النظام الداخلي للمجلس التشريعي في مقاطعة الجزيرة أخطاءٌ وهفوات..!!

لمّا كانت القوانين هي مرآة تطور المجتمع الفكري, السياسي, الثقافي، والاقتصادي؛ فإن سنّها وتدوينها يحتاجان إلى مجموعة من الأفكار والمعلومات عن بنية المجتمع؛ الفكرية, الثقافية, السياسية, الاقتصادية, وحاجاته المتزايدة بتطوره الذاتي وتطور العالم من حوله، وذلك بتضافر جهود باحثين؛ سياسيين، قانونيين، اجتماعيين، اقتصاديين ولغويين حتى يَخرِجوا لشعوبهم بقانون كامل متكامل لا يَعتَوِرُ بنوده ومواده أي تناقض أو نقص أو خطأ لغوي أو قانوني أو مصطلحي.
ولا مناص من ذكر بعض الملاحظات حول الأخطاء القانونية واللغوية الواردة في متن النظام الداخلي للمجلس التشريعي كأنموذجٍ عن بعض الأخطاء الواردة في معظم القوانين والعقد الاجتماعي، انطلاقاً من مبدأ النقد الإيجابي والبنّاء، لأن هذه القوانين ستكون دستوراً للأفراد, والمؤسسات في المعاملات, والحياة اليومية، ويمكن أن تكون أنموذجاً يُحتَذى به من شعوب العالم مستقبلاً .
وباعتبار أنّ من إحدى بنود اتفاقية دهوك المُبرمة بين المجلسين الكريمين، تعديل بنود العقد الاجتماعي وما صدَّر بموجبه من قوانين بما يتلاءم وروح هذه الاتفاقية, فإنّ مراجعة وتصحيح ما ورد في هذه القوانين نتيجة الظروف الاستثنائيّة التي رافقت جهود السادة أعضاء اللجان المختّصة بوضعها ستكون كفيلة بتلافي هذه الأخطاء في الصياغات المُحدَّثة.
وفيما يأتي بعض الملاحظات على سبيل المثال لا الحصر عن بعض الصيغ القانونيّة واللغويّة والشكليّة في متن النظام الداخلي :
1-     لقد جاء ترتيب العنوان بطريقةٍ فنيّةٍ غير مُوّفقة لغويّاً ( للمجلس التشريعي للإدارة الذاتية الديمقراطية في مقاطعة الجزيرة ……..النظام الداخلي ) ؛ والأولى أن يكون العنوان (النظام الداخلي للمجلس التشريعي ….إلخ
2-    المادة /2/ ورد في تعريف المجلس التشريعي أنه :”أعلى هيئة تشريعية ورقابية في المقاطعة “. هذا يعني أن هناك هيئات أخرى لسن وتشريع القوانين, ومن الثابت أنه الهيئة الوحيدة للسن والتشريع .
3-    المادة /3/ ورد عن رمز المجلس إشارة إلى صفحات الكتاب الذي يرمز للتشريع والملونة بالأخضر, والأزرق, والأسود التي ترمز إلى المكونات الثلاثة لشعوب المقاطعة. وقد ورد اللون الأحمر بين الصفحات دون أن يرمز لمفهوم معين لاسيما وأنه قد أُشير إلى أن أساس الدائرة الملون بالأحمر ترمز لدم الشهداء.
4-    ورد في نص المادة /8/ أنّه لا يجوز توقيف عضو المجلس إلّا في حال الجرم المشهود. والأولى أن يُضاف إلى ذلك عدم جواز تفتيش شخصه و منزله و مكتبه إلا في حال الجرم المشهود.
5-    للاجتماع والجلسة مفهومان متطابقان. وقد ورد في البند /4/ من المادة /16/ : “يقوم الديوان بتوزيع قرارات المجلس على الأعضاء قبل اجتماع الجلسة بيومين “. والصحيح أن تكون الجملة قبل موعد جلسته بيومين.
6-    في البند /7/ من المادة /18/ يجب توضيح ماهية المؤسسات التي سيتم إبرام المعاهدات, والاتفاقيات ( و ليس الاتفاقات) إن كانت مؤسسات خاصة أم عامة تابعة للإدارة لأن عدم مناقشة مواد هذه المعاهدات وخاصة مع المؤسسات الخاصة من قِبل أعضاء المجلس سيفتح باب الفساد الماليِّ والإداريِّ, وستعمّ المحسوبيات .
7-    ورد في نص المادتين /21-22/ حديث مطول عن السؤال والاستجواب وإجراءاتهما. والحقيقة أن للسؤال والاستجواب مفهوم واحد وإجراءات موحدة؛ وكانت الأولى إدراج مفهوم الاستجواب فقط في متن المادة الخاصة بتقَّصي الحقيقة في أي شأن يخصُّ أي هيئة تنفيذية. ولا يعني الاستجواب بالمطلق المحاسبة كمصطلح وإجراء قانوني؛ لأن الاستجواب هو التحقيق الرامي للوصول إلى الحقيقة التي يترتب عليها الحساب أو العقاب, ويمكن إدراج بند خاص بمحاسبة الهيئات التنفيذية وسحب الثقة منها بعد ثبوت المخالفة بحقها بعد الاستجواب .
8-    ورد في بعض بنود المادة /26/ مصطلح (إنهاء الحصانة) وفي مواضع أخرى (رفع الحصانة) ومن باب توحيد المصطلحات المتشابهة يجب الأخذ بأحدهما و ليس كليهما منعاً للالتباس .
هذه كانت نماذج لبعض الأخطاء التي لا يسع المقام لذكرها بتفاصيلها، والمراجعة المتأنّية كفيلة باكتشافها وتصويبها قانونياً ولغوياً، لأنه وردت أخطاء لغوية كثيرة في متن النظام الداخلي وخاصة في مجال التذكير والتأنيث فمثلاً لا يجوز أن نقول ” يقدم اللجنة, أو يؤجل الرئاسة, أو كتاب مفتوح ترمز صفحاتها إلى, أو يتمكن الرئاسة من ……الخ “.
كما وردت صياغات ركيكة, وطويلة لجمل بعشرات الكلمات يمكن اختصارها بأربع أو خمس كلمات مصاغة بمتانة، عدا أن النظام الداخلي قد صدر بدون أن يرد في متنه علامات الترقيم إلا في مواضع نادرة.
  المحامي فاضل موسى