ليس كل القطط تستطيع أن ترسم اللوحات الجميلة ولكن بعض القطط الموهوبة تفعل ذلك وقد اصبحت رسوماتها تباع في المعارض وبأسعار يحسد عليها كبار الفنانين واذا كانت الفكرة من البداية تبدو غير مصدقة فأين مثلاً في تاريخ النحت العالمي ما يضاهي في تكوينه وخطوطه وتعقيده عش طائر؟
وحتى لا نذهب بعيداً فقد احتفل في بريطانية بالذكرى الاربعين لوفاة واحد من اكثر الفنانين الشمبانزي حيث كانت أعماله الفنية تلقائية وديناميكية فيها المعبر والتجريدي حتى انها عندما عرضت في معهد الفنون الحديثة في لندن في الخمسينات فأن قليلآً من الناس صدقوا ان هذه الاعمال الفنية لشمبانزي حتى شاهدوه يعمل في حظيرته الصغيرة في حديقة حيوان الريجنس بارك في لندن ومع اختلاف في انجازات الفنانين إذ لا يوجد فنان يشبه الآخر في موضوع واحد خاصة في مرحلة تكوينه الفني الأولى وعندما تكون هناك قدرات فنية يجب أن تنمى فلا بد ان تشجع وترعى منذ الصغر أن توافر البيئة المناسبة للعمل الفني لدى الحيوانات لا تتاح لها الفرصة للتطوير وعرض قدراتها الفنية وحتى القليل منها الذي يستطيع ان يعرض قدراته الفنية فانه لا يلاقي التشجيع واذا كانت اعمال بعض الفنانين الكبار من البشر يمكن ان تواجه بالإهمال فكيف يمكن لإنتاج فنان من بني الحيوان ان يقدر؟ وواحدة من الدراسات التي استمرت لسنوات حول الانتاج الفني غير البشري نشرت اخيراً بعنوان ( لماذا ترسم القطط ) هذه الدراسة أعدها أثنان من الدارسين النوزلنديين مؤكدة بالطريقة الأكاديمية المليئة بالشروح أنها ليست دراسة مختصرة عن موضوع لا يعرف عنه إلا القليل فقط ولكنها أيضاً دراسة تجمع تجارب عديدة مع صور ملونة لقطط تقوم بالفعل برسم لوحاتها مع شرح الطرق والمواقف من العمل الفني نفسه والدراسة تحتوي على تاريخ عائلة القطط الفني وهي لافتة للأنظار وتقدم بطريقة بعيدة عن الإثارة ففي حوالي سنة 5000 ق.م في مصر القديمة على سبيل المثال وجدت جرة في أحد المدافن مزينة بضربة يد قطة واعتبرت هذه الضربة الفنية هي المساهمة الأولى في تاريخ أبعد لفن القطط من أكثر من 7000 عام ويدعي الباحثان أنهما حصلا على شواهد بان قطط الكنائس تعاونت في وضع بعض الرسوم التوضيحية داخل هذه الكنائس وان واحد من الرسوم المعترف بها لاحد اشكال الديانة البوذية كان قطاً سيامياً يدعى / اتوكاتي / هذا الكتاب يقدم أكثر من خطوط عريضة لفن العائلة القطية والذي يبدو أنه يسير وبشكل عجيب بمحاذاة الفن الإنساني
أذا ابتعدنا عن التحيز لبني الإنسان ضد الحيوان فأنه من الضروري الاعتراف بأنه ليس كل قط او قطة يمكن أن يقوم بعمل من أعمال الفن الجميل كذلك هو الإنسان , الفرق أن الحيوان لا يعقل ماذا يفعل وبالتالي تتساوى عنده الأعمال الجيدة في الفن بالأعمال الرديئة , أما الإنسان فأنه يؤكد دائماً ان أعماله عظيمة ودائماً يجرؤ على عرضها على الناس .
نشرت في صحيفة Buyerpress في العدد 15 بتاريخ 2015/3/15