الكاتب والشاعر خليل كالو: سأنتصر على المرض كما انتصرت الـ (YPG)على “داعش”

– سأنتصر على المرض كما انتصرت قوات الـ ((YPGعلى داعش.
– أكثر أشعاري غنَّاها الفنان دلو دوغان فهو صناعتي كشعر وأغنية.
– عندما أكون “YPG” ليس بالضرورة أن أكون آبوجيا , ولكي أكون بيشمركة ليس بالضرورة أن أكون برزانيَّاً فالكرد فهموا القضية بأن تكون “YPG” أو بيشمركة يجب أن تكون حزبياً.
– تعلمت اللغة الكرديّة عام 1979 على يد آبو أوصمان صبري وبمساعدته افتتحنا ثلاثة مدارس لتعليم اللغة الكردية “لأجل العمال والطلبة.
– كانت لغتي العربية قوية جداً وكنت أنال العلامة التامة دائماً فيصفني أستاذ اللغة العربية بالعبقري.
– سُئلتُ أنا وزميلي ذات مرة من قبل آبو أوصمان ما هو فكركما فأجبناه بأن فكرنا ماركسي ـ ولم نكن نعلم أنه سوف يمتعض فنلنا منه ذماً وعتاباً ـ فقال: ولماذا لستما قوميّان كرديّان.
– ابتعدتُ في كتاباتي عن الهوامش والشطحات، دافعت فيها عن الهويّة واللغة الكرديّة، ركزت على نقد التراث المعيق لتطور المجتمع بشكل كبير.
– مفهوم الديمقراطية خطير في مجتمع متخلف كالمجتمع الكردي فالديمقراطية ثقافة وليست فكراً.
– في سلطة حركة المجتمع الديمقراطي ( (Tev-Demتوجد مساحة كبيرة للحرية تفوق التصور ولكن لا توجد ديمقراطية.
– حتى الآن الوطنية مشكوكة عندنا لأنها كمفهوم لاتزال غير واضحة لدينا وفيها اشكالية عجيبة.

أجرتِ الحوار: فنصة تمو.

كان دائماً في جاهزية تامة،عيناه كانتا تشعان حياةً وحباً للأرض والتراب، عميقٌ في فكره وتفكره غزير النتاج و الكتابة، يغوص بفكره في قضايا مجتمعه يبحث عن الحل يحلل المسائل ثم ليعود بعد ذلك إلى تركيبها تركيباً منطقياً ينمُّ عن ثقافة عميقة الجذور والمتون، ليّنٌ لطيف في صداقاته، سليل الطبيعة والوجدان الكردي، تميّز عن أقرانه من الكتاب والمثقفين بعلاقاتٍ حميمةٍ مع جميع الساسة والكتاب والمثقفين. لم يعلم الكاتب والشاعر خليل كالو قبل أشهر وهو في رحلته إلى باشور كردستان أنَّ جسده يتعرض لمرض خطير، فصعد جبال قنديل، وشرب من ينابيع السليمانية، وكتب شعراً في هولير، دون أن يشعر بمرضه، كالو الذي سخَّر قلمه منذ بداية ثورة روجآفا للمدافعين عنها فبدأ يكتب يومياً عن ملاحم وأخبار وحدات حماية الشعب والمرأة، فارقه يراعه وفارقته أوراقه ولازمته الأدوية والعقاقير، ذلكم هو كالو ابن الطبيعة عاش وترعرع في قريته “Dêrûna Qulinga” حيث ولد فيها في العام 1958 ودرس في مدارس المنطقة حتى انهى دراسته الجامعية قسم الجيولوجيا التطبيقية من جامعة دمشق.. شاعر مرهف يكتب الشعر الغنائي باللغة الكردية المحكية، مستعيناً بدلالاتِ وصورِ الطبيعةِ، له محبيه وأكثرهم قرباً منه صديقه الحنون الدكتور كسرى حرسان لم يفارقه في مرضه حتى أنه كتب مرثيته قبل أشهر حيث يقول فيها:
“خليل كالو ….دعوني أنظم بحقه هذا الرثاء!
عاد التاريخُ…. ولكن في هذه المرة معهُ البؤسُ والظلام. كشبحِ غابرٍ امتلك قدرة الحياة دفعةً واحدةً فقدِمَ من زمنٍ سحيقٍ.
فوددتُ بالمناسبة أن أدوّن عن نموذجٍ يلخِّصُ هذا السِفْرَ الخالدَ، بل ينْسُخهُ نسخاً.
