ملف: التقدّمي ينسحب من كافة لجان المجلس الوطني عبر بيان صحفيّ اتّسم بـ”الشفافيّة”

أعلن الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا عصر أمس الجمعة في مؤتمر صحفي لأعضاء المكتب السياسي في قاعة المؤتمرات بقامشلو وبحضور نخبة من السياسيين والمثقفين إنسحابه الكامل من كافة اللجان في المجلس الوطني الكرديّ والأمانة العامة للمجلس إضافة إلى لجنة العلاقات الوطنية والخارجية.

وعقد أعضاء المكتب السياسي لحزب ” التقدّمي” أحمد سليمان, وأحمد بركات, وعمر جعفر مؤتمراً صحفيا لتلاوة بيان مكتبهم السياسي في قاعة المؤتمرات، حيث بيّن أحمد سليمان قبل البدء بالمؤتمر الصحفي, وقراءة البيان أن الغاية من عقد هذا المؤتمر هو دراسة المستجدات الأخيرة في المجلس الوطني الكردي, مشيراً إلى حرصهم ألا يكون الهدف منه الإساءة للمجلس الوطني الكردي, ولكنهم كحزب كان لهم عهد, إذ مرت ثلاث سنوات من عمر المجلس.

وبيّن أنه كلما صدر أي تقصير من أحد ” كنا نـُبقي هذا الأمر فيما بيننا, دون الإفصاح عنه، لكننا تعاهدنا وقلنا أننا سنوضح الأمور ونتلافى التقصير بشفافيّة عن طريق اللقاءات والإعلام”.

وكرّر أحمد القول:” أن هذا المؤتمر لا يهدف للإساءة لمجلسنا الوطني الكردي بقدر ما يهدف إلى إيضاح الحقيقة والحفاظ على المجلس، وتوضيح ماجرى بشفافية..

قُرأ بعد ذلك البيان الصحفي الصادر عن المكتب السياسي من قبل عضو المكتب السياسي عمر جعفر والذي أوضح فيه بدايةً حرص حزبهم ومنذ تأسيس المجلس الوطني الكردي في سوريا على ” انتهاج سياسة واقعية وموضوعية بعيدا عن عقلية الاستئثار والهيمنة والتفرد في القضايا السياسية والإجرائية إيمانا منه بأن هذه السياسات تخدم وحدة الصف والموقف الكرديين”.

ونوّه البيان إلى :” حصول الكثير من الخروقات والانتهاكات خلال مجريات التحضير للمؤتمر, إلا أن “حزبهم” تجاوز تلك الأمور بروح من المسؤولية الوطنية والقومية بغية إنجاح المؤتمر والمجلس معا”.

وأشار البيان إلى ” أن الجميع كان مدركا بأن المجلس يعيش حالة من العطالة والركود, مما استدعى البحث عن آليات وحلول لانقاذه وكان حزبنا سباقا لطرح هذه الآراء على الأحزاب الرئيسة في المجلس (الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا, حزب يكيتي الكردي في سوريا) بهدف التنسيق والتعاون فيما بين هذه الاحزاب الثلاث وحصل اتفاق ثلاثي برعاية كريمة من قيادة الإقليم وبشكل خاص من السيد مسعود البارزاني رئيس الإقليم بشرط ألا يأخذ هذا الاتفاق شكلا تكتلياً يؤدي الى تهميش أو إقصاء أي مكوّن من مكونات المجلس”.

وقال البيان أيضاً: “أن ما حصل في اجتماع المجلس الوطني أكد لنا عكس ذلك تماما، حيث لم تلتزم الأحزاب المتحالفة معنا بنص وروح الاتفاق الذي كان الهدف منه تفعيل دور المجلس السياسي والميداني بل لجأت الى الاساليب التكتلية بغية إبعاد حزبنا وتهميش دوره وخاصة في لجنة العلاقات الوطنية والخارجية التي هي الواجهة السياسية والدبلوماسية للمجلس”.

