يبدو أن ذهنية الذلّ والنقص التي تربّى عليه ” المثقـّف الكرديّ ” ليس من السهولة خلعها، فيحمل رايته الخاصّة به، الراية التي تلطّخت على مدى عقود بدماء أخوته من حلبجة حتى كوبانى، وبدا في الثورة السورية مسخاً يكرر أغاني الآخرين، يهتف بشعاراتهم، ويبكي على شهدائهم ومن ثم وعلى سبيل ” الوطنية ” يمرّ بأهله فيتحدّث عن معاناتهم تحت حكم ” الآبوجيين ” الذين لا يوزعون المازوت بعدالة بين الناس، ويسجنون السياسيين من أحزاب تعمل في التهريب في ” دشتا سروجى “، وآخر الليل يغادر كومبيوتره، بعد أن يرتدي ما خلعه أمام كاميرا السكايب، عارضا قدراته ” الثورية” لمراهقات أسسن “تجمعات ثورية ” ويقضين وقتهن بين عنتاب واستنبول يتدربْن على شؤون المجتمع المدني، ويقبضن هبات من جهات غامضة بالآلاف.
مؤخرا تحدّث جماعة الخوجا ومثقفوه وجعّاروه عن تطهيرٍ عرقيّ يقوم به الكرد فأخذ هؤلاء أيضا حصتهم من الأغنية، كي لا يفوتهم قطار الهبات، وشهادة ” المثقف الوطني والثوري السياسي” في الوقت الذي يقف أبطال شعبنا من شباب وبنات بوجه أعتى مجرمي التاريخ أحفاد عفلق وتلامذة ابن تيمية، يأتوننا بالذبح، فنحن ” ملاحدة ” يجوز ذبحنا شرعا، وبقراتنا لا تخفي مؤخراتها عن أعينهم، فيجب تأديبها، أما نساؤونا فهن سبايا حلل الله لهم بيعهن في أسواق النخاسة، أو تنكيحهن لعاهات أخطأت الطبيعة إذ أوجدتهم على هذه الأرض.
أعرف الكثير من الكتاب والشعراء الكرد لم يهادنوا، ولم يلعقوا صحون التثقيف العروبي التقدمي، فانزووا في العتمة ينتظرون، هؤلاء وحدهم سيغيرون الخريطة الجينية للذلّ العروبيّ التركيّ الذي حقنوه في شراييننا على مدى سنوات القهر الكردي، واليوم إذ يمزق الكردي ستار عبوديته ويقرر الخروج من هذه الوحشة، يتصدى له تاريخ من الرياء والكذب والكلام الكبير الذي طائل منه.