هناك أسر تعتمد وجبتين فقط وبمكونات محدودة لتقليص حجم الإنفاق الى الحدود الدنيا الممكنة..!
ارتفعت أسعار المواد الغذائية الرئيسية بشكل كبير خلال الأربع السنوات الماضية حيث وصلت لأقصى ارتفاع لها بين 300الى 800 قياساً بسنة 2010 ويعود أسباب هذا الارتفاع حسب رأي الاقتصاديين وأصحاب الشأن إلى عدة أسباب منها: ارتفاع تكاليف مستلزمات الانتاج من ناحية وارتفاع تكاليف النقل من ناحية أخرى وانخفاض الإنتاج؛ بسبب خروج الكثير من المساحات الزراعيّة والمصانع والمعامل من العملية الانتاجيّة الحقيقيّة والأهم من ذلك انخفاض القيمة الشرائية لليرة السورية, حيث وصل كيلو البندورة 275 ليرة, والباذنجان الأسود 240 ليرة, والخيار 180 ليرة, والبطاطا 125 ليرة, والفليفلة 450 ليرة, كما وصل سعر كيلو الموز إلى 450 ليرة والتفاح الأحمر والليمون إلى240 ليرة والبرتقال 175 ليرة, وفي نفس الوقت وصل كيلو اللحم الى 2000 ليرة وكيلو الفروج 535 ليرة, بينما وصل سعر البيض السوري إلى 525 ليرة.
إن تقديرات نفقات المعيشة الضرورية لأسرة مؤلفة من ستة أشخاص في الظروف الحاليّة وبالحد الأدنى تتجاوز 75 ألف ليرة سورية شهرياً فكيف يؤمن ذوو الأجر المحدود ومعيلي الأسر العاطلين عن العمل بين هذه المتطلبات مقابل عدم توفر فرص عمل جدية, مع العلم أن هناك أسر يقتصر غذائها على وجبتين فقط وبمكونات محدودة تعتمد الخبز والبقوليات وسلات المعونة لتقليص حجم الإنفاق إلى الحدود الدنيا الممكنة وبالإضافة إلى التقشف يلجأ معيل الأسرة للبحث عن عملين أو اكثر وإذا وفق سيحظى بشيء من المال وكثير من التعب.
هيفي قجو – ناشطة مدنية: أأأصبح شراء بعض المواد الغذائية ضرباً من الخيال لبعض المواطنين وباتوا يستغنون عن كثير من المواد الغذائية, مركزين على الأساسيات (أي الوجبات الرئيسية ) لكن تأمينها أيضا أمسى صعباً أمام المواطن الذي أصبح لا يملك حولاً ولا قوة أمام الارتفاع الهائل لأسعار المواد الغذائية, وأن قطاعات الانتاج متوقفة وما تم استيراده من مواد وسلع عن طريق العملة الصعبة “الدولار “, وأما انخفاض القوة الشرائية لليرة السورية وارتفاع نسبة التضخم لم تعد تجدي تداولات مصرف سوريا المركزي لوقف انخفاض قيمة الليرة السورية مقابل الدولار وارتفاع نسبة البطالة التي تتجاوز حالياً في سوريا60%, و هناك أيضاً عجز في الميزانية, لأنه لايوجد انتاج كما أن سعر الدولار لم يرتفع خارجياً لهكذا مستوى منذ عام 1970, وعادة يرتفع سعر الفائدة لكي يتحدد سقف الدولار وهذا يتتطلب تدخلاً من الشبكة الفدرالية الأمريكية.
صفقان أوركيش – فنان: إن زيادة أسعار السلع والمواد الغذائية برأيي مرتبط بانخفاض القيمة الشرائية لليرة السورية. قبل 4 سنوات كان سعر صرف الدولار الواحد مقابل 50 ليرة سوريا أما اليوم فسعر صرف الدولار الواحد مقابل 300 ليرة سورية, وكان راتب الموظف الحكومي 25 الف ليرة سورية أي ما يقابل 500 دولار, واليوم أيضا راتب الموظف 30 ألف ليرة سورية أي ما يقابل 100 دولار, لذا على الموظف أن يعمل عملاً ثانياً بعد وظيفته الحكومية, كي يستطيع العيش مع آولاده بالحدود الدنيا (nan ȗ zikȇ), فأنا مثلاً أعمل في إذاعة آرتا بعد الدوام من الساعة الرابعة عصراً وحتى العاشرة ليلاً, ومجموع دخلي بالكاد يكفي في هذه الظروف, والمفروض أن يكون هناك رقابة تموينية على الاسعار والمواد الغذائية.
