درباسية.. العبور الى الحافّة – بشار العيسى

يندر أن يمرّ اسبوع دون ان تأتي عبر الحدود مع تركيا الكردستانية جثمان شاب هارب من جحيم الحياة الى جنة جحيم الاغتراب.
قبلا كانت غابة الالغام التي تزنر الحدود على الطرف الآخر من سكة القطار، ترمي إلينا على طرفي الحدود بأقدام واطراف العابرين سواء أكانوا في زيارة الاهل او عمليات تهريب للتبغ أوالمفقود على جانب دون الآخر من الحدود.
علاقة ذاكرتنا بالجندرمة التركية على طرفي الحدود علاقة عدائية تشبه رأس الطلقة وحجرة الانفجار في البندقية المعادية.
علاقة الكرد مع الجندرمة التركية علاقة ضحية وقاتل محترف، فقط لان الوكالة الاستعمارية ( حسب بيشكجي)، رسمت خطا لإطلاق النار بمتعة على البشر اذا استطاعوا النفاذ خلل حقول الالغام الطورانية.
كنت أنظر مشدوها، الى ذلك الدغل الكثيف شمال شرقي “الدرباسية” الى الشمال من الطريق الذاهب الى عامودا فقامشلي، يشعرني بقتامته الخضراء وهو يجاور سكة القطار التي يزنرها من الشمال حقل الغام هو الاطول في العالم . حقل مفخخ يترصد اقدام الكرد العابرين خلسة لرؤية الاهل على الطرف الآخر من الحدود التي يرسمها باتفاق دولي رغم ارادة السكان سكة قطار الشرق السريع الذي يخترق ويفصل بين اراضي مزارع وقرى الفضاء الكردي الأرضي ويفصل بالتالي بين وحدة الاسر والعشائر والاسواق والمراعي.
كنت احس وكأن الدغل هبط من كوكب آخر اشبه ما يكون بمجمع الارباب تحيط به جنيات ويحرس اروقته تعاويذ وابالسة ناريين ومع ذلك كان مثل وشمة في التربة الحمراء شمال غرب “قرية تلليلون”، اذا لم يكن من اشجار او نباتات او عشيبات برية غيره، لم احاول قط الاقتراب منه خشية ان يفتح لي فيه بابا او مدخل مغارة تغريني بالدخول اليها فادخل مثل حمزة البهلوان على فرسه ولا اعود منه قط فينشغل فكر جازية وتبقى طيلة العمر تنتظر عودتي على الباب.