الديمقراطية

من أهم ما يميز الديمقراطية والتي تكمن في جوهرها أنها لا تقبل ولا تجيز خضوع الانسان لسلطة أحد دون رضاه, ولا تعطي الحق لأحد مهما كان يمتلك من مؤهلات أن يعطي لنفسه الحق في حكم الآخرين من دون موافقتهم وكسب رضاهم, ففي مجتمعات العالم الثالث ما تزال الديمقراطية شكلية لم تتبلور بعد  في وعي الانسان, ولم تتحول لديه إلى قناعة راسخة في ذهنه وخاصة في عالم السياسة ” الحكومات ,الأحزاب السياسية “.
الاستخدام العملي للديمقراطية إتاحة فرصة اختيار الحاكم ونواب الشعب للشعب على أساس ما يتقدم به كل منهم من رؤى، وعرض كافة القرارات المصيرية على نواب الشعب للتصويت “و غالباً ما يطلق على الحرية ويطلق على المشورة بعض الأحيان”.  فهي إلى الآن ما تزال مجرد عملية شكلية أو آلية انتخابية مفبركة لا تخدم سوى مصالح فئوية أو شخصية ولو تعارضت تلك الآلية مع مصالح تلك الفئات فسوف يتراجعون عن ممارستها وستأخذ منحىً آخر تبتعد كل البعد عن المفهوم الديمقراطي ” الانشقاقات ,إعادة الانتخابات”.
مازال الشعب الكردي يعاني من سياسات شوفينية كثيرة ومحروم من أبسط حقوقه السياسية والثقافية والأحزاب الكردية في سورية تحاول النضال من أجل إزالة هذه السياسات الشوفينية والكل على طريقتها وتفكيرها النضالي، لكن للأسف الوقائع لا تؤكد هذا النضال وذلك لكثرة الانشقاقات في الأحزاب الكردية وعدم تطابق العمل السياسي بينهم وتخوفهم من ضياع المناصب الإدارية الذين يحلمون بها وعدم وجود الآلية الديمقراطية وكل ذلك على حساب هذا الشعب المسكين المتشوق إلى وحدة الصف الكردي وإعادة حقوقهم،  ولذلك يجب أن تكون ممارسة الديمقراطية نابعة من فكر وذات الانسان المؤمن جل إيمانه بالديمقراطية وتتقبل نتائجها مهما كانت, ففي العملية الديمقراطية دائماً هنالك طرفان ” رابح ,خاسر”.
الديمقراطية حق يمارس بشكل دائمي يحتاج إلى التطوير والتوسيع بشكل مستمر كما يحتاج إلى الدفاع عنه باستمرار وليس  حق مكتسب يمارس ولمرة واحدة فقط مثل ما يحصل في الحكومات العربية والأحزاب السياسية الكردية “مدى الحياة”.
الديمقراطية وحدها هي التي تحقق للإنسان ممارسة حرياته دون التعارض مع حريات الآخرين وحقوقهم وهي التي تفرض تقبل الآخرين بغض النظر عن الاختلاف معه في وجهات النظر .

عبد الغني سليمان