إذ ماذا يفعل صديقي العزيز خليل كالو في قريته المسماة (ديرونا قلونكا)، وحاله التمدد في فراش مللهُ وكآبتهُ مع رحيلِ تيارهِ الكهربائيِّ وحلولِ ظلامهِ العنيدِ، إلَّا أن يُعدِّد ما جادت به حديقةُ سقفهِ من جذوعٍ وألواحٍ خشبيةٍ وأخواتهما، هذا وهل كان في وهمِ الأثير على قلبِ كالو أن يصبحَ يوماً وجهَهُ الطموحِ الحالمِ كاميرا مثبتة في أسفل لتصوير واجهةٍ تحجبهُ فقط عن قبةِ السماءِ، أعني السقفَ.
فلقد عوّده دهرهُ الآني بعنادٍ منقطعِ النظيرِ أن يثابرَ على التَّفرسِ في تلك القمةِ دونما كللٍ، أو أن ينثني ليستقرَّ نظرهُ المرتدُّ في فص يأفوخه القفوي. فهل أفظع من هذا.. مأساة؟!.
ولكن … رويدَك! يا كالو! فإنَّ عليك أن تعلمَ، ومنظاركَ في هذا الاتجاه، أنَّ للعبقرية حدوداً لا يمكنكَ يا عزيزي تخطّيها، فلقد شططتَ فظلعتَ بإبداعكَ في قفارِ الوحشةِ ومفاوزِ المتاهاتِ.
ولذلك أنت الآنَ تَعُدُّ على رغم إرادتكَ مكوّناتِ تلك اللوحةِ التي وقفتْ فوقكَ بكلِّ جبروتها وقوفاً أشدُّ من ارتفاع الطُّورِ ذاتهِ.
هذا العدّ وفقط. ثم إيِّاك يا صديقي والاستمرارَ! فإني أتحدَّاك إنْ كان لك القدرةُ على إحصاءِ تلك البقيِّة الباقيةِ من أيقوناتِ تلك الروضة السقفيّةِ الهامدةِ قشّاً كانَ أم قصباً. فليس لعبقريتكَ المعهودةِ عندي إلّا التقهقرَ…. في السِمْتِ المظلمِ.
“وسلم لي على (ديرونا قلونكا)…. وزفَّهُ.. خبراً للقالقها أنَّ الربيعَ أقبل.”
التقيناهُ في إحدى غُرَفِ المرضى بمشفى الرحمةِ وكان هذا الحوارُ معهُ.

بداية نرحب بكم في هذا اللقاء..
أهلاً وسهلاً ..

حبَّذا لو تحدثنا عن بداياتك في العمل السياسي والنضال من أجل القضية الكردية؟


لم أمارس العمل السياسي في البداية، فعندما كنت طالباً جامعياً، بدأت العمل من أجل الثقافة الكردية, حيث تعلمت اللغة الكردية عام 1979 على يد آبو أوصمان صبري وبمساعدته افتتحنا ثلاثة مدارس لتعليم اللغة الكردية “لأجل العمال والطلبة, وبعض العائلات الشامية الراغبة بتعلم اللغة الكردية.
تقربت من العمل السياسي في الثمانينات ولكن ليس بشكل منظم, وإبّان الانقلاب العسكري في تركيا عام 1982 وقدوم (PKK) وجميع الأحزاب الكردية من باكور كردستان إلى روجآفاي كردستان التقيت آنذاك بالقائد عبد الله أوجلان, فقد كان تقربي من كافة الأحزاب بنفس السوية, وعندما غادر أنصار الـ (PKK) إلى أوروبا في العام 1986-1987 ساهمت في الترويج لهم وفي العام 1990 انخرطت رسمياً في صفوف حزب العمال الكردستاني ككاتب وكادر, بقيت في الحزب حتى العام 1991حيث تركت العمل في صفوف الحزب لحدوث اشكالية بيني وبين بعض المسؤولين وليس لأسباب سياسية أو تنظيمية, مُذ ذاكَ وأنا مستمر في عملي التثقيفي حسب امكاناتي, ثم دخلت في عزلة دامت عشر سنوات أثرت بشكل كبير على نتاجي في الكتابة وأثرت أيضاً على لغتي الكردية والعربية فقد كنت من رواد اللغة الكردية في روجآفاي كردستان, في تلك الأعوام قليلون من كانوا يكتبون بالكردية.
