– منع تعدد الزوجات أيضاً مناف للشريعة الاسلامية وطرحه سيكون صعباً, وسيلقى الرفض من قبل الكثير وهو مخالف لدين الإسلام.
– الزواج المدني يحدث اشكالية كبيرة لمعارضته للأعراف والدين والعادات والتقاليد الخاصة بالمجتمع
عانت المرأة كافة أنواع الظلم والحرمان والتهميش الذي ترسخ بشكل كبير في المجتمعات المسيّرة بالمفاهيم الذكورية, فأقصيت عن الكثير من مجالات الحياة وحرمت من أبسط حقوقها.
لازالت المرأة اليوم – رغم ادعاءات المجتمع بتحضرها وتقدمها – تكافح وتناضل لأجل حقوقها المشروعة في الحياة الحرة الكريمة.
في خضم كل ما يحدث اليوم وفي هذه البقعة الجغرافية من روجآفا لم تكل المرأة من نضالها من أجل تحررها ونيل ما سلبه مجتمعها الذكوري بامتياز.. موضوع العنف ضد المرأة ليس بالجديد المطروح ولكن هناك ما هو جديد يتطلب إلقاء الضوء عليه و الوقوف على بعض جوانبه..
نظرة على واقع المرأة في روجآفا..
في هذا السياق كانت هذه الوقفة مع السيدة
شهناز أمين هساري من مؤسسة عوائل الشهداء , ذات الباع الطويل في حل القضايا الاجتماعية وخاصة تلك المتعلقة بالمرأة: “بالنسبة لمسائل المرأة أستطيع القول بأنها فيما مضى من السنوات كان ينظر إليها بشكل مختلف عن اليوم, والسبب هو حالة الوعي التي رافقت متطلبات المرحلة الراهنة والحاضرة, أصبح هناك مقدرة على الفصل بين المسائل الخاصة بالمرأة. كانت المرأة سابقاً تقوم بإعمال المنزل كاملة بالإضافة إلى الأعمال الأخرى كانت تفرضه عليها بيئتها, أما الرجل فكان لديه عمل واحد أو وظيفة واحدة ليعود في نهاية النهار ويفرغ كل ما بجعبته نتيجة الضغوطات التي كان يتعرض لها في الخارج أو أثناء عمله على زوجته, والذي كان يتمثل إما بضربها أو إهانتها, فما كان منها إلا أن الصمت والتحمّل”.
وتضيف هساري:” وفي أسوأ الأحوال كانت تلجأ إلى بيت أهلها وحسب العادات, وبعد فترة تقوم جماعة من ذوي الزوج بإرجاعها إلى بيتها, وكل ذلك في سبيل الحفاظ على أولادها دون أن يقدّر الزوج موقفها النبيل وعودتها إلى المنزل, ليكون أبسط ما كانت تنتظره الزوجة منه هو تغيّر تصرفاته تجاه زوجته ليعود الى ما كان عليه دون أدنى تقدير منه”.
وترى هساري أن الثورة وما رافقها من تغيرات أحدثت حالة من الوعي لدى المرأة جعلها ترفض واقع الظلم الذي كانت تعيشه, وجعلها تدرك بأنها كائن مثلها مثل الرجل ولها ما له من حقوق. الثورة ساهمت أيضاً بالإضافة إلى خلق نوع من الوعي لدى المجتمع وخاصة لدى المرأة بحقوقها في إحداث الأطر المنظمة والمعنية بأمور المرأة لتجد الطريق أمامها مفتوحة فلم تترد في كسر حاجز الخوف الذي كان معشعشا في عقلها وروحها ولجأت إلى هذه المنظمات الأخت والزوج والزوجة) وانتهاءً بالمجتمع ذو الصبغة الذكورية والنظرة الدونية إلى المرأة.
صدر حديثاً وبتاريخ20/11/2014 مرسوم من قبل الإدارة الذاتية ينظم الشؤون الخاصة بالمرأة يتضمن مجموعة مبادئ أساسية وأحكام خاصة تفضي إلى إحقاق المساواة الفعلية بين المرأة والرجل في كافة لمجالات العامة والخاصة ضمن هذه البقعة الجغرافية, حيث لاقى هذا القانون استحساناً من قبل بعض شرائح المجتمع الكردستاني فيما أثارة بعض مواده نوع من الرفض والتذمر من قبل البعض واعتباره نوع من مصادرة الحريات.
المادة (12- 13) من القانون الخاص بالمرأة وفق رؤى حقوقية مجتمعية:
لاقت المادة 12 من هذا القانون والذي ينظم صكوك الزواج مدنيا القبول عند البعض حيث رأوا فيه خطوة باتجاه المدنية والديمقراطية , فيما أثار حفيظة البعض ووجدوها مخالفة للأعراف وخصوصية المعتقدات الدينية للمكونات المتواجدة في روجآفا.
أفين خلو – نائب وزير العدل في الإدارة الذاتية:
الزواج المدني هو ضمن شكليات الزواج وهو لا يفضي لمصادرة أي نوع من الحرية كما يدعي البعض, فالفرق بين الزواج المدني والشرعي أو الديني هو أن في الثاني هناك المحاكم الشرعية وهناك الكنائس .
وأوضحت خلو أن الزواج المدني ” هو أحد ألوان الإدارة الذاتية الديمقراطية بالنسبة لنا, فمثلما هدف الإدارة هو وحدة جميع المكونات فالزواج المدني هو أيضاً أحد ألوانه وأنا لا أرى أن الزواج المدني يُحدث تلك الإشكالية بين الأديان, لأن الحرية والإنسانية جاءت قبل الأديان”.
