– هل نستحق هذا النوع الرديء من الخبز ونحن نطعم العالم كله..؟ سؤال برسم الإدارة الذاتية الديمقراطية..!
– يعتبر السياسيون أن رغيف الخبز ذو وجهين, وجه مادي ووجه سياسي وأكثر الثورات والانتفاضات قامت بسبب الجوع.
– نطالب الجهات المعنية ومنها هيئة التموين القيام بدورها للحد من هذه التجاوزات.
– أقوم بغربلة الطحين الموجود وبشكل يومي للتخلص من هذه المواد, وأتمنى من باقي أصحاب الأفران الحجرية غربلة طحينهم.
– نوعية القمح المعدّ للطحين هي السبب في رداءة الخبز.
– لماذا يختلف نوعية رغيفنا عن رغيف دمشق واللاذقية مع العلم أن القمح من إنتاج منطقتنا.
للخبز رائحة الذكرى والأمان والماضي, تعبق بها الذاكرة إلى حيث خبز التنور حين نجتمع صغاراً نراقب بعيون تكاد أن تتحدّث خلطة الحياة بأيد من نور.. كبرنا وهرم خبز التنور, وتغيرت الحياة, إلا أن رائحة الخبز المنبعثة من الفرن بقيت تشدّنا وتشتتنا رغم اختلاف الأمكنة والأزمنة, فلا رائحة تعلو فوق رائحة الخبز لدى المواطن الفقير, لأن الخبز عماد الموائد ودعامة الغذاء الأهم, وتختلف طريقة إعداده حسب نوع القمح الداخل في تركيبته, إذ يُعتبر القمح الطريّ واسمه العلميّ Triticum aestivum من أهم أنواع القمح المستخدم لإنتاج الطحين, ويحتلّ الخبز أهميّة في حياة الشعوب, حتى ضرب به المثل القائل “أصبح بيننا خبز وملح”, ويقول المثل الفرنسيّ أيضاً ” الجائع لا يرى أبدا خبزا سيئا”, كما جاء ذكره في القرآن الكريم, قال تعالى” وقال الآخر إني أراني أحملُ فوق رأسي خُبزاً” يوسف:36.
من هنا ندرك أهمية مادة الخبز في الحياة اليوميّة, ولكن ظهرت في الآونة الأخيرة بعض الصعوبات والمشاكل في انتاج هذه المادّة حيث رُصدت حالات كثيرة مثل الرائحة الغريبة في الخبز, وعدم امكانيّة لفـّه, وظهور بعض الحشرات فيها في الآونة الأخيرة حسبما ذكر بعض المواطنين. فما هو السبب يا ترى؟ هل هو سرقة المكونات؟ أم رفع نسبة الطحين من القمح إذ أن مستوى بياض الطحين يتحدد بنسبة إدخال القشور والنخالة, أم أن السبب هو نوعية القمح المعدّ للطحين, أم أن إدارة الفرن وطريقتها في الصنع هي السبب في الرداءة, أم الخميرة هي التي تجعل من رائحة الخبز منفرة ولا تصمد لأكثر من ساعات, حتى صار يعرف بين الأهالي بأن للخبز لونان –خبز أبيض وخبز أسود.
ومن خلال الاستطلاع الذي أجرته صحيفة “Bûyerpress” في عامودا
أفادنا المواطن فرهاد حسين بأن التجار يقومون بشراء كميات كبيرة من قمح الأرضيات من مراكز الحبوب ويقومون بفرش هذا القمح في الساحات ولعدة أيام لكي تختفي منها رائحة العفونة ومن ثم يضعونه في أكياس جديدة, ويقومون ببيعه إلى أصحاب المطاحن الخاصة في المنطقة . وأضاف :” وهم بدورهم يقومون بطحنه وبيعه إلى أصحاب الأفران وبرأيي أن نوعية القمح المعد للطحين هي السبب في رداءة الخبز”. وفي هذا السياق توجه المواطن فرهاد حسين إلى المعنيين في هذا المجال لاتخاذ الإجراءات الفورية بحق هؤلاء الذين يقومون بهذه الأعمال.