أيضاً لو تحدثنا عن بدايات خليل كالو في الكتابة باللغتين العربية والكردية؟
بعد تعلمي اللغة الكردية بين عامي 1978- 1988بدأت بكتابة المقال السياسي والقصيدة الكردية, فكان ما كتبت 20 أو 30 قصيدة لأنني حين تعلمت اللغة الكردية ووجدت لدي تلك القريحة التي مكنتني من كتابة الشعر لم أدخر جهداً في كتابة الشعر, و لازلت احتفظ بتلك القصائد ولم انشرها وكنت أعرض ما أكتبه على آبو أوصمان فكان يقول : يلزمكم المزيد, وكذلك كانت بدايتي مع الكتابة باللغة العربية وأول مقال لي نشر في جريدة اتحاد الشعب العام 1979-1980 يمكنني القول بأني بدأت الكتابة باللغتين عام 1979-1980, كانت لغتي العربية قوية جداً حتى في المدرسة كنت أنال العلامة التامة دائماً، فيصفني مدرس اللغة العربية بالعبقري, حين كنت طالباً في الجامعة, كنت أتردد مع زملائي على المركز الثقافي السوفيتي هناك أخذت ذخيرة ثقافية جيدة، فالمكتبة كانت مفتوحة دائماً وتعلمت اللغة الروسية حيث اتممت المرحلة الثالثة, كان فكري ماركسيا, وعندما سؤلت أنا وزميلي ذات مرة من قبل آبو أوصمان ما هو فكركما فأجبناه بأن فكرنا ماركسي ولم نكن نعلم أنه سوف يمتعض ,عندها نلنا منه ذماً وعتاباً وقال: “ولماذا لستما قوميان كرديان” ..؟
أهم المواضيع التي يهتم بها الكاتب خليل كالو في كتاباته وما هي الكتب المطبوعة له؟
أكثر ما تناولته في كتاباتي القيم الكردية وكل ما هو مرتبط بثوابت الشعب الكردي والهوية الكردية، ابتعدت في كتاباتي عن كتابة الهوامش والشطحات، دافعت فيها عن الهوية واللغة الكردية، ركزت على نقد التراث المعيق لتطور المجتمع بشكل كبير، كتبت 540 مقال.
لدي كتاب” الحكم والأمثال الكردية” يتضمن مائتي حكمة ومثل مترجمة إلى العربية وعلقت عليها هو غير مطبوع وكتاب مطبوع في هولير ترجمة ” مذكرات شاهد عيان ” للكاتب ملا حسني كرد ترجمته من الكردية إلى العربية طبع في 2010 وهو مودع في المكتبة القومية في هولير .
ولدي كتاب آخر مضمونه يدور حول أربع نقاط رئيسية” التاريخ، الجغرافيا، الثقافة , الاقتصاد” هذه أعمالي المكتوبة
ولديَّ مساهمات في خدمة حزب العمال الكردستاني و مساهماتي كانت في ستة كتب أربع كانوا باللغة الكردية وأثنين بالعربية , كما ولي كتاب ترجمة “حقيقة القيادة في حزب العمال الكردستاني” في أربع مائة وخمسين صفحة, بالطبع أنا لست مترجماً تركيا ولكن بمساعدة صديق ترجمت هذا الكتاب حيث قرأها بالكردية المحكية وأنا ترجمتها إلى العربية وهذه أصعب أنواع الترجمة, ولدي مدونة كموقع الكتروني أيضاً تتضمن 538 مقالة كردية وعربية بالإضافة إلى مقالات منشورة في عدة صحف ومجلات كردية تصدر باللغتين العربية والكردية. وهناك كمٌّ منها لم تسنح الفرصة لأنشرها وحاولت جمع كل ماله علاقة بالقيم والهوية الكردية والتراث، في بحث موحد، ولم أقرب في كتاباتي النقد السياسي حتى عام 2003, لأن الحركة السياسة الكردية كانت تشهد حينها تخبطاً عجيباً، و تتاجر بهذه القيم التي يبنى عليها وجود الكرد؛ يخدعون الشعب الكردي, ركزت على هذه النقاط.