وأكّد البيان لجوء الأحزاب ” المتحالفة” مرة أخرى كما في المرات السابقة إلى سياسة ” ليّ الأذرع”  من خلال التهديد والتلويح بعدد الأصوات التي هي أصلا موضع شك لدى الحزب الديمقراطي التقدّمي.

وذكر البيان أن اللجنة المركزية وفي اجتماعها الأخير 2\7\2015 قررت سحب مرشحيها من كافة لجان المجلس بما فيها لجنة العلاقات الخارجية, إيمانا منها بأن هذه الأساليب الملتوية لا تخدم المجلس ومنافية لروح الاتفاقية الثلاثية, وتعيد المجلس الوطني الكردي الى خانة (المربع الاول) التى طالما راوح فيها منذ تأسيسه.

كما ودّ البيان التأكيد لوسائل الاعلام وللرأي العام الكردي عن التزام حزب التقدمي التام بجميع القرارات السياسية التي اتخذت في المؤتمر الوطني الثالث وفي اجتماع المجلس الوطني الكردي الاخير.

ولم يفت البيان بهذه المناسبة، أن يتمنّى لأعضاء المجلس ولرئاسته الجديدة الموفقية والنجاح، وخاصة في هذه الظروف العصيبة والحساسة التي تمر بها المناطق الكردية نتيجة التهديدات المتكررة الهمجية للتنظيمات الارهابية على كوباني والحسكة وكذلك محاولات التهجير والتطهير العرقي في كل من الرقة والطبقة.

وفي معرض ردّه على أسئلة الصحفيين استبعد الدكتور أحمد بركات عضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا أن تكون الأحداث السياسية الأخيرة مثل الدعوة لاجتماع المرجعية السياسية، أو موضوع بيشمركة روجآفا ولا حتى العلاقة مع حركة المجتمع الديمقراطي موضع خلاف بينهم وبين حليفيْهم الـ (PDK-S) واليكيتي, بقدر ماكان الموضوع “أزمة ثقة”, وكذلك الأساليب التي اتبعها الحليفان في التعامل، وقال:” لا أودّ أن أصف تعاملهم بالـ (غادر) لكنهم لم يكونوا صادقين معنا في التفاهمات حول القضايا الأساسيّة في المجلس، لذا ماعاد بمقدورنا أن نكمل المشوار سوية داخل المجلس”.

كما أوضح بركات أن النقطة الأهم من النقاط الأساسية التي تمّ الاتفاق عليها وخرقها من الحليفين هي أن المجلس كان يمر بحالة من الفوضى، وأنهم أشاروا إلى ضرورة توقف هذه الحالة وضرورة وجود مركز للقرار في هذا المجلس، وأن هذا المركز يجب أن يكون من الأحزاب الثلاثة ( تقدمي – يكيتي – PDK-s)، لأنه – حسب رأيه – لو كانت هذه الأحزاب الثلاثة الرئيسية متفاهمة، تستطيع أن تكوّن ثقلاً على مركز القرار السياسي للمجلس،  كما نوّه إلى أن الأمر ليس انتقاص لبقية الأحزاب، لأنهم موضع احترام.

أما المسألة الأخرى فكانت مسائل اللجان الأساسية، حيث اتفقوا أن تكون الرئاسة ليكيتي ولجنة العلاقات للتقدمي، ونائب رئيس الائتلاف من الـ (PDK-S), والعمل على تطوير وتفعيل المجلس لينهض بدوره المنوط به.

ولم يخف بركات امتعاضه وخيبة أمله من تهرّب رفاقهم في الـ (PDK-S) من موضوع التوقيع على ما تمّ الاتفاق عليه شفوياً ومعالجة الأمرعلى المبدأ الكردي (خال وخوارزي) ليحصل ما حصل، على حدّ وصفه. واستدرك بركات بالقول:” دون شك سوف يحصل خلل وضعف في اللجان، لأننا انسحبنا منها كافة”.

