نواب المالكي يهددون بسحق رؤوس الأكراد

العرب اللندنية – Buyerpress

فشل البرلمان العراقي في جلسته الأولى أمس في انتخاب رئيس له أو التباحث حول وضعية رئيس الوزراء المنتهية ولايته، وسط تراشق حاد بالألفاظ بين التحالف الذي يتزعمه نوري المالكي وبين الأكراد.

وكان من المتوقع أن يتم عبور استحقاق رئاسة البرلمان للانقال لاختيار رئيس الحكومة في ظل غضب داخلي وخارجي على رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، إلا أن فشل النواب الجدد في الالتزام بالدستور والتفسيرات المتناقضة له أظهرت أن الخلاف أعمق من ذلك.

وينص الدستور العراقي على أن “ينتخب مجلس النواب في أول جلسة له رئيسا، ثم نائبا أول ونائبا ثانيا، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس، بالانتخاب السري المباشر”، دون أن يشير إلى كيفية التعامل مع فشل انتخاب هؤلاء في الجلسة الأولى.

ورغم أنه ليس مذكورا في الدستور، إلا أن العرف السياسي السائد في العراق ينص على أن يكون رئيس الوزراء شيعيا، ورئيس البرلمان سنيا، ورئيس الجمهورية كرديا.

وقال النائب مهدي الحافظ الذي ترأس الجلسة لكونه أكبر الأعضاء سنا بعد تشاوره بشكل علني مع نواب قدموا تفسيرات متناقضة للدستور “تعقد جلسة الأسبوع القادم إذا ما توفرت إمكانية للاتفاق”.

وكانت الجلسة التي حضرها المالكي وقياديون آخرون بينهم رئيس “الائتلاف الوطني” إبراهيم الجعفري ورئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي، بدأت بأداء اليمين الدستورية التي تلاها الحافظ على النواب، ورددوها من بعده، ثم تلت النائبة الكردية آلا طالباني اليمين الدستورية باللغة الكردية ليرددها من بعدها النواب الأكراد في البرلمان.

وطلبت النائبة الكردية نجيبة نجيب الكلمة، فدعت رئيس الوزراء إلى “فك الحصار” عن إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي عبر دفع المستحقات المالية للإقليم من الموازنة العامة والمجمدة منذ أشهر.

وما إن تدخل الحافظ ليبلغ النائبة الكردية بأن هذه الجلسة مخصصة لموضوع انتخاب رئيس المجلس ونائبيه، حتى صرخ النائب محمد ناجي المنتمي إلى منظمة بدر الشيعية: “تريدون أن نفك الحصار عن داعش؟”.

ثم تدخل النائب كاظم الصيادي المنتمي إلى “دولة القانون” بزعامة المالكي ليقول إن رئيس إقليم كردستان “مسعود البارزاني أكبر عميل وخائن. تصدرون النفط إلى إسرائيل وتنزلون العلم العراقي. سنسحق رؤوسكم وسنريكم ماذا نفعل بعد انتهاء الأزمة”.

وأعلن بعدها الحافظ عن استراحة لمدة نصف ساعة، وعاد إلى القاعة بعد انتهاء الاستراحة 175 نائبا، لتعصف بالقاعة فوضى جديدة، حيث قال نواب إن النصاب لم يتحقق إذ أن عدد النواب الحاضرين أقل من الثلثين، بينما قال نواب آخرون إن النصاب متوفر لأن الجلسة بدأت صباحا بحضور 255 نائبا.

وعلى الرغم من حدة الخلافات، قامت نائبات بالتقاط صور تذكارية تحت قبة البرلمان، بعضها على طريقة “سيلفي”.

وقال موظف في مجلس النواب “النواب جالسون هنا وهم يصبرون من اجل تثبيت مصالحهم الشخصية ورواتبهم وامتيازاتهم، لكنهم لم يصبروا على الجلوس لمدة ساعة من اجل حل مشاكل البلاد العالقة”.

وعقد النواب السنة مؤتمرا صحافيا بعد انتهاء الجلسة قال خلاله اسامة النجيفي “نحن نريد رئيس وزراء بديل ونقول لا بد من سياسة جديدة ورئيس سلطة تنفيذية جديد يؤمن بالشراكة والتوازن وحقوق الشعب ويتعامل مع الشركاء باحترام كامل”.

واتخذت السلطات العراقية اشد الاجراءات الامنية حول مقر البرلمان وأعلنت عطلة رسمية في بغداد، فيما مر الصحافيون في اكثر من عشرة حواجز تفتيش تفصل بين كل منها أمتار قليلة.

وقال مراقبون إن الأحزاب الرئيسية في العملية السياسية لم تعد تبحث عن وحدة العراق، ولا تدعيم مؤسساته، وجسر الفجوة في التمثيل والتوظيف بين مختلف الأطراف والمكونات الطائفية والعرقية، وإنما ترفع شعار تحقيق المصالح المباشرة للطائفة.

وفي هذا السياق، قال رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني، في تصريحات لـ “بي بي سي”، إنه يعتزم إجراء استفتاء على استقلال الإقليم خلال أشهر.

وعبر “البارزاني”، عن رأيه بأن “العراق بالفعل مقسم”، مضيفا أنه “في الوقت الذي يؤدي فيه الأكراد دورا في الحل السياسي للأزمة في البلاد، فإن الاستقلال حقهم الطبيعي”، حسب قوله.

وأكد “البارزاني”، أن “كل ما حدث يظهر أنه من حق الأكراد تحقيق استقلالهم”، وأنه “من الآن فصاعدا، لن نخفي أن هذا هو هدفنا، لست أنا من يقرر موضوع الاستقلال، إنه الشعب، سنجري استفتاء، خلال أشهر”.

وكان البارزاني قد لوح منذ أيام باستعمال السلاح للحفاظ على كركوك التي دخلتها قوات البيشمركة تحسبا لهجمات مسلحي العشائر، ثم اعتبرت وجودها بالمدينة الغنية بالنفط أمرا واقعا رغم الصراع الحاد على هويتها بين الأكراد والتركمان والعرب.

وفي سياق المطالب الكردية، قال نجم الدين كريم، القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس العراقي الحالي، جلال الطالباني إن الاتحاد “متمسك” بمنصب رئيس الجمهورية.

واعتبر المراقبون أن مخاوف حزب الاتحاد ليست ناجمة بالأساس عن تغيير في طريقة توزيع مهام الرؤساء الثلاثة داخل البرلمان، وإنما تحسبا لأن يطالب بها حزب الغريم التقليدي البارزاني في ظل مرض الطالباني.