كانت
تقول ريّان: “كنت أحب المدرسة ووثقت في أنها الطريق الوحيد أمام الفرص وتحقيق الذات في المستقبل. لكن تغير كل شيء. أنا اليوم في العشرين من عمري. لدي طفل صغير لا أعرف كيف يمكن أن أؤمن له حياة جيدة”. تضيف: أجبرني والدي على الزواج من رجل يكبرني بأربعين عاماً لأنه ميسور الحال. كنت في الثالثة عشرة من عمري في ذلك الوقت. أنجبت طفلاً، وبعدها أصيب زوجي بمرض خبيث ودفع كل ما يملك للعلاج إلى أن توفي. بعد انتهاء العدة، طردني أولاده من بيتي ورموني وابني في الشارع. حتى أنهم منعوني من أخذ ثيابي. باعوا أثاث المنزل، وصرت أنا وابني بلا مأوى. اليوم أعيش في غرفة صغيرة، وأعمل في تنظيف البيوت حتى أستطيع العيش”.
في السياق ذاته، يقول رئيس كلية الإشراف الصحي في جامعة الجنان (صيدا ــ جنوب لبنان) خضر عواد، إن ظاهرة زواج القاصرات تزداد بسبب تدهور الوضع الاقتصادي، وغياب الوعي لدى بعض العائلات. يُضيف: “الظروف الصعبة التي يعيشها اللبنانيون والسوريون النازحون والفلسطينيون، تؤدي إلى ارتفاع ظاهرة زواج القاصرات التي تتحول إلى صفقة، بهدف تأمين مقومات العيش”. من جهتها، تقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن بعض العائلات في لبنان تسعى إلى تزويج بناتها القاصرات بهدف حمايتهن من الظروف المعيشية الصعبة.
في هذا الإطار، تشرح أستاذة علم النفس الاجتماعي، سحر حجازي، أن أسباب لجوء الأهل إلى تزويج بناتهن القاصرات عديدة، منها “الجهل والفقر، أو اعتقادهم أن الزواج يحمي الفتيات من التحرش. هناك أيضاً التهميش الاجتماعي للمرأة، أو إغراؤها بالمال وأشياء أخرى لإجبارها على الزواج”. تُضيف أن “أبرز الانعكاسات السلبية تتمثل في حرمان القاصر من طفولتها ثم مراهقتها، ما يؤدي إلى خلل في مسار تطور بنيتها النفسية. كما أن العلاقة الجنسية يمكن أن تشكّل صدمة بالنسبة لها، وقد تعتبرها عنفاً جسديّاً”.
تُشير حجازي إلى أن الزوجة القاصر قد تعاني من “القلق غير المُبرّر على الأولاد أو الأهل، فتخاف من إصابتهم بالأمراض، أو تعاني من الوسواس القهري، فيصبح الاهتمام بنظافة البيت على سبيل المثال أمراً مبالغاً فيه”.
العربي الجديد