السيدة مالكريد حمي وهي ربّة منزل ألقت مسؤولية تدهور نوعية الخبز على الحكومة ” لأنها رفعت نسبة استخراج الطحين من القمح إلى 95% لذا يتحول إلى طحين أسمر نتيجة ازدياد النخالة والقشور من جهة, ومن جهة ثانية وبحسب ما قاله لي أحد معارفي – وهو يعمل في سلك التموين – أن الحكومة وقعت عقدا مع مطحنتين في المحافظة لطحن القمح وإعطائهم مبلغ سبع ليرات للكيلو الواحد وهذا المبلغ قليل جدا لأصحاب المطاحن حسب رأيهم, لذلك يلجأ أصحاب هذه المطاحن إلى شراء قمح الأرضيات بأسعار بخسة جدا وطحنه بدلا من القمح الجديد المتفق عليه في العقد”.
وطالبت حمي في الختام من الجهات المعنية ومنها هيئة التموين القيام بدورها للحدّ من هذه التجاوزات لأن الخبز ” مادة أساسية ” على مائدة كل مواطن ويجب الحفاظ على هذه المادة .
أما السيد برهان صالح وهو صاحب فرن “الهلال “الحجري بعامودا فيرى إن السبب في رداءة الخبز هو النخالة والقشور :” في البداية كانت نسبة الدقيق المقشور 80% وفي الأشهر الأخيرة تم رفع هذه النسبة إلى أن وصلت لنسبة 95% وبالتالي زادت نسبة القشور والنخالة في الطحين وأيضا يوجد في الدقيق مواد أخرى كالفيروسات التي تؤدي إلى بعض الأمراض مثل الإسهالات وتشققات الفم…الخ ولذلك أقوم بغربلة الطحين الموجود لدي بشكل يومي للتخلّص من هذه المواد وأحصل على خبز أبيض وصحي :. وتمنى صالح من باقي أصحاب الأفران الحجرية أن يقوموا بـ “غربلة طحينهم”.
كما اشتكت السيدة شيرين إبراهيم عضو جمعية كوليشينا من سوء نوعية الرغيف في الفترة الأخيرة بشكل كبير قائلة: ” أصبح الخبز أسودا ومليئا بالنخالة وأحيانا الحشرات وأشياء أخرى, وهذا الأمر جعل الكثير من العائلات تبحث عن رغيف بديل عن الموجود في الأسواق وخاصة رغيف ) الفرن الآلي ) الذي أصبح قريبا من ( العلف )”.
وتابعت ابراهيم:” السؤال الذي يطرحه الكثير من المواطنين؛ لماذا نوعية رغيفنا تختلف عن رغيف دمشق واللاذقية, مع العلم أن القمح من إنتاج منطقتنا ؟ والقناعة التي تكونت لدى الكثير من المواطنين بأن القمح الجيد يُصدّر إلى الداخل والقمح السيئ وأرضيات أكداس القمح تتحول إلى طحين ويوزع على أفراننا، نتساءل من هو المسؤول عن هذه القضية؟”.
من جهته قال المواطن كاوا سيدو :” أن دول العالم تهتم بصناعة الخبز كأهم مادة غذائية لدى الإنسان, وقد تفننت هذه الدول في صناعتها أما في سوريا فقد تركـّزت صناعتها في صنع الخبز الآلي المعروف لدى أكثر السوريين وقد تعودوا على استهلاك هذه المادة”. وأضاف سيدو : ” أن نوعية الخبز تدهورت في الآونة الأخيرة بسبب عدم فرز النخالة والقشور من الطحين بحجة عدم توفر مادة القمح مما أدى إلى رداءة الرغيف الذي أصبح غير صالحاً للاستهلاك البشري “. ونوّه سيدو أن إنتاج الموسم الحالي من القمح كان عالي المردود, وتأمّل من السلطات المعنية والمسؤولة إعادة رغيف الخبز إلى نوعيته الجيدة. واختتم المواطن كاوا سيدو بالقول :” يعتبر السياسيون أن رغيف الخبز ذو وجهين، وجه مادي ووجه سياسي, وأكثر الثورات والانتفاضات قامت بسبب الجوع وعدم توفر هذه المادة” .