ماهي أهم الأمور والأفكار التي عالجتها في كتابك المسائل الكردوارية؟
المسائل التي عالجتها في ذلك الكتاب بلغت عشرة توقفت فيها على أسباب وجودها في المجتمع الكردي وحاولت تحليلها كظواهر وبحث عما يمكن أن يكون حلاً لتلك المسائل، ومنها مسألة الأمة الكردية التي إلى الآن لم يتمكن الكرد من تحليل وتركيب منطقي لما تنطوي عليها هذه الأمة.فمسألة سقوط الكرد، متى سقط الكرد، و متى دخلوا التاريخ؟, ضيعوا دينهم في زمن مضى, وحين حاولوا تنظيم المجتمع جاءتهم ثقافة اسلامية غريبة وكان ذلك في معركة القادسية, حينها ضاع الكرد وهنا يحضرني مقولة عربية ” إذا استبدل المرء ثقافته بثقافة ما حينها يفقد قوميته” تقزم الكرد ولم يستطيعوا حل مسألة السقوط, لم يجدوا لها الحل كانوا يخشون ما جاءهم من الإسلام ومن حكام المسلمين, وهذه المسألة لازالت عالقة حتى الآن وبعدها دخل الكرد في مرحلة الضياع, من معركة القادسية إلى معركة جالديران حيث تعرضوا للخيانة , التاريخ لم يذكرهم إلا كجنود وخدم علماً أنهم حققوا انجازات ضخمة وخرج من بينهم علماء في الطب والفيزياء والرياضيات أمثال أبو مسلم الخراساني, وقُوّاد عظماء أمثال صلاح الدين الذي قاد أعظم الجيوش وفتح البلاد, واستيقظ الكرد في القرن العشرين بعد تأسيس الجمعيات الثقافية في اسطنبول على يد العائلة البدرخانية حينها بدأت الثقافة الكردية بمحاولة استرجاع نفسها فيما يخص القيم وحقيقة الكرد،أصل وأصول الكرد.
بالطبع ظهر هنا فطاحل أمثال محمد أمين زكي، العائلة البدرخانية، قدري جان, جكرخوين وكان دوره مهماً, آبو أوصمان صبري, نورالدين زازا المشكلة أن المرض جعلني أنسى بعض الاسماء .
المسألة الثالثة الانتماء والوجدان القومي، أنت منتمي فكيف وجدانك القومي، اللغة والتفكير ما هي الطريقة التي يفكر بها الكرد، حاولتُ إيجاد الحلول وتفسيرها في كتاباتي.
مسألة تقزم الشخصية الكردية، لماذا تقزمت الشخصية الكردية؟ عوامل تقزم الشخصية الكردية، لماذا لم يجدوا لها الحلول؟ لأن هناك أسباب جوهرية وهو ارتباطها بالتراث المعيق لتطور المجتمع فلم يتقدم , وعدم ظهور الفكر الحداثي لتمسك النخب بكل ما هو قديم وارتباطهم بالإقطاعيات لذلك بقيت هذه الشخصيات كما هي.
مسألة أنماط الشخصية الكردية إلى اليوم لم يتمكنوا من فرز الشخصية المزيفة عن الشخصية المبدعة عن الشخصية النمطية، فالشخصية المبدعة ضائعة.
الشخصية التي تحرك المجتمع ضائعة في خضم هذا التراكم, والمزيفة أصبحت تقود الكرد في ميادين السياسة و الثقافة، الشخصية المزيفة من سماتها الثرثرة , وغالباً تكون ذكية حاذقة, مستغلة, غير منتجة, ضلالية, وهي التي تقودنا الآن والمبدعة ضائعة وتصارع هذا الواقع.
مسألة التنظيم, عدم القدرة على التنظيم، المجتمع الكردي بقي نبطياً رغم وجود الأحزاب ولكن للأسف مجتمعنا نبطي قائم على المحسوبيات والعشائرية والعلاقات المزيفة وعلى التخلف والتراث القديم البالي والثقافة الاسلامية التي أخذت ناصية الشارع, فالكرد لا يستطيعون تنظيم أنفسهم لأن المجتمع ينظم بالسلطة ويستحيل تنظيمها بالأحزاب, مهما كانت شكل الإدارة القائمة إلا أنها مع الأيام والسنوات سوف تأخذ مكانتها وسوف تنتج.
مسألة القوة: الكرد لم يبدؤا بالقوة ولم يكوُّنوا لأنفسهم القوة دائماً كانوا يقولون نحن سلميين وديمقراطيين و إنسانيين؛ ضاعت البلاد, إن كنتَ صاحب قوة فسوف تتمكن من الحصول على رغيفك، لم يتمكنوا من الحصول على هذه القوة إلى اليوم، حزب العمال الكردستاني والديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني هذه القوى تستطيع وهي الموجودة في كردستان في هذه المرحلة , بالطبع أنا أتحدث عن روجآفا.
