قد
«خدعني، لم يقل لي خلال فترة الخطبة أنه سيأخذ راتبي شهرياً بحجة الانفاق على الأسرة»، تقول ميساء التي كانت تجلس في أحد ممرات المحكمة الشرعية شرق عمان بجوار والدتها ومحاميها بانتظار دخولهم إلى غرفة القاضي الشرعي للفصل في مصير زواجها الذي لم يمض عليه اكثر من عام ونصف العام.
وتضيف أن زوجها تكشف «وجهه المادي» بعد أن رزقا بطفلة، «فبدأ يطلب مني شراء بعض المستلزمات للطفلة من راتبي، بحجة أن راتبه نفد بسبب ايجار البيت ومصاريف المعيشة، ثم بدأ يلح عليّ شيئاً فشيئاً لاعطائه بطاقة الصراف الآلي الخاصة بي لسحب راتبي».
وتقول: «اعطيته بطاقة الصراف مرات عدة، ولكنه راح يحتفظ بها، رافضاً اعطائي اياها، فبدأت العلاقة تسوء كلما جاء آخر الشهر، بسبب الحاحي على استرجاع البطاقة، وتمسكه بها».
وتشيرإلى أن «الأمور استمرت على هذا النحو لمدة 6 أشهر إلى أن وصلنا إلى نقطة ضرورة الانفصال، حتى لو أعاد لي البطاقة، فراتبي حق لي وأنا لا أعمل في النهاية من أجل لا شيء، ولو أنه صارحني بنيته منذ البداية لما ارتبطت به».
وبحسب الناشطة الاجتماعية فرح أبو سنينة فإن النساء العاملات يذهبن الى عملهن صباحاً ويعدن بعد ساعات طويلة من العمل المرهق الشاق لتبدأ معاناة المنزل، وطلبات الزوج والأبناء وأعمال البيت التي لا تنتهي، لذلك فمن حقهن الاستمتاع والتصرف بالراتب كما يحلو لهن، مكافأة على تعبهن المتواصل طوال الشهر سواء في العمل أم في البيت.
وتضيف أن المرأة اوالفتاة العاملة يجب أن تشعر بأن راتبها ملك لها وتتصرف به كما تشاء من دون تدخل الأهل أو الزوج، ولا يجوز أن تفرض عليها المساهمة في دفع إيجار الشقة الشهري، أو قسط المدرسة أو السيارة وأثاث المنزل. ولكن (وبحسب رأيها) يجب أن تتفق الزوجة مع زوجها قبل الارتباط على التعاون بين الطرفين لتحقيق السعادة للأسرة وأن تدخر جزءاً من راتبها لتحتفظ به لنفسها ولحاجاتها الخاصة.
وفيما ترى فيروز عبدالرزاق وهي مدرسة في القطاع الحكومي أن راتب الزوجة في كثير من الأحيان يشكل بيئة خصبة للمشاكل العائلية والتوتر وعدم الاستقرار في محيط الأسرة، تؤكد أن على الزوجة أن تنظر إلى الموضوع من باب المساواة، بخاصة في هذا الزمن الذي لا يستطيع الشاب أن ينفق من راتبه المتواضع على الأسرة.
وتضيف أن على المرأة العاملة الا تنكر أيضاً أن راتبها أصبح عامل جذب في اختيارها شريكة المستقبل من قبل الشباب، بخاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الشباب المقبلون على الزواج.
وتقول ان كثيراً من الفتيات كان من غير الممكن ان يحلمن بعريس في يوم من الايام لولا راتبهن، فعليهن أن يفكرن بشكل أكثر واقعية وأن يقسن الأمور بشكل مختلف عن الناحية النظرية التي تقول أن على الزوج الواجب الشرعي بالانفاق على الاسرة.
وتوضح عبدالرزاق أن الكثير من الشباب المقبلين على الزواج باتوا ينظرون إلى راتب زوجة المستقبل كجزء أساسي من دخل الأسرة، ويعتبرون انه يجب أن يكون تحت تصرف الزوج لزيادة دخله والانفاق على أمور البيت المتعددة، باعتبار أن مساهمة المرأة في مصروف البيت تأتي من باب المساواة بين الرجل والمرأة في تحمل الأعباء المشتركة، وبخاصة توفير حاجات المنزل.
وتشاركها الرأي آمنة الخطيب، وهي موظفة أيضاً في القطاع الحكومي، إذ تؤكد أن كثيراً من الشباب يتزوجون المرأة العاملة لأنهم ينظرون الى راتبها كمصدر للدخل الإضافي الذي يساعد على سداد الدين والتغلب على ظروف الحياة الصعبة.
وتؤكد الخطيب أن الرجل المحتاج هو الذي يتطلع الى راتب زوجته، ويبحث عن المرأة العاملة تحديداً لبدء حياة زوجية مستقرة نوعاً ما، فالحياة الزوجية تعاون أساسه التفاهم والمحبة والتقدير بين الطرفين، وعلى الفتاة العاملة أن تحسم هذا الموضوع قبل الزواج، وتنظر إلى حال الشاب المتقدم لخطبتها هل بإمكانه الانفاق على الأسرة من دون مساعدتها أم لا، وعلى أساس ذلك تقرر الارتباط به أوعدمه.
ويرى الشاب ايمن جرادات ان موضوع راتب الزوجة حساس ، مؤكداً ان أي شاب يستطيع الانفاق على اسرته من دون مساعدة زوجته سيكون في قمة السعادة، ولكن الظروف الاقتصادية تجبر الشاب احياناً على قبول قضايا تعتبر عيباً بالنسبة الى قناعاته.
ويؤكد أن موضوع الاستفادة من راتب الزوجة يعتمد على قدرة الزوج المادية، فإذا كان راتبه مرتفعاً يكون راتب الزوجة حقاً لها، طالما باستطاعته أن يتكفل بحاجات البيت بشكل كامل.
الحياة