قاضية بريطانية تحمّل تلميذة قاصراً مسؤولية إغواء أستاذها

الوظيفة: أستاذ الدين والأخلاق، العمر: 44 سنة.
الوظيفة: تلميذة في صف الأستاذ، العمر: 16 سنة.
أقام الأستاذ، المتزوج، علاقة مع تلميذته في عام 2012، لكن أمرهما سرعان ما انكشف. أحيل الأستاذ، ستيوارت كيرنر، على القضاء وحوكم ووجدته هيئة المحلّفين مذنباً بتهمتين من التهم الموجّهة له، لكن القاضية التي أصدرت حكمها عليه قبل أيام قالت أن التلميذة «الضحية» ليست في الواقع كذلك، إذ إنها هي من كان مولعاً بالأستاذ وظلت تعمل على إغوائه حتى سقط في براثنها. وبناء عليه، قالت القاضية أمام محكمة لندنية (إينر لندن كورت) أنها ستكتفي بإصدار عقوبة مخففة ضده لا تتضمن إيداعه السجن.
أثار حكم القاضية، جوانا غرينبيرغ، ضجة ما بعدها ضجة في بريطانيا، وأفردت غالبية الجرائد صدارة صفحاتها وأجزاء واسعة من تغطيتها الداخلية لمناقشة مدى صواب تحميل طفلة في السادسة عشرة من عمرها مسؤولية إيقاع أستاذها في غرامها، علماً أنه يكبرها بأكثر من عقدين من الزمن ويُفترض أنه في موقع «مسؤولية» تجاهها كونه أستاذها والشخص الذي يمكنها أن «تثق» به في المدرسة (تربّي المدارس البريطانية تلاميذها على ضرورة الوثوق بالأستاذ).
وكان متوقعاً أن تُصدر القاضية غرينبيرغ حكماً بالسجن ضد الأستاذ على أساس أن المحلّفين وجدوه مذنباً بإقامة علاقة ممنوعة بين شخص «في موقع ثقة» وبين طفلة، لكن حكمها لم يتضمّن سجنه، إذ قالت القاضية للمتهم المدان: «هي (التلميذة الضحية) من طاردك (…) وصفها أصدقاؤها، وصفاً صحيحاً في رأيي، بأنها هي من لاحقك… إذا كانت عبارة الاستمالة الجنسية هي الكلمة الصحيح استخدامها، فإنها هي من استمالك، وأنت استسلمت للإغراء في وقت كنت تمرّ بوضع عاطفي ضعيف نتيجة المشاكل في حمل زوجتك»، في إشارة إلى أن العلاقة الأولى بين الأستاذ والتلميذة حصلت في إحدى غرف المدرسة، أكاديمية بكسلي هيث (جنوب شرقي لندن)، خلال الأسبوع الذي أجهضت فيه زوجته جنينها.
ووصفت القاضية التلميذة التي تبلغ الآن 19 سنة ولا يمكن كشف اسمها لأسباب قانونية، بأنها «ذكية وقد استخدمت ذكاءها للتلاعب بالناس عاطفياً، لكنها كانت ضعيفة وتعيش حياة منزلية مضطربة». وختمت بالقول للأستاذ أن «القانون ينص على أنك الإنسان البالغ المسؤول وعليك أن تكبح نفسك، لكننا نحن نعرف أنك فشلت في فعل ذلك». وأمرت بمعاقبته بالسجن 18 شهراً لكن من دون تنفيذ الحكم، وبوضعه في السجل الأسود لمستغّلي الأطفال جنسياً.
ما إن صدر حكم القاضية التي لها خبرة قانونية تمتد إلى 40 سنة، حتى سارعت منظمات تعنى بالأطفال والنساء، مثل «الجمعية الوطنية لمنع القسوة ضد الأطفال» وجمعية «أنهوا العنف ضد النساء»، إلى شن حملة انتقاد عنيفة للمبررات التي ساقتها، خصوصاً لومها التلميذة وعدم سجنها الأستاذ. كما قال سام موناهان، مدير قسم خدمات الأطفال في جمعية «برناردو»: «هذا الاستخدام الخاطئ (من القاضية) لكلمة «استمالة جنسية»، يُرسل رسالة خاطئة إلى الأساتذة والأهل والتلاميذ، ومن الخطأ الإيحاء بأن طفلاً ضعيفاً يمكن أن يتحمّل، بأي طريقة من الطرق، المسؤولية عن استغلاله».
أما لويز بينينغتون من منظمة حملة «الضحية تُلام يومياً»، فأعربت عن قلقها العميق «لما أوردته القاضية غرينبيرغ في حكمها على ستيوارت كيرنر الذي استغل جنسياً تلميذة في سن الـ16. القانون واضح: الطفل دون الـ18 سنة لا يمكن أن يوافق على إقامة علاقة جنسية مع أستاذه بسبب الاختلال في ميزان القوة بين الطرفين. الأستاذ على دراية كاملة بذلك. لكن القاضية غرينبيرغ اتهمت التلميذة بأنها استمالت الأستاذ وقللت من مسؤوليته بالقول أنه كان يمر بضعف عاطفي نتيجة إجهاض زوجته. وكما هو واضح من الملحق سي من توجهيات المحاكمات في قضايا استغلال الأطفال جنسياً، فالفتاة في سن الـ16 لا يمكن أن تستميل رجلاً بالغاً، وسنرفع تقريراً إلى المدعي العام في شأن هذا الحكم المخفف».
كذلك استغربت هولي داستين مديرة «تحالف إنهاء العنف ضد النساء «الحكم»، وقالت: «تعليقات القاضية غرينبيرغ مثيرة للدهشة لأنها حرفياً تلقي اللوم على الضحية الصغيرة في ما اقترفه أستاذها. إن القاضية تعزز الأسطورة السلبية جداً السائدة في شأن العنف الجنسي التي تقول أن الجاني قد جُرَّ إلى فعلته من جانب الضحية، وأن حمل زوجته يتحمل جزءاً من المسؤولية (في رأي القاضية). إن الجميع يتحمل المسؤولية ولكن ليس كيرنر وحده».
ودفعت هذه الشكاوى بمكتب الادعاء العام الملكي إلى الإعلان أنه سيستخدم حقه (بموجب «قانون مراجعة الأحكام المخففة بغير مبرر») لطلب مراجعة الحكم، لكنه عاد وأعلن أنه غير قادر على ذلك بسبب ثغرات في القانون. وكان يمكن أن تتعرض القاضية غرينبيرغ للمعاقبة أو التجميد أو حتى الطرد من منصبها في حال وجدت هيئة مراجعة الأحكام أنها أخطأت في قرارها.
والقانون البريطاني صارم في شأن منع إقامة علاقة بين طفل وشخص يتولّى منصباً مسؤولاً عنه أو يحظى بثقته. ويوضح أن هدفه من هذا المنع حماية الأطفال في الـ16 أو الـ17 سنة، لأنهم بلغوا السن القانونية لإقامة العلاقات، لكنهم على رغم ذلك لا يزالون عرضة للاستغلال الجنسي من أطياف من الناس في موقع الثقة بهم أو السلطة عليهم (مثل الأستاذ في المدرسة)».

الحياة