وفي النهاية تأتي مسألة الديمقراطية وهو أخطر مفهوم، فالكرد قدموا الكثير ولكن دون أن يعلموا نتائجها السلبية مستقبلاً، مفهوم الديمقراطية خطير في مجتمع متخلف كالمجتمع الكردي فالديمقراطية ثقافة وليست فكراً.
التراكم يكوّن الثقافة في المجتمعات التي تتجه نحو المدنية حيث يعرف الفرد حقوقه وواجباته بطبيعة الحال ليس هناك ديمقراطية إن لم يكن هناك فصل بين الحقوق والواجبات , ويلزمها سويّةً علميةً عالية مع اقتصاد قوي, في البلدان المتخلفة لا يمكن تحقيقها, في بلدنا لا يمكن تحقيق الديمقراطية وهي صعبة جداً لكن هناك حريات ولدرجة كبيرة أما الديمقراطية فغير موجودة على سبيل المثال في مجتمع قامشلو وفي سلطة حركة المجتمع الديمقراطي ( (Tev-Demتوجد مساحة كبيرة للحرية تفوق التصور ولكن لا توجد ديمقراطية , فإذا طُبقت الديمقراطية في البلدان المتخلفة فستتعدى على حقوق غيرها ولن يحدّها أية حدود وكل شيء يصبح ملكه حسب ثقافة الاستبداد التي كبر عليها فنحن كبرنا في ظل ثقافة الاستبداد , بالطبع نحن لسنا بعثيين ولكن سلوكنا كله سلوك البعثيين لأننا كبرنا تحت ظل ثقافة الاستبداد تلك, اعطيني سلطة وانظر إليَّ بعد ثلاث سنوات لن تجد فرقاً بين ممارساتي وممارسات البعثيين، فأنا لست ديمقراطياً لأنك إن كنت ديمقراطياً فعليك أن تحترم رأي الآخر وإن لم تأخذ به, هكذا يتقدم المجتمع،المجتمع الكردي نبطي قائم على المحسوبيات والعلاقات العشائرية والأسرية والفوضى,أما المجتمع المدني فقائم على احترام الدستور و احترام الوطن والمواطن .ففي بلاد الغرب “أوروبا”, امنح صوتك الانتخابي لمن تريد، الجار لا يأبه بجاره ولكنه لا يعتدي على حقوقه أيضاً وهم في الوجع يصبحون يداً واحدة، بمعنى أنَّ الوطنية عندهم مقدسة ونحن حتى الآن الوطنية مشكوكة عندنا فمهموم الوطنية لايزال غير واضح لدينا وفيه اشكالية عجيبة, أحدهم يقول أنا كردي فأنا قومي , هل يتحدث باللغة الكردية ؟ لا, يحمل حقيبته ويسافر إلى أوروبا، ترك الوطن في محنته, فتسقط عنه الوطنية،هنا ارتبط الحابل بالنابل الكرد لم يستطيعوا حل هذه المسألة.
لو حدثتنا عن خليل كالو الشاعر؟
في البداية كتبت الشعر ووصل ما كتبته إلى مائة قصيدة ” شعر غنائي” ولكن كنتاج كان منذ عام 1988 حيث كتبت للفرق الفلكلورية وفرق نوروز , وبشكل نظامي بعد ظهور الـتلفزيون والكمبيوتر والانترنت بدءاً من عام 2003 وإلى اليوم وأتذكر في 1990 كان لي أغانٍ عُرضَتْ في Med-TV “زمانو, نوروز توهاتي” وهناك 16 فيديو كليب و40 أغنية من أشعاري.
لدي كمٌ من القصائد ولكن لم أجمعها في ديوان لأنني لم أجد نفسي شاعراً لأن الشعر لم يكن يكفيني، فكنت شاعراً عند الطلب.
ما هي علاقة خليل كالو بالقرية والطبيعة؟
أنا مرتبط بالطبيعة حتى النهاية، أخذت وعيي من الأرض وليس من المدينة، الطبيعة هي الإنسان وإذا ابتعد عنها يصبح إنساناً آخر، فهو يضيّع إنسانيته و ذاته و هويته و حقيقته ويفقد حنيّته ، أنا والطبيعة أصدقاء جداً، فإذا لم أقم بممارسة رياضة المشي لمدة ساعتين كل يوم فإنني أشعر بضيق شديد في نفسي ، لا آتي إلى المدينة إلا للضرورة أحياناً أقوم بزيارة بعض أصدقائي ثم أعود لا أستطيع العيش في المدينة، لا سيّما إنّ قريتنا قرية جميلة ترعرعتُ بين الأشجار والينابيع قريتنا تشبه لبنان يوجد فيها 23 نبعاً – اسمها ” ديرونا قولنكا” تقع شمال غرب تربه سبيه على بعد 20كم، طفولتي قضيتها في الصيد، صيد الطيور والأسماك، كنّا ماهرين في الصيد, قضيت حياتي كلها في الطبيعة, ولكن مع الأسف الينابيع اليوم جفت والمساحات الخضراء تقلصت إلى مساحة محدودة.

