– الجهات الرقابيّة الصحيّة معطَّلة ولا تقوم بدورها بالشكل المطلوب.
– هناك محاولة لقطع الأدوية عن منطقتنا من العاصمة.
– موضوع الأسعار ليست متقيدة بالنسبة الربحية المحددة للصيدليِّ.
مشكلة نقص الأدوية ليست وليدة الظروف التي رافقت الأزمة التي تعيشها عموم المحافظات السورية فحسب, فهي مشابهة في جميعها, إلا أنها أكثر قسوة في روجآفا التي تعيش حالة حصار ليست بحديثة العهد من قبل الجماعات الإسلامية المتطرفة “داعش” وغيرها، هذا الحصار الذي طال آثاره كافة القطاعات وعلى وجه الخصوص قطاع الأدوية الذي شهد في الآونة الأخيرة نقصاً كبيراً لبعض أنواع الأدوية وارتفاعاً غير مسبوقٍ في الأسعار والتي بلغت أضعاف سعر المبيع سابقا, هذا الواقع الذي ألقى بكامل ثقله على كاهل المواطن الذي بات عليه أن يذوق الأمرّين حتى يستطيع تأمين وصفته الطبية ناهيك عن الأسعار المرتفعة للأدوية.
وفي محاولة لملامسة بعض جوانب هذا الواقع الذي تحوّل اليوم إلى مشكلة حقيقة, بات الوقوف على أسبابها ونتائجها أمراً ملحّاً للغاية قال الصيدلاني فيصل خضر – صيدلية فيصل:
المشكلة قائمة ويوجد حصار على المنطقة لا يسمح بدخول الأدوية إليها, وحتى الأدوية التي تُجلب تباع بأسعار مرتفعة, إذ يضيف إليها التجار فوائد تختلف عن سعر مستودعات الأدوية. في السابق قد كانت الأسعار نظامية وكان الصيدليّ يبيعها بالسعر النظامي, أما اليوم فأنه يشتريها بأسعار غير نظامية وهذا ما يضطره للبيع بسعر غير نظاميّ, , حيث يضيف إليها المبالغ التي دفعها لتجار الأدوية والمندوبين “بائعي الشنط” كما يضيف إليها نسبة ربحيّة وهنا تخضع العملية لضمير الصيدلاني..!
فيما أكد الصيدلاني جوهر محمد – صيدلية جوهر: بأن بعض أنواع الأدوية قد أصبحت متوفرة اليوم بشكل يمكن وصفه بالجيّد, مقارنة بالأشهر المنصرمة. أما عن الأدوية التي تجلب غالباً دون عُلَبِها المخصّصة لها من مصدر المنشأ أضاف جوهر بأن التجّار يتحجّجون بظروف الشحن السيئة التي تحول دون ذلك, وهم يضطرون للرضوخ لادّعاءات التجار علماً أنه أمرٌ مخالف للقانون ويعرّض الأدوية للفساد.
فيما أوضح الصيدلاني محمد شيرين – صيدلية تمو: بأن موضوع الأسعار اليوم يخضع للظروف التي تعيشها المنطقة فأغلب معامل الأدوية متوفقة بسبب عدم توفر المواد الأولية أو أنها تعرضت للقصف, هذا عدا عن الحصار المفروض على منطقتنا من سنوات, والمعابر الحدودية المغلقة, حيث أصبح الصيدلاني مضطراً للتعامل مع التجار بشكل مباشر, خلاف الظروف السابقة حيث كان التعامل مع مستودعات الأدوية عن طريق المندوبين, كما يتعرض الصيدلاني لنوع من الاستغلال أثناء تعامله مع بعض التجار والمندوبين.
صاحب مستودع الشفا – الوكيل الحصري لمعمل الشفا في القامشلي:
أكد أن75% من معامل الأدوية تضرّرت والتي أغلبها في ريف محافظة حلب “معمل شفا, السعد, الرازي , ألفا, أسيا, كيمي, أوبري “ومعظمها خارج سيطرة الدولة, عملية إيصال الأدوية إلى داخل المحافظة تستغرق شهوراً إلى أن تصل بسبب الظروف الأمنية للمستودعات, هذا عدا المبالغ التي تكلّفها عملية الشحن وايصالها إلى المكان المطلوب, هذا في أحسن الأحوال إن لم تتعرض عمليات الشحن للنهب والسلب, فطلبية واحدة تكلفنا مبالغ باهظة تتراوح ما بين 500إلى 700 ل.س وأجور الشحن أصبحت أضعاف السابق, وهذا ينعكس بطبيعة الحال على واقع الأسعار.