وفي معرض ردّه أيضاً على أسئلة الصحفيين أيضاً، أكّد أحمد سليمان عضو المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي التقدمي الكرديّ في سوريا ما قاله بركات من حيث توزيع “المناصب” حيث قال: ” كان اتفاقنا أن تكون الرئاسة لحزب يكيتي, ولجنة العلاقات الخارجية للحزب الديمقراطي التقدمي, ونائب رئيس الائتلاف هو من الـ (PDK-S) مسبقاً. ودخلنا ككتلة موحدة ومتفقة، ومن المفترض أن يكون التوجّه واحداً”. منوّهاً أن :” تحالفهم لم يكن سريا، وكل أحزاب المجلس كانت على علم بهذا التحالف “.

وأبدى سليمان اندهاشه من مستوى الأصوات، إذ  كيف يحصل رفاق الـ (PDK-S) على 59 صوتا، واليكيتي على 58 صوتا بينما لم يحصل التقدمي سوى على  43 صوتاً، وقال:”  لو كان الفارق بصوت أو اثنين لكانت حالة طبيعية، وكان التحدّي سيكون كبيراً لو كان الفارق صوتا واحدا ضمن المجلس الوطني الكردي”.

وأوضح سليمان أنه من أهم أسباب قرار انسحابهم من كافة لجان المجلس، هو إعطاء الفرصة للمجلس ليتسنى له إصلاح ورأب الصدع والخلافات التي تعتريه حالياً، حيث قال:” برأينا ما عاد بالإمكان تجاوز هذه الخلافات بمفردنا، لذا قررنا أن يكون لشعبنا رأي فيه أيضاً، لنرى ما قد يقترحه علينا من حلول، أو يمارس الضغط على المجلس ليصبح محل ثقة لأعضاءه وكل من يمتّ إليه بصلة، فالمجلس مؤسسة مهمة جداً، يحتاجه الشعب بدرجة عالية، لكن الذي عمل على وأد المجلس الوطني الكردي هو قضية عدم الثقة والمنافسة غير المحمودة، وفي غير محلها أيضاً، وعلى أشياء غير ذي أهميّة”.

واستبعد سليمان أيضاً – كما بركات – أن يكون الخلاف سياسياً، لأنه لو كان كذلك، كان بالامكان مناقشته وإعطاءه حيّزا من الاهتمام من قبلهم، لكنه قال:” إن ما يجري على الواقع هو عكس ذلك. التقينا قبل هذا الاجتماع بعشرة أيام، وقال رفاقنا في حزب يكيتي، نريد التوقيع بشكل رسمي على ما تمّ الاتفاق عليه، لكن رفاقنا في الـ (PDK-S) امتعضوا من الموضوع، وقالوا لا داعي للتوقيع بيننا، بل يجب أن تكون هناك ثقة متبادلة بيننا”.

وبيّن سليمان حـَرَج الموقف بين الحلفاء الثلاثة من أن يكون بينهم تواقيع قائلاً:” وأنا أيضا قلت لهم في اتفاقية دهوك، اجتمعنا كلنا كأحزاب في اجتماع هولير وصرحنا لبعض أنه حينما نذهب إلى الانتخابات وبعد منح الثقة لبعض على النقاط الاساسية، سنقف إلى جانبهم وبعناد حتى النهاية، فقال بعضهم ربما تحصل خروقات، ولا يصوّت لنا بعضهم، فقلت لهم حينها لن نستطيع العمل سوية، وكررت ذلك في الاجتماع، وقلت آمل أن نصرّح لبعض بوضوح”.