مَنْ مِنَ الفنانين الذين غنّوا شعرك وماهي تلك الأغاني؟
الفنان سرّوت من باكور كردستان ،غنّى لي (Hey Zemano) صوته جميل، له برنامج في التراث كردي, و الفنان خيرو عباس وروميدا وفتاة من عفرين اسمها سيلفانا و عماد ميكائيل هو الآن في سويسرا لا اتذكرهم لأن الكثير طلبوا مني أشعار ولم أعطيهم. لكن أكثر أشعاري كنت أعطيها للفنان دلو دوغان فهو صناعتي كشعر وأغنية، كان مبدعاً كعائلته في الغناء، فقط كان يلزمه الأشعار فأعطيته كنا كعائلة واحدة.
بعد ذلك تركت هذه المواضيع فيما يخص كتابة الشعر الغنائي في 2007 تقريباً، حيث دخلت بعمق في المسائل الثقافية أسَّسنا منتدى ثقافي باسم جكر خوين في منطقة آليان, أسبوعيا كنا نقيم محاضرة أو اثنتين بشكل سريِّ عن القيم والثقافة والهوية الكردية, ولم نقرب السياسية.
ما هو شعورك وأنت أول من نال شرف العضويّة الفخريّة في قوات حماية الشعب الـ (YPG)؟
ولَّد لديَّ شعورين الأول هو فخر كبير بالنسبة لي حين أهدوني هذا الوسام ربما أكون غير مستحق له, والشعور الثاني أنهم أثقلوا من الحِمل المُلقى على عاتقي، أن أكون عضواً في ((YPG هذا يزيد من الحِمل عليّ وقد لا أستطيع النهوض به ولكن في النهاية هذا محل فخر واعتزاز، لأنهم لم يُهدوا مثل هذه الشهادة لأحد حتى لكوادرهم , وأنا أكافح لأجلهم وأتذكر أول مقال كتبته , كان بعنوان” أنا الـ((YPG في عام 2012 قلت فيها أنا وقلمي ((YPG كانت الـ ((YPG في بدايتهم و قيل عني حينها أنني آبوجي ولكن كي أكون ((YPG ليس بالضرورة أن أكون آبوجيّا , وكي أكون بيشمركة ليس بالضرورة أن أكون برزانيّاً فالكرد فهموا القضية بأن تكون ((YPG أو بيشمركة يجب أن تكون حزبياً, ولكن القضية ليست كذلك القضية أن الـ ((YPG هم يحموننا هنا وليس البيشمركة, وأنا قبلت هذه الشهادة وأفتخر بها وأشكر القيادة العامة لوحدات حماية الشعب الـ((YPG على منحي صفة العضوية الفخرية فتكريم الإنسان على جهوده وهو على قيد الحياة هو أمر في غاية الأهمية وذو قيمة معنويّة كبيرة .
كيف يقاوم خليل كالو المرض؟


لقد كتبت على صفحتي الشخصية على الفيس بوك سأنتصر على المرض كما أنتصر “”YPGعلى داعش
هل قُدمت مساعدات للكاتب خليل كالو أثناء مرضه؟
الـ ((YPG هي التي تكفلت بجميع مصاريف العلاج وطلبوا مني ألا أقبل المساعدة من أي تنظيم ولم يقصِّروا معي حتى الآن بمكالمة هاتفية يتم تأمين جميع متطلباتي ولو لا مساعدتهم لي لكنت في حالة سيئة وأنا ممتن لهم وأشكرهم.
ماهي المشاريع الكتابية التي لم يستطع خليل كالو إنجازها؟
كتاب الحكم والأمثال الكردية جاهز للطباعة ولكن لم يتم طباعته حتى الآن للأسف.!
ولماذا لم يطبع إلى الآن؟
ربما الكتاب لا يلزم الكرد، مع العلم أن الكتاب يعتبر جزءاً من التراث والفلكلور الكردي.
