اسم القرية: Girê Moza – تل موزان
سبب التسمية: حتى الآن لم يتوصل أحد من الباحثين إلى معرفة سبب التسمية وبحسب تخمينات أحد أهالي القرية وهو شخصية مهتمة بالتّاريخ والتّراث يقول الشيخ توفيق الحسيني: أن سبب التسمية يعود إلى أن التّل كان يحوي أوكاراً للزنابير وهي تعني بالكرديّة Moz)) وهي حشرات حمراء تحفرُ أوكارها في المناطق العالية ويقال أنَّها كانت موجودة بكثرةٍ في التلّ وبالتالي سُمّيت القرية بهذا الاسم, ولكن هذه المعلومة المتعلقة بالتسمية تبقى محلّقة في محيط التوقع والتخمين. ووفقَ الأستاذ صباح قاسم وهو أحد العاملين مع البعثات الأثرية في Moza منذ أكثر من عشرين عاماً يرى إنَّ هناك الكثير من القرى التابعة لعامودا لها تسميات تركية مثل أوزملر- جناجيق – قره تبه –سيلندر- قزان بوك 0000الخ
وموزان هي إحدى المفردات باللغة التركية وتعني (مُوزَا) المتحف, وهي مأخوذة أصلاً من الانكليزية0 وبعد تأسيس الجمهورية العربية السورية عُرِّبَ اسمها إلى تل المال وذلك لتوفُّر اللقى والتحف الأثرية0
الموقع: تقع القرية شرقي مدينة عامودا وتبعد عن المدينة 5كلم تقريباً وعن طريق عامودا وقامشلي العام حوالي 1كلم جنوباً0
العائلات: في عام 1800م كان صاحب القرية ومختارها (حمي مصطي) وهو من آغوات عشيرة (الملان) ومن أقارب (عيسى عبد الكريم ونواف حسن وحسين ابراهيم آغا) و كان الرجل معروفاً بكرمه وحسن ضيافته ودماثته, ومن العائلات أيضاً عائلة (بافي كال الشيخ محمد الحسيني وعائلة حسين حسنو وعائلة أومو) ومن العائلات التي هاجرت إلى القرية عائلة (رشيد مهاجر ) ومختار القرية حتى يومنا هذا هم من أبناء (حواس مجيد)0
أعمال القرية: في تلك الفترة كان أهالي القرية يعملون في التجارة وذلك بتصدير البضاعة إلى ماردين, والبضاعة كانت عبارة عن حبوب وأجبان وأصواف, والعملة المتداولة بينهم كانت الذهب والفضة العثمانيُّة ويذكر أحدُ أهالي القرية:
إن العملة عندما تحوّلت من المعدن النَّقدي إلى الورق شكّلَ هذا التحوُّل سعادَةً كبيرة للناس لأنهم تخلَّصوا من ثِقَل المعدن وبدأوا باستعمال العملة الورقية الخفيفة, وفي والنقود المعدنية كانت تبدأ بقطعة معدنية تسمى البارة /Pare/ وهي مصكوكة من معدن الحديد وهي أقلُّ قيمة ًمن القرش بينما القرش والقرشان والخمسة قروش مسكوكة من الفضة, والمجيدية مسكوكة من الفضة كذلك وقيمتها تساوي عشرون قرشاً0
الإنارة: أسْتُعْمِلَ البعرُ وخاصة بعرُ الجمل في الإنارة حيث يوضع البعرُ في صحنٍ مملوءٍ بالدّهن (السمن ) ويتمُّ إشعال البعر والحصول على نورٍ طبيعي في الليل المظلم, ثم اكْتُشِفَ السراج حيث المادة المستعملة فيه هي الكاز, ومن ثم القنديل الزجاجي, وصولاً إلى الفانوس, ومن ثم الكهرباء في الوقت الرَّاهِن.
الأعراس: كان للعُرس عادات خاصة ومميزة للكُرد, فالصِّداق أي المهر يقاس بالأكياس, والكيس الواحد يحوي خمسُ مجيديات, وأهم ما يميَّزُ لباس العروس في ذاك الوقت أي في عام 1800 تقريباً أن يلصق به قطعة من القماش الموشَّى بالذهب وطُرِزت عليه عبارة ” ماشاء الله ” وذلك من قبيل التعجُّب للتحبُّب, وكانت العروس تتزيَّن بِسِوَارِ ذهبيّ, والعائلات الغنيَّة كانت تستعملُ الخلاخيلَ الذهبية بالإضافة إلى قماشٍ مطرزٍ بالذهب تلفُّ به خاصرة العروس وتسمى بالكَمَرْ, وكانت الحفلة والفرحة المرافقة بالغناء والرقصات الفلكلورية تدارُ سبعةَ أيامٍ0
ومن الجميل في يوم الزفّة, كان على أهل العريس تقديم عدد من الأغنام إلى أهل العروس ليجهزوا بها المائدة في دار العروس, ويحضّرُ الطعام ويخصّص شباب القرية بخروف أو شاة, وبعد الانتهاء من الطعام تبدأ مراسم نقل العروس إلى دار العريس, ووسيلة النقل كانت الخيول, وأثناء المسير كان الشبَّان الفرسان يتنافسون في سباقٍ للخيول وتقديم استعراضات جميلة وهم يحومون حول العريس والعروس مطلقين العنان للغناء والموَّال0
وقد ذكرت الكاتبة اغاثا كريستي في كتابها المترجم من قبل الشيخ توفيق الحسيني أثناء زيارتها Moza مايلي:
