النكتة …. هتاف الصامتين

النكتة …. هتاف الصامتين

جمعة خزيم

أحد كبار المنافقين بدأ يغير آرائه بعد أن كان يمتدح المسؤولين وأصبح يتناولهم بشدة , سأله منافق مبتدئ : كيف تغيرت بهذه السرعة قال : أنا لم أتغيَّر .. المسؤولين هم الذين تغيروا !!

النكتة كما بقول عنها ( سيد عويس ) هي هتاف الصامتين ويقول عنها الكاتب البريطاني ( جورج أورويل ) بأنها ثورة صغيرة أمَّا سيجموند فرويد فيعتبرها محاولة قهر القهر ونزار قباني يقول عنها ليست كأساً من ذهب في يد أمير أو وزير هي قطعة خبز في فم جائعٍ للحرية

في جلسة ضمت أصدقاء تساءل أحدهم عن ندرة النكت السياسية الحكومية في الوقت الحاضر ورغم أن أحداً لا يستطيع أن يصل إلى تفسير شاف وكاف إلا أن التبريرات العامة تأخذنا إلى أحد اتجاهين إمَّا أن النكتة من هذا النوع لا تنتشر إلا في أوقات الشدّة والخوف فيما يستطيع الآن الأشخاص رواية النكات دون خوف ومحاسبة .

وهنا نتحدث عن نوع محدد من النكات .. نوع يثير على شفتيك ظلّ ابتسامة لوهلة قصيرة فيما لا تلبث أن تزرع فيك غابة من الأسئلة تنمو حزناً في روحك وتتحول إلى مراجل تغلي في عقلك .

وعادة تستطيع أن تقرأ أحوال الناس من خلال نكاتهم بل ثمة دراسات تناولت تاريخ دول من خلال النكتة كما في دراسة ( المنجل والمطرقة ) تاريخ الشيوعية كما ترويها النكت ومنها أن أحد المتمردين أيام ستالين سُئل من أمّك ؟ قال : روسيا ومن أبوك قال : ستالين وما هيَ أمنيتك قال : أن أكونَ يتيماً !!!

لكن أقدم نكتة وجدت على ورق بردي فرعوني يعود تاريخها إلى 3200 سنة قبل الميلاد تقوا : كان أحد الكتبة يعمل في غرفة في أحد المعابد ويجاوره نجار وحداد وقد أزعجته الضوضاء المنبعثة من غرفتي جاريه فقرر أن يدفع مبلغاً للنجار لينتقل إلى غرفته ومبلغاً للحداد لينتقل إلى غرفة ثانية

في اليوم الثاني انتقل الحداد إلى غرفة النجار والنجار إلى غرفة الحداد !! طبعاً لا أستغرب ألا تكون النكتة مضحكة فهي قديمة جداً وفي غالب الأحوال فإن النكتة تمثل رأياً وموقفاً من أشخاص بعينهم أو من فئات اجتماعية أو أبناء مناطق معينة

ولكن النوع الأكثر تعبيراً عندما يختزل المرء تاريخ شخص من خلال نكتة .

قال أحد الديكتاتوريين لابنه : أشعر بإسهالٍ في عقلي فردّ الابن وكيف ذلك ؟

قال الدكتاتور : عندي أفكار كثيرة وكلها قذرة !!

ويقال أن الزعماء يهتمون إلى حدٍّ كبير بالنكتة وهناك نكتة أزعجت جمال عبد الناصر رواها كاتب مصري اسمه ( عبد المجيد السحار ) تقول :

إن رجلاً كان يشتري الأهرام كل يوم ويقرأ بعجالة الصفحة الأولى ومن ثم يرميها ولما تكرر الأمر أثار ذلك فضول صاحب المكتبة فسأله الأخير : لماذا تفعل ذلك ؟

قال : أنا أقرأ الوفيات فقط

  • لكن الوفيَّات ليست في الصفحة الأولى
  • نعم ولكن الذي انتظر موته سأجدهُ في الصفحة الأولى !!

وأخيراً أختم بما قاله الإمام علي كرَّم الله وجهه : من كانت فيه دعابة فقد برئ من الكَبَر .