بدأ الفنان السوري المقيم في ألمانيا حديثه حول غياب أي تأثير مباشر للأحداث الجارية على أعمال الفنان العربي، موضحا: «ليس هنالك أي تأثير مباشر يمكن للمتلقي أن يلاحظه، سواء في اللوحة أو الألوان إلا أن أعمال الفنان الذي عايش هذه الأحداث تأثرت كثيرا، كونه عايشها عبر ألوان الدماء التي سفكت والبشر التي تقطعت أجسادهم، وظهر ذلك جليا في كافة أنواع العمل الفني، ليس الرسم فقط».
وعن سر المساحات الفارغة في لوحته وقلة الألوان المستخدمة، أوضح أن الفراغ هو المحتوى، خاصة بعد شعوره بالعزلة والوحدة في بلاد الغربة، مشتاقا لوطنه وطيبة أهل بلاده.
وأضاف: «أرسم الإنسان عاريا من دون أي حماية ووقاية سوى جلده، وملامحه الجسدية، والفراغ الأبيض في اللوحة هو الضياع، انعكاس لشخصيتي ونفسيتي».
وفيما يخص دور الفنان في تفنيد الصورة التي يشوهها الإعلام الغربي عن العرب، رسم حاجو في العامين 2011 و2012 لوحات استخدم فيها الشماغ العربي مغطيا العيون، دالا على الصمت، وتم عرضها في مدينة نيويورك، لإيصال رسالة معينة، مفادها «أنتم صامتون تجاه ما يحدث من مجازر وقتل في الدول العربية»، تماما كما حدث في غزة، لم نجد أي اهتمام من الكتاب في الغرب، بل أن الأخبار التي تذاع في التلفزيون والراديو، كانت تتناول المآسي التي يتعرض لها الإسرائيليون ويبالغون في وصفها وتكبيرها.
وانتقد حاجو آليات النقد التشكيلي العربي، التي لا تقوم على التحليل والنقد الواقعي، بل تتوجه للفنان لا للوحته، بناء على العلاقات الشخصية، وهو عكس ما يحدث في الدول الأوروبية، فالإنتاج الذي يقدمه الفنان، هو ما يمنح الفنان قيمة فنية، لا العكس. هنالك جهل كبير بأصول النقد التشكيلي ومفاهيمه.
وحول حصوله على جائزة هنري ماتيس الفرنسية التي يمنحها قصر غريمالدي، يقول حاجو: «كنت مشتركا في المعرض مع 65 فنانا أوروبيا وضمت لجنة التحكيم نقادا فنيين من مجلة «ارتنسيون» الفرنسية، مدير متحف غريمالدي ومدير متحف المركز الثقافي العربي في باريس، وهذه أول مرة يفوز بها فنان عربي، ومشاركتي كانت بعدة أعمال فنية، وتطرقوا وقتها إلى سيرة فنان من الأحداث التي يعيشها الشرق الأوسط وموضوع اللوحات والرسالة التي تنقلها إلى العالم».
والمتتبع للمشهد الفني السوري، يشهد اختلافا في الإنتاج ما بين الفنانين السوريين المقيمين في الداخل وأولئك الذين هاجروا، وهو ما أكد عليه حاجو، كون المقيمين في الخارج منفتحين أكثرباطلاعهم على الفن الغربي والشرقي، سواء في الوطن العربي أو في أوروبا، إلا انه في السنوات الأخيرة وبعد تطور وسائل الإعلام تمكن الفنان السوري من الاطلاع على النتاج الفني في العالم، وأبواب النجاح أصبحت متاحة أمامه.
لكننا أيضا ما زلنا نعاني من مناهج التدريس في كليات الفنون، فالمدرسون في أكاديمية دمشق جميعهم من أصول شرقية، ولذلك بقي الطلاب حبيسين أفكارهم وأساليبهم، بينما نحن في أوروبا كنا 6 طلاب فقط مع استاذ الفن، واتبعنا منهج الواقعية الاشتراكية.
وحاجو يعتبر من الفنانين غزيري الإنتاج، إذ يشتغل على ست لوحات في الوقت نفسه، وهنالك لوحة تستغرق منه ساعة وأخرى اسبوعا. كما أن حاجو بالعادة يمنح لوحاته التي تحتوي على شخصين اسم «زوج وامرأة، رجل ورجل، امرأة وامرأة»، بينما التي تحمل أكثر من شخصين وتقدم المواضيع الاجتماعية والعائلية لا تحمل اسما.
التقنيات التي استخدمها حاجو تجمع ما بين الفحم، الاكريليك، ألوان البودرة، والرمل ودائما يفضل الألوان الطبيعية من الرمل، خاصة الأحمر الأبيض البني والرمادي، كما يستخدم اللوحة الخام باللون البيج. أما عن مصدر إلهامه، فيجده حاجو في الموسيقى الاوروبية الكلاسيكية، سواء العربية او الكردية، خاصة الموسيقى الكردية القديمة.
وفي نهاية حديثه، اشار إلى معرضه المقبل الذي سينضمه في الأول من شباط/فبراير العام المقبل في جاليري «جي ان جي» في باريس.
يذكر أن بهرام حاجو فنان تشكيلي سوري من مواليد 1952 مقيم في ألمانيا، هاجر إليها لدراسة الفنون في أكاديمية مونستر، واليوم يعتبر من أهم الفنانين البارزين في الحركة التشكيلية الألمانية الحديثة، حصل على عدد كبير من الجوائز والتكريمات العالمية، أقام أكثر من 56 معرضا، إضافة للمعارض المشتركة، وحظيت أعماله باحترام وتقدير واقتناء عديد من المتاحف وصالات العرض والبنوك حول العالم، شارك في كثير من المهرجانات وورش العمل، وحصل على كثير من التكريمات والجوائز العالمية كان آخرها في حزيران/يونيو 2014 حيث حاز جائزة هنري ماتيس الفرنسية التي تعتبر أهم جائزة في الفن التشكيلي الأوروبي المعاصر.
آية الخوالدة/القدس العربي