وكرر سليمان التأكيد على أن الخلاف مع رفاقهم لم يكن سياسياً، بل العكس، ففي معظم المحطات التي مروا بها، كانوا وإياهم السند، على حدّ توصيفه،وقال:”  لكنهم في اليوم الذي كسروا “حاجز الثقة “المطلوبة ماعاد بالامكان الوقوف إلى جانب قرارهم. واليوم حين  يكسر رفاقنا حاجز تلك الثقة التي اعتمدناها في العمل، ونحن لم نرتكب تجاوزات بحق مؤسستنا العامة، بل عملنا بشكل جماعي، فنقول لهم ليس بوسعنا الاستمرار مع هؤلاء الرفاق على هذا المنوال”.

ولم ينكر سليمان أن تبنّي المجلس الوطني للبيشمركة هي إحدى القرارات المهمة التي يلتزمون بها وأضاف:” نودّ لو نستطيع اليوم ليس احتضان البيشمركة، بل كل شبابنا الموجود بالآلاف في شمال وجنوب كردستان للدفاع عن مناطقهم، ولكن قد لا تكون لديهم الثقة للعمل والانضمام على هذا المنوال، قد لا يرون لأنفسهم مكانا بين البيشمركة ولا حتى بين الـ (YPG) إن لم تكن هناك  تفاهمات موجودة حسب رغبتهم, لذا نعتبر كل من يود الدفاع عن الوطن ويؤمن بالمجلس وأهدافه جزءا من قوتنا”.

وأشار سليمان إلى قواتهم التي اشتركت في القتال والدفاع منذ سنة ونصف في الجبهات، من سري كانييه  إلى تل حميس وكوباني أيضاً، وأن قوتهم تلك جاهزة للدفاع عن مناطقهم والالتحاق بالجبهات إن أرادوا. وقال أنهم تواصلوا بهذا الخصوص أمس مع جناب الرئيس مسعود البارزاني، وهم على استعداد للتواصل مع قنديل والاتحاد الوطني وأي جهة تجمع الكرد ضمن تفاهم موحد، لأن الكرد – برأيه – يمرّون بهجمة أكبر من الجميع, ويأملون كحزب أن تكون لهم اليد الطولى في المساعدة في هذا التفاهم لتقوية الامكانات الدفاعية بين الشعب الكرديّ.

كما عبّر عضو المكتب السياسيّ في الحزب الديمقراطي التقدمي عن موقفهم بأنه ليس ضغطاً على أحد في المجلس، وأنه ليست لديهم شكوى من أي حزب سياسي قائلاً:” ولا نلوم أي عضو مستقلّ بالمعنى الحقيقيّ, ولا أقصد به الذين يقدّمون أنفسهم كمستقلين في المجلس بينما هم في حقيقة الأمر من رفاق حزب التقدمي أو اليكيتي أو الديمقراطي”. واستدرك:” إنما نلوم رفاقنا في الحزبين الذين تحالفنا معهم, وأقول أن هذه الأحزاب الثلاثة بمقدورها تطوير وتفعيل عمل المجلس، ولكن إذا فقدت الثقة بيننا وصرنا نضع الأرجل أمام بعض لنتعثر، حينها نقول نحن ننسحب بهدوء، ونقول لهم إعملوا ونحن من وراءكم السند”.

ونفى سليمان انسحاب حزبه من المجلس قائلاً:” لو كان الأمر كذلك لكنـّا أعلنّا ذلك دونما خجل، وربما المجلس نفسه لا يتقبل منا هذا الأمر، ويقول أن التقدمي أخطأ ويجب محاسبته، أو أخطأ الآخر ويجب محاسبته، وربما أخطأنا نحن الثلاثة ويجب محاسبتنا. سنبقى أعضاء في المجلس وسنشارك في اجتماعات المجلس والأمانة “.

واختتم أحمد سليمان عضو المكتب السياسيّ في الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا المؤتمر الصحفي بقوله:” حين نصرح للإعلام لا نقصد الإساءة لأحد، ولم نسأ لأحد، ولكن نقولها لشعبنا بشفافية وبروح رفاقية وكرفاق ضمن مؤسسة واحدة: من اليوم فصاعدا, سنصرّح بما نعلم . ولكم الشكر”.