نهر الخنزير في عامودا نعمة الأمس.. نقمة اليوم..!!

“ريّ المحاصيل الزراعية والخضروات بمياه الصرف الصحيّ في عامودا “

لافرق بين الارهابي الذي يقتل الناس والذي يسقي المحاصيل الزراعية والخضروات بمياه الصرف الصحيّ لأن كلاهما يقتلان البشر من دون ذنب.

كارثة صحية وبيئية تنتظر أهالي عامودا إذا لم يتم تدارك الموضوع قبل فوات الاوان.

– إقدام بعض المزارعين على مثل هذا العمل يدلّ على عدم إدراكه ووعيه واخلاقياته تجاه هذا العمل.

– اقترحنا على المزارعين حفر آبار سطحية ضمن أراضيهم بحيث تبعد عن سرير النهر/الذي اصبح مجروراً صحيّاً / بحدود 50 الى 100 متر.

– نطالب الجهات المعنية باتخاذ الاجراءات الصارمة بحق هؤلاء الجشعين ..

تحقيق: نـصر الدين محـمـد

وأنت تتجه جنوباً من عامودا الى الحسكة, تشاهد مساحات من الأراضي الزراعية والخضروات على جانبي نهر “الخنزير” المتوقف عن الجريان, والذي تحوّل إلى مجرى لمياه الصرف الصحي بعد اجتيازه لمدينة عامودا, حيث تشاهد بعض المزارعين يستعملون هذه المياه في ريّ مزروعاتهم وخاصةً الخضروات, رغم نتائجه الخطيرة جداً على صحة الانسان, لأنَّ جميع أصناف النباتات لها القدرة المحددة على تنقية المياه الملوثة عند امتصاصها لهذه المياه, وإذا ازداد تركيز هذه الملوثات الخطيرة في المياه سوف تخزن في جسم النبات كالساق والأوراق, ولها تأثير ضار في تلوث المحاصيل الزراعية والخضروات التي يتم زراعتها في الأعوام القادمة.

ومن خلال الاستطلاع الذي أجرته صحيفة “Bûyerpress” في عامودا بشأن المخاطر الحقيقية بالنسبة لريّ المزروعات من مياه الصرف الصحيّ قال المواطن هجار كنرش:

المواطن هجار كنرش

” مشكلة قديمة حديثة, تتعاظم يوماً بعد يوم, وهي ريّ المزروعات والخضروات بمياه الصرف الصحيّ غير المعالج, يدفع ضريبتها ذلك المواطن على حساب صحته وصحة أولاده فوجود المياه الملوثة والمليئة بأصناف الحشرات والجراثيم والفيروسات وبقايا الحيوانات النافقة تهدد الصحة بالأمراض المزمنة وحتى القاتلة في بعض الأحيان”.

وأضاف كنرش:” كل ذلك لايهمّ بعض أصحاب الأراضي الزراعية والمشاريع القائمة على “ريكارات” الصرف الصحيّ سوى جني المال, ويقدمون الأعذار بأن هذه المياه لري القمح وهذا الصنف معدّ للتصدير حسب رأيهم, لكن يوجد ضمن هذه المشاريع الخضروات مثل البندورة والخيار   …الخ, وهنا يزداد الخطر اكثر كون هذه الخضار تؤكل دون طبخ”.

وطالب كنرش في الختام الجهات المعنية والخيّرة بأتخاذ الاجراءات “الصارمة” بحق هؤلاء الجشعين و” إنزال العقوبات المالية وحجز المحركات التي تعمل على ضخّ المياه لأن صحة المواطن فوق كل اعتبار”.

كما صرّحت السيدة رغدا حاجي عضوة اتحاد نساء كردستان – سوريا, فرع عامودا لصحيفة بويربرس:

رغدا حاجي عضوة اتحاد نساء كردستان – سوريا

” أقولها صراحة, لا فرق لديّ بين الارهابي الذي يقتل الناس, والذي يسقي المحاصيل الزراعية بمياه الصرف الصحي, فكلاهما يقتلان البشر دون ذنب, لاشك ان هناك تأثيرات كارثية على حياة المواطن لأن هذه المياه – حسب رأي المختصين – تسبّب الكثير من الأمراض المعدية وغير المعدية”.

وطالبت حاجي المزارعين الذين يقومون بريّ الخضروات بمياه الصرف الصحي أن “يتقوا الله” فحياة الناس وصحتهم أهم بكثير من المال الذي يجنونه على حساب صحة المواطن حسب رأيها.

واختتمت حاجي بالقول:” هناك حلول أسهل وفي متناول اليد مثل حفر الآبار السطحية وسقاية هذه المزروعات بمياه نظيفة”.

