يندرج مصروف الأولاد في خانة الموضوعات التي توليها الأسرة اهتماما, كونه يحتاج أساليب نفسية واجتماعية ممزوجة بالحكمة في التعامل مع الأولاد عند منحهم مصروفهم اليوميّ, وتزداد حالة القلق وتصل ذروتها لدى الآباء والذين يرون من جانب في منح الأولاد مصروفا كبيراً يحفزّهم على الدراسة ولا يعرضهم لمواقف محرجة أمام زملائهم, ومن جانب آخر يعتقدون أن المصروف الكبير قد يكون عامل إفساد يدفع الأولاد إلى سلوك سيئ.
السيدة منال الحسني– مدرسة لغة انكليزية: الموضوع يستحق الوقوف عنده, والبحث فيه لأن الظروف الاستثنائية التي تمر بها سورية عامة والمناطق الكردية خاصّة لها آثار سلبية على الجميع, ما يهمّ في تربية الأولاد برأيي هو التعاون والانسجام بين الأبوين, وأي خلاف بينهما يؤدي بالضرورة إلى نزعهذه التربية وأركز هنا على الانسجام والتعامل مع الأولاد من كلا الجنسين بنفس السويّة, بحيث لا يكون هناك فارق في إعطاء المصروف اليوميّ لأنه من نتائج تلك التفرقة في التعامل أنثى معنـّفة؛ تشعر بالغبن والاضطهاد والدونية طيلة عمرها.
السيد عبدالباري أحمه – معلم ابتدائي: أي حالة أو تصرّف مع الأولاد في البيت وخارجه يحتاج لعدة أمور…وأنا شخصيا أتعامل مع أولادي منذ أكثر من ثلاثين سنة وحتى الآن بالتواصل الثقافي, منذ طفولتهم كانت الموسيقا صلة الوصل, والحوار صلة التواصل …ومهما كان المصروف اليوميّ قليلا أو كثيرا كانت قناعاتهم راسخة, لأنني وبنفس الوقت كنت دوماً أقنعهم بأن يقتنوا بمصروفهم اليومي أشياء مادّية خاصّة للذكرى وللقراءة, وهكذا, لذا حتى الآن لم أجد أي تمرّد أو رفض من أولادي ذكورا وإناثا على كمية المصروف اليومي, وهذا ما جعلني بنفس الوقت وحتى الآن أعيش مع أولادي حالة الاستقرار والسعادة والتواصل. الثقافة والحوار دليل كافٍ للقناعة وليس بكثرة المصروف أو قلته.
السيدة مالكريد حمي – ربة منزل: يجب أن يُراعى في المصروف اليوميّ للأولاد عدّة جوانب؛ منها عمر الطفل والمرحلة التي يدرس فيها ومدى حاجته للمصروف, هل هو كاف أم لا؟ وبرأيي عملية التقييم مهمّة ومنطقية جدا لأن الأبناء الذين يدرسون مثلا في المرحلة الثانوية يحتاجون مصروفاً أكثر من الأبناء في المرحلتين الابتدائية والإعدادية وأن منح طالب المرحلة الثانوية مصروفه بشكل أسبوعي أفضل بكثير من المصروف اليومي.
السيد محمد حاج حمو – أمين سرّ ثانوية: في ظلّ الظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة والأزمة التي عصفت بكل شيء وخاصّة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي أثقلت كاهل المجتمع بجميع شرائحه أثرت ذلك بشكل أو بآخر على الدخل الأسري, ومن إحدى تجليّات الوضع أنه لم يعد بمقدور الآباء تقديم لوازم الأولاد الضرورية, لاسيما إذا كانت أعداد أفراد الأسرة يتجاوز ثلاثة أفراد, وبما أنني عضو إداري في إحدى مدارس عامودا أرى بأن هناك صرف غير معقول من قبل شريحة معينة من الطلاب, والبعض الآخر خجِلٌ من الشراء بمبلغ 25 ليرة, وهذا يترك أثر سلبي على نفسية الطلاب كما أنه عائق ماديّ على كاهل الآباء ومما ذكرناه يتطلّب من الأهالي توجيه أولادهم وتعويدهم على الحرص والتقنين الماديّ.
