حبس الطفل عبد المسيح بمصر.. والتهمة “سرقة خبز”

تنتظر أسرة الطفل عبد المسيح عزت، غداً الخميس، بفارغ الصبر، أن يفي صاحب تروسيكل توزيع الخبز، بوعده ويتنازل عن اتهامه الطفل بسرقة 5 أرغفة خبز، لينقذ الطفل ابن العشر سنوات، من حكم السجن بالمؤسسة العقابية، الذي صدر دون علم الأسرة.
حيث من المقرر أن تنظر محكمة جنايات أحداث بني سويف، استئناف أسرة “عبد المسيح” على الحكم غداً الخميس.
وتوضح تطورات قضية الطفل “عبد المسيح عزت” إلى أي مدى وصل انهيار منظومة الأمان الاجتماعي في مصر، وتقدم دليلاً كاشفا لتدهور المستوى الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه المصريون، في الآونة الأخيرة.
وتبدأ الحكاية منذ عام و7 شهور، حينما تم تحرير محضر بقسم شرطة الفشن في بني سويف، جنوب مصر، لعبد المسيح بسرقة خبز من فرن بلدي.
الطفل قال إنهم 5 أرغفة، وصاحب المخبز قال، إنه خبز بستة جنيهات.. ووصل الموضوع إلى قسم الشرطة ثم إلى النيابة، وفي النيابة تم إبلاغ أسرة الطفل أن القضية تم حفظها، وأفرج عنه دون كفالة.
فوجئ أهل الطفل، الأسبوع الماضي، بإنذارٍ من محكمة جنايات أحداث بني سويف، بأن الطفل لديه جلسة “استئناف الخميس القادم”؛ حيث انتقل المحضر من النيابة للمحكمة، التي بدورها حكمت على الطفل، غيابيّاً، بالإيداع في مؤسسة عقابية للأحداث، بتهمة سرقة أرغفة خبز.
مريم عيد، والدة الطفل، التي روت التفاصيل قائلة:
“منذ ما يقرب من عامين، وأثناء خروج عبد المسيح من مدرسته “عثمان بن عفان الابتدائية”، اقترح عليه زميلاه اللعب وشراء ما يأكلونه، وبالفعل اشتروا جبناً ولانشون وحلاوة، ووجدوا كيساً فيه خبز (5 أرغفة) فأخذوه ووقفوا يأكلون على عربة (كارو)”.

الحكم صدر على الطفل غيابيّاً بعد أن أخلت النيابة سبيله وأبلغت أهله بحفظ المحضر

وتابعت قائلة: “أثناء ذلك جاء صاحب “التروسيكل” (وسيلة مواصلات تنقل عليها البضائع في مصر) ووجدهم يأكلون من الخبز، فقام بضربهم وربطهم، واصطحبهم إلى مركز شرطة الفشن، ثم قام بعمل محضر لهم بسرقة 117 رغيفاً، وعندما علمت بالأمر، ذهبت إليهم وطمأنني المحامي أنهم سيخلى سبيلهم لأنهم أطفال، وبالفعل تم إطلاق سراحهم بعد 5 دقائق”.
وأردفت “أغلق المحضر في ساعته وتم حفظ القضية، إلا أنني فوجئت منذ 10 أيام، بإنذار من محكمة جنايات أحداث بني سويف، تفيد بأنه تم الحكم على ابني غيابيّاً بالإيداع في (المؤسسة العقابية للأحداث) بتهمة سرقة الخبز، وطلب مني حضور جلسة استئناف على الحكم يوم الخميس 11 ديسمبر، وضرورة اصطحابه معي في الجلسة”.
واستطردت قائلة “المحامي أبلغنا أن هذا الحكم درجة أولى، وذهبت إلى صاحب “التروسيكل” مقدم الشكوى، أرجو منه التنازل عن القضية، لأن ابني لم يسرق هذا الخبز، وهذا يعد ظلماً له، ووعد بأنه سيحضر معنا غداً ويتنازل عن القضية”.
وأبدى ناشطون استهجانهم الواقعة المأساة، التي تجسد في مجملها العدالة العرجاء التي تعيشها مصر، حيث يحبس طفل أكل لقيمات خبز لسد جوعه، دون شفقة ولا رحمة بطفولته، فيما يترك سارقو أموال الشعب، ويبرأون ويكرمون على منصات القضاء، رغم جرائمهم التي ارتكبوها بوازع الثراء الفاحش –وليس سد الجوع- الذي قد يعفى عنه في الشرع، حسب وصفهم.
وعلق أحمد رامي الحوفي -أحد قيادات حزب الحرية والعدالة- بقوله: “اللي بيسرق بالملايين يبقى زعيم.. والقضية دي تتستف للي عايش على الملاليم”.
فيما قال أحد الناشطين المسيحيين، ويدعى مينا هارون: “الباشا قتل وأخد براءة.. والطفل جاع ف هيتسجن (سيسجن).. بس هي دي مصر”.
فيما سخر مينا جورج -أحد أبناء محافظة بني سويف- على صفحته في فيسبوك من الأمر: “يا ترى لو الواحد فينا راح اشتكى الفرن وصاحبه على الدقيق المسروق ولا العيش اللي بيتباع سوق سودا.. ولا قلة الأدب اللي في الطوابير.. كان حد من التموين ولا الشرطة ولا القضاء اتحرك.. ولا كان كله قالك معلش ما تدقش.. الدنيا صعبة.. واحنا مش فاضيين للحاجات الصغيرة دي!!!!!”.

العربي الجديد