إن عادة
وكان اختيار الكريف يكون عادة من عشيرة أخرى بقصد زيادة صلة القربى من ناحية والمحبة والصداقة من ناحية أخرى, وتتم مراسيم الختان في العائلة بداية بإعلام الكريف المراد تطهير الأولاد في حضنه ورغبتهم في كرافتهم ويحددون لهم تاريخ الختان وفي بعض الأحيان كان الختان يشمل أكثر من كريف حسب عدد الأولاد المراد ختانهم .
في يوم الاحتفال يحضر الكريف إلى بيت كريفه ومعه بعض من أهله رجالاً ونساءً حاملين معهم الكثير من الهدايا الرمزية وواجبات ومستلزمات الضيافة وسابقاً كان يحضر الكريف معه بعض الذبائح حسب حالته المادية. كثيراً ما كانت المراسم الاحتفالية تدوم لعدة أيام حيث تعقد الدبكات الكردية المختلفة على أنغام ” الطبل والزرناية ” وأحياناً “الطنبورة” حيث لم تكن هناك فرق موسيقية ومطربين كما الآن.
وإضافة إلى الكريف وأهله فقد كان يحضر جمع من المدعوين لهذه المناسبة حيث الرجال في المضافة والنساء في جناح آخر وإذا كانت المناسبة في الصيف فقد كانت تبنى بيوت الشعر لاستيعاب جمع المدعوين وتبدأ المراسم بإحضار الطفل إلى المضافة وسط الزغاريد والهلاهل وأحياناً ما كانت الأم أو الأخت يبكين من الفرح والخوف من حالة الختان, وكان الكريف يكون جالساً على الأغلب على مخدتين وسط المضافة ويوضع الطفل في حضنه ووجهه نحو المطهر والذي ورث المهنة من أجداده وآبائه وأهله وكانوا على الأغلب ينحدرون من عائلات دينية معروفة في المنطقة. ويقوم المطهر بإلهاء الطفل ببعض الحركات والكلمات التي تشغل الطفل وتنسيه حالة الخوف من الختان وبعد أن يتم الختان يحمل الطفل من قبل أحد أقربائه إلى جناح النساء حيث يستقبل بالزغاريد والهلاهل ونثر السكاكر عليه ويوضع على فراش أعد له مسبقاً.
بعد الانتهاء من عمليات الختان لأطفال العائلة يقوم المطهر بوضع ” صينية معدنية ” أو قطعة قماش وسط المضافة بين الرجال ويقوم الضيوف بوضع النقود على الصينية كل حسب إمكانياته المادية وكان للكريف حصة الأسد في الدفع ولكن بنفس الوقت كان أهل الطفل أو الكريف أحياناً يمنعون من جمع النقود حيث يقومون بإعطاء المطهر والذي كانوا ينادونه بالشيخ أحياناً أتعابه وأكثر .
بعد الانتهاء من مراسم الختان يقوم أهل البيت بتقديم الطعام المناسب للضيوف بهذه المناسبة السعيدة و الطعام كان يقتصر على ” المركة ” أي “الحميس ” ويطبخ من لحم الضان على خبز الصاج وقليلاً ما كان الكرد يطبخون لحم العجل والأكلة الأخرى كانت على الأغلب ( البرغل ) مع لحم الضان, وعند المساء وبعد الانتهاء نهائياً من كل المراسم يقوم الكريف إن كان واحداً أو أكثر بزيارة الأطفال للاطمئنان على صحتهم ويقومون بوضع بعض النقود في يد الطفل كي ينسى ألمه والحالة التي هو فيها .
قبل مغادرة الكريف بيت كريفه يقوم أهل البيت بتقديم الهدايا للكريف نساءً ورجالاً وكل حسب إمكانياته المادية وكانت الهدايا تتنوع بين ( قطع الأقمشة و الحلي و السلاح وهدايا رمزية أخرى ) وبعد عدة أيام يقوم الكريف بدعوة كرفائه إلى بيته مع الأطفال الذين تم ختانهم حيث تقام لهم الولائم الكبيرة. وفي هذه المرة يقوم الكريف برد الهدايا بالمقابل إلى كريفه وحسب إمكانياته. وهناك بعض العائلات الكردية احتفظت بصلة ” الكرافة ” منذ مئات السنين وحتى الآن وتقوم بتجديد الكرافة ولكن بشكل مختصر جداً عن المراسم السابقة .
لكن اليوم وللأسف نجد أن هذه العادة الجميلة قد خفت بنسبة 90 % تقريباً حيث يقوم الأهل بأخذ أطفالهم إلى عيادة طبيب جراج ويقومون بختانه دون شوشرة أو حتى انتقاء الكريف.
وهنا لا بد من ذكر بعض الأمور المرافقة لعادة الختان:
– لم تقتصر عادة الختان على الإسلام فقط, فقد كان الأخوة الإيزيديين سباقين لهذه العادة وغالباَ ما كانت صلة الكرافة تجمع بينهم وبين الإسلام وكذلك فقد كان قسم من الأخوة المسيحيين والمقيمين في المناطق الإسلامية يقومون بختان أطفالهم
– كانت هناك عادة أن يتقصدوا بتلويث ثوب الكريف ببعض نقاط الدم من الطفل لاعتقادهم بأن ذلك تزيد من صلة القربى – كان هناك اعتقاد سائد بأنه لا يجوز أن تتم عمليات الزواج بين الكرافة وأن ذلك من المحرمات .
هذه بعض من عاداتنا القديمة ولو بشكل رمزي ومختصر, فالعادات والتقاليد هي جزء لا يتجزمن حضارة الأمة.