هجار كنرش – صاحب مكتبة الثقافة: ترجع الزيادة المفرطة في الأسعار وخاصة في الآونة الأخيرة إلى ارتفاع الدولار أمام الليرة السورية, هذا برأي التجار طبعاً, هناك واقع مؤلم وقاس, فحديث الناس اليومي هو ارتفاع الأسعار وخاصة السلع الأساسية, كالسكر والرز والزيوت واللحوم …. الخ وبات تأمين هذه المواد يتطلب من رب الأسرة العمل ليلاً ونهاراً لتأمين ولو جزء بسيط من لقمة العيش, أما ما يُسمى بالكماليات كالفواكه والحلويات فأصبحت في خبر كان, الحل برأيي أن تتدخل جميع المؤسسات لحماية المواطن المغلوب على أمره, ومعاقبة التجار الكبار بيد من حديد, وفضح كل مستغل لظروف المواطن, كما نطلب من الأخوة في كردستان العراق تأمين المواد وخاصة الأساسية منها, لأن حدودها هي المتبقية حتى الآن.
حسين سليمان محمد – تاجر جملة: إن ارتفاع أسعار المواد الغذائية وخاصة الأساسية كالزيوت واللحوم والسكر والرز هو بسبب انخفاض القيمة الشرائية لليرة السورية مقابل الدولار, وإغلاق المعابر الحدودية سبب رئيسي لزيادة أسعار هذه السلع, كما أن أجرة الطريق لجلب هذه المواد ارتفع من ليرة سورية واحدة الى سبعين ليرة للكيلو غرام, وأيضاً جشع بعض التجار أدى إلى هذه الزيادة, وهنا المفروض أن تتدخل مؤسسات الإدارة الذاتية المعنية ( هيئة التموين و هيئة الداخلية ) لوضع حد لتهريب الأبقار والأغنام إلى كردستان العراق ولحماية هذا المواطن لكي يستطيع أن يعيل أسرته. سابقاً كان النظام يقوم بتصدير كمية محددة من الأغنام والأبقار وبشكل لا يؤثر على حاجة الداخل من اللحوم وارتفاع أسعارها.
رمضان محمد علي – مدرّس تربية موسيقية: قال بما أننا نعيش ضمن الشرق الأوسط أو ما يعرف ببلدان العالم الثالث المتخلفة حسب مفهوم الدول من النواحي الاقتصادية والخدمية والاجتماعية المرتبطة أصلاً بالنظم القائمة وسياساتها فهذه الدول التي استفردت بالسلطة ( أنظمة شمولية ) وضعت برامج للتنمية والدعم, أي دعم المواد الغذائية حسب برنامجها السياسي, فهي تعيش حالة تخبط بين النظام الاشتراكي القديم ونظم السوق الرأسمالية دون العودة الى إجراء دراسات وأبحاث لواقعها الاجتماعي والاقتصادي بالرغم من أننا نملك جميع الموارد البشرية والطبيعية ولا نحتاج سوى إلى وضع أسس اقتصادية سليمة, على سبيل المثال رفعت الدولة السورية شعار “التطوير والتحديث” منذ 15 عام وقانون الاستثمار داخليآ وخارجياً دون أي نتائج ايجابية تذكر على الواقع نتيجة البيروقراطية .
هكذا تزداد الأصفار متزاحمة أمام الأسعار التي أثقلت الكاهل, وبقي ذو الدخل المحدود على حاله براتبه البائس ويده المغلولة, والكثير من الأسر التي بقيت في الوطن مازالت تنتظر حصتها مما تجود به منظمات الإغاثة من بعض المواد, والكلمة الفصل هي بيد السلطة لتضع حلاً واحداً لهذا الانفلات المنذر بنكبة تتنظر الشعب.
تحيقيق: نصرالدين إبراهيم
نشر في صحيفة Bûyerpress في العدد 19 بتاريخ 2015/5/15