كيف ترى واقع الثقافة الكردية في روجافا قبل الثورة وبعدها؟
واقع الثقافة متردي جداً، في ما مضى كانت هناك شخصيات جدية كانوا يعملون في ظروف صعبة، جهودهم لا تنسى وهم يشكلون جذور الثقافة الكردية فروادها محددون الجميع يعرفونهم ولكن بعد أن تغيرت هذه الحالة , حتى بائع البندورة أصبح مثقف, بسبب ضياع الضوابط وهنا دخلت الثقافة منحى وإطار أكدتْ خلاله أنه لا يوجد مثقف والمشكلة الأكبر أنه حتى المثقف المبدع ضاع بين المثقفين المزيفين, فليس كل من كتب مقالة أصبح مثقفاً, فحتى الطالب في الصف السادس يستطيع كتابة مقالة.
المبدع هادئ محترم كلامه مسؤول وليس ارتجاليا فعندما يتحدث يعرف ماذا يعالج ولا يبدي رأيه في موضوع لا يعلمه. في فترة ما أردنا أن نبني مؤسسة للمثقفين،اتحاد الكتاب في 2010 فشلوا ولم يستطيعوا المحافظة على أنفسهم فالمثقف الحقيقي لا يهتم بالمناصب والمادة لأن ثقافته من رأسه، وليس بحاجة لأحد كي يصبح مثقفاً البعض التجأوا إلى الأحزاب والمراكز ليصبحوا مثقفين بالتالي هذا مثقف سياسي وليس قومي وليس مثقف كردواري فالمثقف الحقيقي يجب أن يكون مستقلاً ولكن ليس محايداً سياسياً, لا يجوز أن يكون خليل كالو آبوجياً ,لأنه إن أصبح آبوجياً ذهبت ثقافته وأصبح مثقفاً للسلطة،وكما يقول غرهام” المثقف العامل ” يجب أن يكون عضوياً في المجتمع وليس عاملاً تابعاً لحزب ما فوظيفته تكمن في النهوض بالمجتمع، فكل ما يظهر الآن هو المتاجرة بالقيم والهوية الكردية وقد يكون منتجاً, المثقف العضوي موجود وهو مرتبط بالمجتمع في أوجاعه وهمومه, ينقد ويراقب السياسة والسلطة, ولكن ليس عليه النقد فحسب بل عليه إيجاد الحل “البديل ” وأنا في كثير من مقالاتي لم أعط حلاً لأنه ربما يكون اقتراحي ليس في محله ونحن هنا بحاجة إلى مركز أبحاث كردي يتضمن مختصين ذو خبرة في كل المجالات” سياسة, علم اللغة, تاريخ, جغرافيا..” يطرح رأيه في كل قضية , ولكن هذا غير موجود لدينا، فكل واحد يدلي برأيه، أذهبُ إلى المواقع الالكترونية الكردية فأرى كتاباً يدلون بآرائهم في مواضيع حساسة حتى أوباما لا يستطيع أن يدلي رأيه فيها, فليس بالضرورة أن يطرح الكاتب رأيه في كل الأمور والمسائل فإن فعل ذلك يعتبر في نظري كاتباً شاذاً, عليه أن يضع المجتمع في الصورة فوظيفته تنويرية وما من شأنه تقدم الثقافة.
حصلت خلافات عميقة بين معظم الكتاب والأطر الثقافية في الآونة الأخيرة أين خليل كالو مما يحصل ؟
أنا لست مع هذا الطرف ولا ذاك, حاولت التقريب بين أطراف الخلاف لكن لم أستطع فهذه ليست تصرفات ولا سلوك المثقفين, لم يتركوا أيَّ تقدير أو احترام للثقافة الكردية بالمطلق , فهذه ذهنية حزبية, بعثية, عشائرية شخصية, غليِّ, تسلقي, استبدادي كل هذا موجود فيها, هذه الصفات لا تكوّنُ مثقفاً فشخصية المثقف منفتحة متنورة فعلى من يختلفون على المناصب أن يعلموا أن المثقف ليس بحاجة إلى منصب فمنصبه قلمه, شرفه قلمه ,اسمه قلمه, وبعدها ذهنه وليس طقمه وربطة عنقه وليس تلك الآرمة المعلقة على مكتبه , ” اعطني مثقفاً حتى أعطيك الثقافة” آتي لي بكاتب نهضوي حتى يحقق نهضة اجتماعية فإن لم تتحقق النهضة الاجتماعية فالنهضة السياسية ليس لها أي معنى لأن السياسة تأتي من المجتمع وليس المجتمع يأتي من السياسة, فإذا كان المجتمع متخلفاً فسياسته ستكون متخلفة و أحزابه ستكون متخلفة وشخصياته السياسية والثقافية ستكون متخلفة , فخلافتهم خلافات معيبة جداً والتاريخ سوف يكتب عنهم مع العلم أن 90% منهم غير مثقفين .