وأفادنا ابراهيم سلفيج مدير الفرن الآلي بعامودا: ” تغيرت نوعيّة الخبز المنتج في المخابز الآلية على مستوى القطر وليست مدينة عامودا فقط, بسبب رفع نسبة استخراج الطحين من القمح إلى 95% بدلا من 80% وهذا يضفي اللون الأسمر على الخبز, بالإضافة إلى تكاثر قشرة حبة القمح وزيادة النخالة بكثرة, عدا ذلك فالمطاحن الخاصة لا تقوم – بحسب معلوماتي – بغسل القمح قبل طحنه بخلاف المطاحن الحكومية التي تقوم بغسله, وهذا يؤدي إلى ظهور كميات كبيرة من الطحين النظيف, ولا يحوي على الروائح”. وأضاف سلفيج :” أن رفع نسبة النخالة في الطحين يلزمه معايير جديدة في تصنيع الخميرة، حيث أن الخميرة المصنعة كانت تتوافق مع نسبة الاستخراج المحددة 80% أما بعد رفع النسبة إلى 95% بقيت معايير تصنيع الخميرة كما هي, حيث ترد هذه الخميرة من خارج القطر, هذا من ناحية, ومن الناحية الثانية قلة كمية النشاء في الطحين لا يجعل للخبز رونقاً ولا يعطيه ليونة .”.
كل هذه الأسئلة والتساؤلات توجّهنا بها إلى السيد فنر الكعيط – رئيس هيئة التموين في مقاطعة الجزيرة, والذي أكّد تدهور نوعية الخبز في الأونة الأخيرة وذلك ” بعد رفع نسبة استخراج الطحين من القمح إلى 95% بدلاً من80% , حيث ازدادت نسبة إدخال القشور والنخالة, والمعدات الميكانيكية في أغلب المطاحن بحاجة الى صيانة, وآلية الطحن بحاجة الى طاقة كهربائية, ومياه لغسل القمح قبل طحنه, ويتم إرسال القمح المعدّ للطحين إلى التحليل وبعد التحليل يتضح لدينا مدة صلاحيته للإستهلاك”. وأضاف كعيط :” لدينا في الهيئة لجنة للرقابة والتفتيش تقوم بعملها على أكمل وجه, ومن ضمن مهامها الوقوف على عمل هذه المطاحن وآلية الطحن”. وأكّد فنر الكعيط – رئيس هيئة التموين في مقاطعة الجزيرة أنهم كهيئة تموين في المقاطعة – وخلال الفترة السابقة – قاموا بمخالفة أصحاب المطاحن “غير الملتزمين “بمواصفا ت التصنيع وتمّ إعادة الدقيق للتصنيع مرة ثانية, و” نعمل جاهدين ومن خلال دورياتنا التموينية الوقوف بجدية لتحسين نوعيّة رغيف الخبز”.
هل يستحق المواطن هذا النوع الرديء من الخبز في منطقة تصدّر القمح الجيّد إلى أغلب الدول, وبكميات هائلة ..؟ علماً أن كل المطاحن موجودة في مناطق الإدارة الذاتية, وهي ذي طاقة إنتاجية قادرة على تلبية متطلبات الجزيرة كاملة من الطحين الجيد, والمواطن يتأمل من الإدارة التي علـّق عليها آمالا كبيرة تدخلا أكثر فاعلية لإيجاد مخرج من هذه الأزمة. سؤال برسم المعنيين في الإدارة الذاتية الديمقراطية في مقاطعة الجزيرة .
تحقيق:نصرالدين محمد
التحقيق نشر في صحيفة Bûyerpress في العدد 24 بتاريخ 2015/8//1