استضاف مركز زلال في قامشلي اليوم ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي الكاتب والشاعر طه خليل حيث ألقى قصيدته المطوّلة: حلبجة طه خليل (Helebçaya Taha Xelîl).
وقد بدأت الأمسية بالوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء, ثم قدّم الشاعر محمد بيجو نبذة قصيرة عن الشاعر طه خليل, والذي قال فيها” أن طه صديق الجميع, وقد احترت حين طـُلبت لتقديمه, لأنه قد زرع في قلوبنا غصّة منذ فترة, والقصيدة التي سيلقيها ليس بوسع أحد أن يخوض هذه التجربة, كلنا يعرف طه, ولا داعي للتعريف به أكثر, هو صديق قلوبنا, عيوننا, ودموعنا, فلنبكي معه لأنه معلمنا في أبجدية القصيدة “.
بدوره عقّب الشاعر طه خليل على حديث بيجو قائلاً: ” لا أودّ أن يبكي معي أحد, ولم تكن بنيّتي أن أقرأ هذه القصيدة يوماً على أحد, هي جزء مني, سجّلتها لقناة العربية فقط, وهي عن ابنتي الشهيدة ” حلبجة “, لكن حين دعاني مركز زلال لهذه الأمسية لم يكن بدّ من الرفض, عذراً إن كان فيها شيء من الخصوصيّة, سأجعله اليوم عاماً, لأن الحالة عامة”.
ثم ألقى قصيدته المطوّلة والتي حملت اسم: حلبجة طه خليل, (Helebçaya Taha Xelîl), واستغرق إلقائها وقتاً طويلا, تفاعل الحضور من خلالها مع القصيدة لما فيها من مشاعر إنسانيّة تمسّ شغاف قلب أي مستمع.
ورغم أن القصائد ليست موضع نقاش أو نقد, إلا أن الحضور أبوا إلا أن يشاركوا الشاعر حزنه.
الدكتور محمود خليل تحدّث قليلاً عن فلسلفة قصيدة الشاعر والتي كـُتبت بيد أب مفجوع بابنته وحفيدته. وأوضح أن مناقشة الإله والحديث معه – برأيي – ليس فيه شيء من إلحاد أو إنكار للذات الإلهيّة كما يعتقد واعتقد البعض, إنما هي مناجاة الشاعر لله في محنته على ما حصل.
أما الكاتب محمد شيخو وفي معرض عرضه للقصيدة, أوضح بأنها كانت صورة متكاملة, عشنا في أجواء الكلمة, ومثل هذه القصيدة لا يوفـّى حقّها بجمل. طه هو صديق الثمانينات, وكلما أوغل في العمر, كلما كانت قصائده أروع وأجمل.
بينما تحدّثت الشاعرة يسرى زبير بشيء من العتاب على إقحام الإلوهيّة في غير موضعها, في حين رأت الكاتبة نارين متيني أن القصيدة أبكت قلوبنا قبل أعيننا. الله هو الذي يختار الشهداء, ولا يجب البكاء عليهم لأننا نراهم دوماً في أشعة شمس الحريّة ووجوه الأطفال.
الشاعر طه خليل رأى أن حالة البكاء, طقس يرتبط بالنفس الإنسانيّة, واعتذر عن الحالة, والتي كانت سبباً طغيان حالة الحزن على القاعة.
أما بالنسبة لحالة الشكوى والمناجاة مع الله, أوضح أنها لم تكن شكوى, فهناك سلطة وحيدة وهي بيد الله, انا أقول هذا لأني موقن أني لن ألتقِ بابنتي ثانية, عكس من يشعرون ممن هم حولي, أنهم سوف يموتون ويحيون ويلتقون بها ثانية إلى ما هنالك من أحاديث.
وأضاف خليل أن القصيدة رمز, ومجرد قراءتها هي ظلم للشاعر والمستمع والقصيدة قبل كل شيء.
أما عن بكاءه قال خليل: أنا أبكي على نفسي وليس على الشهداء, الشهادة حالة طبيعية تعيشها كل المجتمعات, ولا يخالج احدكم الشكّ بأني سأندم يوما على شهادة ابنتي. يجب أن أقارن شهادة حلبجة بالكثير من الشهداء ممن استشهدوا وبقوا تحت الثلوج وضاعت آثارهم, هؤلاء لم تتمكن أمهاتهم وآبائهم حتى من إقامة مراسيم لهم.
وفي نهاية الأمسية ألقى الشاعر طه خليل – بناءً على طلب مقدم الحفل – قصيدتين من ديوانه (أثرها), أعاد من خلالها الحضور إلى أجواء قصيدة الغزل, ثم قدّم مركز زلال هدية للشاعر خليل, والذي وصفها بالغالية على قلبه رغم صغرها, لأننا نحن الكرد – والكلام للشاعر- أشيائنا صغيرة لكنها تبقى قيّمة في نظرنا.