وعن الانتقادات والاشكاليات التي اعترضت قانون المرأة قالت خلو :” أن تأسيس أي قانون في العالم يواجه إشكاليات تتمثل في تأييد البعض ومعارضة الآخر وهذا أمر طبيعي فحتى الأديان السماوية حين نزلت حربت من قبل البعض وواجهت اعتراضات واشكاليات, ونحن أخذنا بعين الاعتبار رؤية المكونات الثلاث في روجآفا ولم نجد أو نلقى تلك المعارضة القوية لقانون المرأة وخاصة بالنسبة للمرأة, ونعلم جيداً انه سوف تكون هناك بعض الاعتراضات والانتقادات ولكن هذا امر طبيعي, فعندما يكون هناك حالة وعي وذكاء أظن سيكون هناك تقبل في المجتمع لما هو جديد.
رضوان سيدو – محامي: بالنسبة للزواج المدني “زواج منافي للشرعية” خطوة متقدمة وجيدة من جهة ومن جهة التساوي بين الزوجين في إطار الزواج والإرث ورد منع تعدد الزوجات والمساواة في الارث, هذا مخالف للشريعة الاسلامية, ومجتمعنا مجتمع اسلامي والشعب الكردي بشكل عام ديانتهم هي الاسلام”.
ورأى سيدو أن صدوره في هذه الفترة “ليس مناسباً “, كان بالإمكان التريث بالنسبة لموضوع إحقاق المساواة بين الزوجين, فأي قانون عندما يراعي القوانين والعادات والعرف الاجتماعي والدين سيلقى التقبل من المجتمع ويتطور.
وقال سيدو أيضاً:”” ليس بالضرورة أن يتوجه المتزوجون مدنياً إلى المحاكم الشرعية , لكن نحن ككرد مسلمين ديننا دين الاسلام, وهنا بالنسبة للذين يتزوجون زواجا مدنياً يتوجهون إلى رجل دين لعقد القران وفيما عدا ذلك يتوجهون إلى المحاكم الشرعية لتثبيت الزواج بغية تنفيذه في دائرة النفوس وللاستفادة من هذه المعاملة, ولكن الزواج المدني الذي أقرّ من قبل المجلس التشريعي التابع للإدارة الذاتية ليس له أي اثار قانونية نهائيا, والمسألة لا يمكن اعتبارها أكثر من مسألة اعلامية يمكن الاستفادة منها على أنها إدارة مدنيّة. الزواج المدني يحدث اشكالية كبيرة لمعارضته للأعراف والدين والعادات والتقاليد الخاصة بالمجتمع وهذا يضعهم أمام اشكالية يناقض الأعراف والتقاليد والطقوس الدينة للطوائف الموجودة, فلكل طائفة دينية طقوس خاصة بها سواء ً بالنسبة للأخوة المسحيين أو الاخوة اليزيدية.
وأضاف سيدو: “أرى أن إصدار أي قانون يجب يأخذ بعين الاعتبار العهود والمواثيق الدولية وإحداث توافق ما بين هذه القوانين والمعاير الدولية لحقوق الانسان والأديان الموجودة في المجتمع. أغلب القوانين التي تصدر عن لإدارة الذاتية تصدر في توقيت غير مناسب وحتى لو كان التوقيت مناسبا ً ذاك القانون بحاجة إلى ايضاح بشكل أكبر وبحاجة الى تعديل لكي يلائم الواقع والرجوع إلى تجارب البلدان المحيطة في هذا الشأن وعلى سبيل الذكر لا الحصر يمكن الاستفادة من تجربة إقليم كردستان في المناحي القانونية من حيث الآلية التي باعتبارها دولة فدرالية اتحادية والاستفادة من الآلية التي طورت بها قوانينهم باعتبارها تجربة غنية أمام أعينا وتكوينه البنيوي السكاني قريب للبنية التكونية من مجتمعنا.
نسرين حسين – مسؤول جمعية آفارين:
بالنسبة لحقوق المرأة, نحن جميعا ننادي بالمساواة بين المرأة والرجل, وقانون المرأة الذي أصدرته الادارة الذاتية حديثاً خطوة جيدة ولكن لديّ تعقيب على ما يخص الزواج المدني فأنا لست مع الزواج المدني, فالكل طائفة موروثه الثقافي وعاداته وتقاليده ولكلٍ خصوصيته وطقوسه الدينية التي ربينا عليها وحين يصدر فجأة قانون يشرع الزواج المدني فأنه لن يلقى القبول الكافي ولا نستطيع تطبيقه.
وقالت حسين:” أنا كفرد لم أصل الى تللك القناعة التي تجعلني أقبل بالزواج المدني أو منع تعدد الزوجات وأن أطبقه, فلا الدين الاسلامي يقبله ولا العادات والتقاليد التي ربيت عليها تقبله, والقبول به لن يجعلنا صادقين مع قناعتنا ولا رؤانا ومن هنا علينا أن نقول قناعاتنا ولننطلق منها.
وأضافت: ” نحن كمجتمع كردي وفي طور التكوين ونريد الحفاظ على خصوصيتنا الكردية والحفاظ على قومتينا, وهذا القانون ليس في مكانه وليس توقيته فيما يخص منع تعدد الزوجات هذا ايضاً منافي للشريعة الاسلامية وطرحه سيكون صعباً , وسيلقى الرفض من قبل الكثير وهو مخالف لدين الإسلام”.
يبقى السؤال هل سيتمكن هذا القانون في ظل هذه الانتقادات للمادتين”12.13 “من الصمود أمام رفض شرائح واسعة من المجتمع الكردستاني, وهل ستتمكن الجهات المعنية من تطبيقه ووضعه محل التنفيذ في خضم كل ما أثير بشأنه .
تحقيق: فنصة تمو
نشر في صحيفة Bûyerpress في العدد 14 بتاريخ 1/3/2015