السيدة أيام حسني أحمد – ربة منزل:
إن هذا الموضوع مهمّ جداً بالنسبة للأوضاع التي نعيشها حاليا, لذلك يجب أن يكون دخل الأولاد محدوداً بحسب أعمارهم, كما أن جسم الطفل في كلّ مرحلة من مراحل النموّ يحتاج إلى غذاء محدّد, كذلك بالنسبة لمصروفهم, فالأولاد ليسوا بحاجة إلى مصروف كبير بقدر ما هم بحاجة إلى الاهتمام والتعامل الحسن, كما يجب أن يكون مصروفهم كافيا لمتطلباتهم, فالقلـّة في المصروف قد يدفع الطفل إلى السرقة, وإن إعطاء المصروف اليوميّ للطفل أفضل من المصروف الاسبوعي لأن الطفل قد يصرف ما لديه في يوم واحد, ويبقى بقية الأيام دون مصروف.
السيد اسماعيل كوسا- شاعر:
أصبح المصروف اليومي للأطفال اليوم مشكلة كبيرة وخاصة للأسر الميسورة ولشريحة الموظفين, حيث يعتبر سلاحاً ذو حدّين, فمن جهة إذا أكثرت المصروف فهي تكون أكثر من قدرات الأسرة المالية, وتخرّب وعي الطفل في مجتمع منفلت من عقاله ومن قيوده وقد يأخذ بالطفل إلى الضياع, ومن جهة أخرى أيضا إذا قللت من مصروفه ربما يأخذه أيضا إلى أوكار الرذيلة والإدمان وما هنالك من أمكنة السواد.
من الحكمة القول: إن هذه الظروف العصيبة التي يمر بها مجتمعنا أدى إلى ضياع الأسر الفقيرة لأن التحديات المادية التي تواجهها أكبر من إمكانياتها العملية وخاصة في ظل مجتمع أصبح متفككا في غياب الضمان الاجتماعي وتكافله. إن ضياع النشء هو مسؤولية الجميع وعلى المؤسسات المجتمعية القائمة أن تنظر إلى هذه المسالة الخطيرة برؤية جدية وتستنفر كل قواها الاقتصادية في مواجهة ذلك, وإن ضاعت أجيالنا فستدخل في سراديب الظلام لأمد طويل. إن مجتمعنا بلا طفولة سعيدة مجتمع هشّ وقابل للكسر والنسيان في أي وقت تريد.
جودي محمد – طالب في المرحلة الابتدائية:
لا أريد مضايقة أهلي بمصروفي وإن الـ 50 ليرة التي أحصل عليها يوميا كافية وفيما يخص المصاريف الأخرى من ملابس وحاجات مدرسية فأهلي يشترونها عند الحاجة.
السيد يوسف أحمد – مدرس فلسفة:
أصبح مصروف الأولاد وخاصة الصغار منهم هماً يثقل كاهل الأهل والذي أصبح تحدّيا في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة والتي لايخفى تأثيرها على أحد, وأصبح الأهل بين خيارين, أولهما تعويض أطفالهم عن طريق المصر وف الزائد مضطرين بسبب ارتفاع أسعار المواد كافة, ومن جهة أخرى وهو الخيار الأصعب عليهم التقيد نظرا لقلة الموارد المالية وضعف الدخل مقارنة مع الأسعار التي نستطيع إجمالا أن نضرب سعر أي مادة بخمس أضعافها أو يزيد والقاعدة الذهنية في التربية تشمل المصروف أيضا وهو البعد عن الطرفين المفسدين؛ الدلال والإهمال واتخاذ سياسة تجعل الأطفال منذ نعومة أظفارهم يتعلمون طرق مناسبة للإنفاق بعيدا عن كلا الطرفين.
وهكذا نرى أن مصروف الأولاد اليومي يتحّول إلى ناحية سلبية تسيء إلى الطفل بداية, ثم غلى تربيته, إن لم يحسن الوالدان التصرّف حيّال هذا الأمر الحساس.
نشر في صحيفة Bûyerpress في العدد 17 بتاريخ 2015/4/15