“عندما ذهبت إلى Gire Moza بغية البحث والتنقيب احتجنا إلى عمالٍ من رجال القرية, ففوجئت برفضهم القاطع العمل معي وذلك أن الوقت كان ربيعاً وموسم الحصاد قد قَرُبَ وقته فلم يكترثوا بالعرض المقدَّم لهم, فكان عليَّ الالتجاء إلى نسوتهم ليضغطنَ على أزواجهنَّ كي يعملوا معنا وذلك بعد إغراء النسوة بإمكانية الحصول على زينة من الذهب لقاء الأجور التي ستمنح للرجال جزاء العمل في بعثتنا فالنساءُ في القرية كن َّيبذلن الجهدَ ضعفَ الرجال وكانت تقعُ على عاتقهن من الأعمال كتحضيرٍ للطعام وإنضاجٍ للخبز بعد إشعال التنّور وجَلب القشّْ والمشاركة في أعمالِ البناء وتربية المواشي وكانوا يشاركون الرجال في أغلب الأعمالِ لذلك كانت النساءُ يتمتعنَ بموقعٍ من التقدير والاحترام, وهذا ما دفعت الكاتبة أجاثا كريستي للتقرُّب منهنَّ في موضوع الإقناع من أجل الضغط على الرجال للعمل مع البعثة0
آثار: Gire Moza
التّلُ عبارة عن كتل, حيث يتألف من سبعة تلال متلاحقة يحيط بها سورٌ ظاهر للعيان واسم تل موزان غير حديث فقد أورده ابن الأثير في أخبار فتح رأس العين, ويذكر ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان أنه بلدٌ قديم بين رأس العين وسروج0
في عام 1984 ذكره الانكليزي ماكس مالون باسم (موزن) وكان ينوي التنقيب فيه وقام بأعمال سبر محددة ولكنه اختار العمال في موقع شاغر بازار لأن زوجته أغاثا كريستي لم يطب لها السكنى فيه واستؤنفَ التنقيب في عام 1984 من قبل البعثة الأمريكية التابعة لجامعة لوس انجلوس بإدارة جورجيو ومارلين كيلي بوتشلاتي وكان العمل مستمراً حتى عام 2010 وذلكَ قبل أن ينقطعَ لدخول سوريا في أزمةٍ سياسيَّة .
وفي عام 1988 شاركت الجمعية الألمانية في أعمال التنقيب, وقد أمكن العثور على جزء من قصرٍ يعود إلى الربع الرابع من الألف الثالث ق0م وكتلٍ معماريَّة تعود إلى بدايات الألف الثاني ق0م وكذلك عثر حتى الآن على أكثر من ألف طبعة ختم لأكثر من فئة مختلفة, كما وجدت نصوص مدرسية بغرض تعليم الكتابة تدل على مدى التطور التي كانت قد وصلت إليه المدينة0
عثر أيضاً على خمسة أختام تخصُّ أحد ملوك أورشي والملكة أكنيتوم وأدوات من البرونز وغيرها من اللقى الأثرية كما عثر في Gire moza على مجموعة كبيرة من التماثيل الحيوانية معمولَة من الطين حيث توثق بواقعية مباشرة وملموسة طبيعة الحياة الحيوانية قديماً في هذه المنطقة0
بعض تماثيل أوركيش هي لفصائل حيوانات برية في هذه المنطقة من سوريا ونجد أن التماثيل الآدمية نادرة الوجود على غرار التماثيل الحيوانية الأكثر انتشاراً في حضارة اوركيش وعثر أيضاً على مصنوعات يدوية من السبج (وهو حجر كريم) على يد عالم الآثار /اليري فراهم / من جامعة شيفيلدا .
في أعلى الأفق يقع معبد كوماربي وأساساته تعود إلى 240ق0م وتعود التسمية الى الملك الذي بنى المعبد /يتشى آتال/ والذي عُرف لنا عن طريق تمثالين رائعين لأسدين من البرونز, لكن فقط أساسات المعبد باقية إلى اليوم0
في أسفل التل يظهر للعيان القصر الملكي القديم وما تبقى منه في صورته التي عليها حالياً و تعود إلى فترة متأخرة بقليل عن المعبد أي نحو 2300ق0م0
تم كشف جناح الخدمات بشكل كامل بينما مايزال الجزء الأكبر من الجناح الرسمي مقر إقامة الملك ممتداً أسفل بقايا مستوطنات الفترات المتأخرة 0
عدد كبير من طبقات الأختام تعطينا معلومات تاريخية قديمة عن سلالة الحوريين الذين حكموا المدينة وعن الملكة التي أتت من الجنوب وتناولت أيضاً ابنة نارام سين الملك الأكادي الأعظم قوة والذي قام بفتح كل ما تبقى من سوريا ولكنه بقي حليفاً لأوركيش0
في التلّ بناء استثنائي آخر لافت للنظر هو ذلك التجويف الواسع والعميق وقد لفَّ هذا التجويف بالحجارة تحت مستوى سطح الأرض وحسب المفاهيم الحورية كانت تُستدعى فيها أرواح العالم السفلي عبر وسيطة قادرة على فهم وترجمة عبارات الهمس التي تطلقها, وأهمية هذا البناء يكمن في القيم العقائدية التي يحملها 0 ومازال لهذا البناء وقعٌ كبيرٌ على الزوّار بسبب ضخامته التي حافظ عليها عبر الزمن
نشرت في صحيفة في العدد 15 بتاريخ 2015/3/15