوربا الغربية أقل حماساً و نضالاً من أبطالنا في إقليم كردستان و لا أخفيكم بأنني أعلم مدى ما يبذله هؤلاء من وقت و جهد على صفحات النت و في المحادثات المشحونة في برامج المحادثة الصوتية و على شاشات الأقنية الفضائية و لا أنكر الجهد الجبار الذي يبذلونه و كمية العرق و هم يحاولون إقناع جمهور المشاهدين بأنهم يمثلون الشعب و الثورة و صوت الحقيقة و ليس لنا نحن من نُقيم ضمن تخوم الوطن و نعاني ويلات الحرب و الحصار و الموت سوى أن نصفق لهؤلاء و نبارك جهودهم العملاقة القائد العظيم و الرمز الوطني مازال يقيم على ثرى وطنه و يهتف بأعلى صوته لكن عائلته و سائر أبنائه المدللين غادروا مع أول بشائر الثورة و استوطنوا مدن الأمان و السعادة لكن الوالد المبجل ظلَّ ليقود دفة القيادة و يتشبث بالكرسيِّ الوهميِّ خشية المنافسين .. لا يمكنني إلا أن اتحسر و أشعر بمدى قذارة هؤلاء و أنا أتأمل شاشة التلفاز و الجموع المحتشدة لنصرة الشعب الكردي و حقوقه في عواصم أوربا، عشرات معدودة ممن يهرعون أمام الكاميرات ليبثوا صورهم في دول تعجُّ بالمهاجرين من أبناء وطني، حتى هؤلاء القادة للأسف تعذر حضورهم لانشغالهم بالعمل أو موعد غرامي . للأسف الهجرة مستمرة و البحار و الثلوج و شاحنات الموت مازالت تطالب بالمزيد من القرابين و القادة الميامين مازالوا يقودون ثورة وطني عن بعد و كأنَّها لعبة بلاي ستيشن.
نشر هذا المقال في صحيفة Bûyerpress في العدد 26 بتاريخ 2015/9/1