أنا لست راضياً مطلقاً عن تصرفاتهم فهذه السلوكيات ليست تصرفات وسلوكيات المثقفين، السياسة تتدخل في شؤونهم ولا يستطيعون إبداء المواقف .
هل حقق خليل كالو طموحه من خلال الكتابة؟
بصراحة لا, وطالما الحياة مستمرة فالإنسان سيكتب دوماً ولن يكون للطموح نهاية طالما هو على قيد الحياة.
بماذا تنصح الجيل الجديد من الكتاب والشعراء؟
عليهم بالقراءة والرجوع إلى جذور الثقافة الكردية , وأن يكون جريئاً وبعيداً عن الأحزاب وشخصيته مستقلة فالثقافة والحزب بعيدان كل البعد عن بعضهما , وأن يخدم شعبه , فالثقافة تتكون بالقراءة, بدون إبداع لن تتكون الثقافة ولا يستطيع أياً كان أن يصبح مثقفاً فليس كل شخص يستطيع أن يصبح شاعراً فهذا يلزمه إبداع وموهبة وعليه ثقل موهبته بالقراءة, فيكوّن لديه رصيداً زخماً و ألّا يكون ارتجالياً مغروراً بنفسه عليه أن ينظر إلى نفسه كتلميذ وأن يفكر إذا ما كان قد قدمه سيلقى القبول وعليه أن يترك قديمه وأن يبني شيئاً جديداً وسيصل إلى مرحلة ستتكون لديه ذخيرة ثقافية فيكون قد كسب اسماً , التجارة ستجلب لك المال, إن كنت ثورياً فستكسب بطولةً أما الكتابة والشعر والقصة يجب أن تعطيك اسماً إن لم يعطوك فأنت لست كاتباً, فهناك مئات الكتاب ولكنهم لم يكسبوا اسماءً لأن مواضيعهم بخسة بمعنى أنها مجرد حشو كلام ولغوٌ لا معنى له , شبابنا حتى يصبحوا شعراء عليهم أن يقرأوا للشاعر جكرخوين وللشاعر تيريج وللشعراء الجدد,لأن المجال أصبح مفتوحاً أمام الجيل الجديد فلم يعد هناك خوف ولم يعد هناك مخابرات ولا إرهاب وتستطيع أن تفكر بحرية وحتى الإرهاب لديه ايجابية فهو يخلق الإبداع فالظلم والضغط على الإنسان تخلق لديه حالة من الإبداع , فالقصيدة والكتابة تأتي من الظلم الذي يقع على الفرد لذا قال أحد المفكرين أن الإنسان العظيم من صنع الألم ، على أرض الواقع ليس بمقدوره أن يفعل شيء ولكنه عن طريق أحاسيسه وعن طريق قصيدة يحرر نفسه هذه نقطة مهمة , عليه أن يجهد نفسه سنوات عديدة لأن الثقافة يلزمها 30 -40 سنة وأنا منذ 35 سنة بين الثقافة والسياسة تعبت وعانيت كثيراً إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه الإبداع لا يأتي من الرفاهية على الجيل الجديد الانتباه إلى هذه النقطة.
كلمة أخيرة؟
اتمنى التقدم لصحيفتكم و أن تكونوا أصحاب ضمير فالصحف إذا كانت صاحبة ضمير فإنها تعالج القضايا , لا تخجلوا من هذا وذاك ,اهتموا بـ” YPG” فهي حامية العرض والأرض.
فما نعيشه اليوم من الحرية هي بفضل تضحياتهم، فثلاثة آلاف شهيد ليس بقليل، وأتمنى التقدم لكوادر”buyerpress “ولكل الأحرار فأنا أحب الوطنيين الأحرار، ربما أكون مختلفاً معهم سياسياً ولكن لسنا على خلاف وشتانَ بين الخلاف والاختلاف وهنا مكمن الديمقراطية وقيمتها ” الوطنيون الأحرار نسبتهم قليلة بين الكرد.

 

 

 

نشر هذا اللقاء في العدد (26) من صحيفةBuyerpress تاريخ 1/9/2015