أما المواطن عبدالغفور حسين قال:

المواطن عبدالغفور حسين

” قديماً كان تجري مياه نظيفة في نهر الخنزير, أما الآن وبعد جفافه, أصبح هذا النهر نقمة على الأهالي, وأصبح مجرىً للصرف الصحي وبؤرة للأمراض, وكما أن بعض المزارعين يستخدمونه في ري مزروعاتهم وخضرواتهم تحت أعين المسؤولين ودون وازع من ضمير, وأن السقاية بهذه المياه تجلب امراض كثيرة مثل اليرقان والكبد والسرطانات.

السيدة ميادة حسين لم تخفِ خيبتها من بعض ضعاف النفوس الذين يحاولون أن يشوهوا سمعة عامودا وذلك بريّ المحاصيل الزراعية والخضروات بمياه الصرف الصحي بعد إن كانت عامودا مشهورة بلحمها وخبزها وخضارها والتي كان ينادى عليها بالاسم في أنحاء المحافظة.

السيدة ميادة حسين

وبيّنت حسين أن ذلك يشكّل خطراً حقيقياً على صحة المواطن قائلة: ” من منّا يضمن بأنه لن يأكل من البندورة أو الخيار المرويّ بهذه المياه, ولكن يبدو أن السعي وراء الربح الفاحش قد أعمى قلوبهم وقتل ضمائرهم, وعليه فأن المسؤولية تقع اليوم على من يتولى إدارة هذا البلد للحدّ من هذه التجاوزات”.

وعن المهام العامة للدائرة الصحية في البلديات قال السيد عصام أحمد رئيس الدائرة الصحية في بلدية الشعب بعامودا: إحدى مهامها هي مراقبة الخضروات التي تسقى بمياه الصرف الصحيّ, ومراقبة طول مجرى النهر الممتد بين الاراضي الزراعية لقمع أي حالة والحدّ من استخدامات هذه المياه في السقاية”.

عصام أحمد رئيس الدائرة الصحية في بلدية الشعب بعامودا

وأضاف أحمد ” إن استخدام هذه المياه في ري الخضروات يسبب مخاطر بيئية وصحيّة مما يتسبب في تلوّث التربة, وإن الاقدام على مثل هذا العمل من قبل بعض المزارعين دليل على عدم ادراكهم ووعيهم واخلاقياتهم تجاه هذا العمل”.

وتابع أحمد:” منذ أكثر من سنة تم الوقوف على هذا الموضوع في عامودا, وتم تشكيل لجنة مؤلفة من دائرة الزراعة والاقتصاد والبيئة لمراقبة حرم النهر, ولوحظ بعض المحركات مركبة على فوهات الريكارات وكانت تستخدم في سقاية الخضروات / مادة الملفوف / وتم اتلاف المساحة المزروعة بالكامل”.

وقال الدكتور صالح الزوبع رئيس هيئة الزراعة في مقاطعة الجزيرة لصحيفة بوير بريس:” تم سنّ وتشريع قوانين لقمع استعمال مياه الصرف الصحي في سقاية المزروعات ضمن قانون ” التشريع المائي “الذي تم اقراره من قبل المجلس التشريعي والحاكمية, كذلك تم تشكيل لجنة فنية مختصة من هيئة الزراعة والري وهيئة البيئة والسياحة وهيئة الصحة والداخلية لرصد المزارعين الذين يستعملون مياه الصرف الصحي ومخلفات المجاري في سقاية المزروعات وخاصة الخضروات غير المطبوخة ولكن الكثير من هؤلاء المزارعين لم يلتزم بالتحذيرات والتوجيهات “.

الدكتور صالح الزوبع رئيس هيئة الزراعة في مقاطعة الجزيرة

وتابع الزوبع:” اقترحنا على المزارعين حفر آبار سطحية ضمن أراضيهم بحيث تبعد عن سرير النهر / الذي أصبح مجروراً صحياً / بحدود 50 الى 100 متر, وسوف نسهل لهم الاجراءات, وكذلك لم يلتزموا بذلك ولو تكلمنا عن الاضرار التي تسببها مياه المخلفات القادمة من المشافي ومياه الصرف الصحي فأن النتائج خطيرة جداً على صحة المواطن والنبات والحيوان” .

وأوضح الزوبع ” أن تناول الانسان لهذه الخضروات سوف يؤدي الى حدوث أمراض كثيرة مثل السرطانات والاسهالات واحياناً الكوليرا, وقد لا تظهر الاثار المرضية على الانسان مباشرةً ولكنها سوف تظهر بعد فترة زمنية قصيرة. ننصح المزارعين باستعمال مياه الابار والمياه المعالجة الخالية من المواد الضارة العضوية والمعدنية”.

إن كارثة صحية وبيئية تنتظر أهالي عامودا إذا لم يتم تدارك الموضوع قبل فوات الآوان,  وعلى الجهات المعنية اتخاذ الإجراءات اللازمة بحق هؤلاء المزارعين الذين يقومون بري محاصيلهم الزراعية بمياه الصرف الصحي وإتلاف المساحات المزروعة حفاظا على حياة المواطنين.