أدويــة تدخـل المنـطقة بـطرق غـير مـشروعة:
تباع الأدوية بعد أن تضاف إليها نسبة ربحية كبيرة قد تصل في كثير من الأحيان إلى 50% بالنسبة للأدوية المفقودة أو التي يصعب تأمينها, فقد فرضت ظروف الحصار الحالية على العاملين في القطاع الدوائي التعامل مع المهرّبين وتجار الأدوية الذين يجلبون الأدوية من الدول المجاورة (تركيا, كردستان العراق) هذه الأدوية تتعرض أثناء جلبها لأشعة الشمس مما يؤثـّر على تركيبة هذه الأدوية وبالتالي على صحّة المريض الذي يستخدمها.
وعن مدى صلاحية الأدوية المهرّبة للاستخدام وتأثيراتها على صحة المرضى تابع الدكتور فيصل خضر: الأدوية التي تهرب عن طريق الحدود مع الدول المجاورة, تهرّب ضمن ظروف مناخية مختلفة وهذا يعرض الأدوية إلى الفساد حيث تتجاوز درجات الحرارة التي يتوجب حفظها فيها والتي يجب ألا تتجاوز25 د مئوية بالنسبة للكثير من الأدوية, هذا إضافة لعدم خضوعها للفحص المطلوب.
دور الجهات الرقابيّة المعنيّة بالقطّاع الدوائيِّ:
فيصل خضر: نحن كنقابة تابعون لمديريّة الصحة وهي معطـّلة ولا تقوم بعملها بالشكل المطلوب, فهناك الكثير من المخالفات التي رُفعت إلى مديريّة الصحة ولكنها لم تحرّك ساكنا, ونحن كنقابة لسنا سلطة تنفيذية قادرة على اتخاذ التدابير المناسبة, وهي مطلوبة من مديرية الصحة التابعة لوزارة الصحة وكلاهما متقاعسان عن أداء دورهما في هذا الإطار.
مع تقاعس مديرية وزارة الصحة هل ستتمكن الجهات الرقابيّة في وزارة الصحة التابعة للإدارة الذاتية من اتخاذ تدابير من شأنها التخفيف من الأزمة القائمة في القطَّاع الدوائيِّ, والحدّ من الفوضى الناتجة عن غياب الرقابة الدوائيّة؟
في هذا السياق قال الصيدلاني أحمد حسن – لجنة الرقابة الدوائيِّة ضمن هيئة الصحة التابعة للإدارة الذاتية:
الوضع بالنسبة للأدوية لم يكن مطمئناً فقد كانت هناك محاولات لقطع الأدوية عن منطقتنا من العاصمة, وكنا نضطر إلى شراءها بالأسعارٍ التي يفرضونها علينا وهم يستغلون الوضع لغايات ليست بخافية علينا أبداً, معظم الأدوية محليّة, كانت تـُجلب إلى منطقتنا عن طريق محافظة الرقة.
جهات معنيّة وتدابير وقائيّة للحدّ من ارتفاع أسعار الأدوية
وعن فوضى الأسعار والحدّ منها تابع أحمد حسن: نحن نعمل منذ فترة ليست ببعيدة لإنجاز مشروع مستودع كبير في مدينة قامشلو, تم تأمين كافة مستلزماته من الأدوية, وتم افتتاحه في 3/1/2015 بعد أن تم الانتهاء من بعض التدابير والإجراءات القانونيّة المتعلقة بجلب الأدوية, وسيتمّ مدّ كافة الصيدليات بالأدوية في مدينة قامشلو وديريك ورأس العين بعد أن يُضاف إليها نسبة ربحيّة لا تتجاوز 5%, ليتم ضبط عملية الأسعار وإيجاد نوع من الرقابة على الصيدليات, وفي حال حدوث تجاوزات سيتم محاسبة المخالفين عن طريق المجلس الصحي التابع لهيئة الصحة.
وعن مدى صلاحية الأدوية التي تدخل المنطقة سواء بالطرق المشروعة أو الغير مشروعة ,أوضح حسن: نفتقر إلى مخابر الفحص, لذا نضطر إلى إرسالها إلى تركيا لإخضاعها للفحص المخبري وهذا يتطلب وقتاً, وفي هذه الحالة نطلب من كل الصيدليات وقف صرف هذا الدواء حتى ترد نتيجة الفحص, وبالنسبة للأدوية الفاسدة فهي تعود إلى وقوع أغلب معامل الأدوية في محافظة حلب بأيدي المجاميع الإرهابية التي لا يهمها سوى الربح.
المشكلة قائمة وتتفاقم يوماً بعد يوم, وهذا يتطلب من كافة الجهات المعنية في القطاع الدوائي والصحي, بدءاً من وزارة الصحة ونقابة الصيادلة ووقوفا ًعند مستودعات الأدوية والصيدليات, تكثيف الجهود والتعاون الحثيث لإيجاد الحلول المناسبة التي من شأنها تخفيف العبء عن المواطن بتأمين حاجته من الأدوية وتوفيرها بأسعار مناسبة .
تحقيق فنصة تمو