القيادة.. كابوس في إيران

قيادة السيارات في إيران يمكن أن تثير الرعب في نفوس كثيرين. يلُاحَظ عدم التزام البعض بقوانين السير، بخاصة من ناحية التقيد بالسرعة. أمر يجعل السائقين والركاب والمارة في الشارع عرضة لحوادث، قد تكون قاتلة في أية لحظة، علماً أن حوادث الطرق تعد السبب الثالث للوفاة، بعد السكتة القلبية والسرطان في إيران.
هذا العام، أعلنت الأمم المتحدة أن مليون و270 ألف شخص تقريباً في كل أنحاء العالم، يفقدون حياتهم سنوياً بسبب حوادث السير، التي تعد السبب الرئيسي لوفاة الشباب (بين 15 و29 عاماً). أضافت أن مئات الأطفال يُقتلون جرّاء هذه الحوادث أثناء سيرهم في الشارع، موضحة أن 44 في المائة من هذه الحوادث تقع في قارة آسيا، ولإيران نصيب كبير للغاية منها. فقد نشرت صحيفة “جوان” في وقت سابق تقريراً خاصاً عن حوادث الطرق في البلاد، قالت فيه إن 18 ألف شخص يفقدون حياتهم في إيران كل عام، بسبب حوادث السير، بمعدل خمسين قتيل يومياً، ما يجعل إيران تحتل المرتبة 189 من بين 190 بلداً في العالم لناحية السلامة والأمان خلال القيادة، بحسب رئيس لجنة السلامة والبيئة في البرلمان رحمت الله حافظي.
في تقريرها، كتبت جوان أيضاً أن 35 في المائة من هذه الحوادث تؤدي إلى الموت على الفور. كما أن الحوادث تتسبب بـ300 ألف جريح سنوياً. وتجدر الإشارة إلى أن 50 في المائة من هذه الحوادث تسببها الدراجات النارية، وغيرها من وسائل النقل.
من جهتها، قالت مؤسسة الطب الشرعي أكثر من ذلك. فنصف الوفيات والمصابين هم من المارة، ويُقتل أكثر من نصف هؤلاء نتيجة إصابات مباشرة على الرأس والجمجمة. معظم هذه الحوادث تقع على الطرقات الرئيسية التي تصل المدن بعضها ببعض. تكثر الأسباب، إلا أن غالبيتها ترتبط بعدم التركيز والسرعة والتهوّر في القيادة.
في السياق، قال موقع دراسات الجهاد العلمي الجامعي إن البشر مسؤولون عن 90 في المائة من الحوادث. أما النسبة الباقية، فترتبط بالسيارات والطرقات. كذلك، لاحظ الباحثون أن القيادة في وقت متأخر من الليل تعد أحد الأسباب الرئيسية للحوادث، لأن السائق يعاني من الإرهاق والتعب والنعاس، بالإضافة إلى انتشار ظاهرة إدمان المخدرات بين الشباب.
أخيراً، قال وزير الصحة حسن قاضي زاده هاشمي إن الخطة الخمسية التي تم إقرارها قبل سنوات، والتي تهدف إلى تخفيض حوادث الطرق بنسبة 10 في المائة سنوياً، لم تنجح، مؤكداً على ضرورة إيجاد حل سريع يخفف من عدد الإصابات والقتلى والجرحى بسبب الحوادث.
أضاف أن الحد من الحوادث قد يتحقق من خلال التوعية، وإقرار خطط مجدية بالتعاون بين الحكومة والبرلمان، لافتاً إلى أن دور المواطنين مهم جداً في هذا الإطار، إذ يتوجب عليهم مراعاة قواعد السلامة، على غرار وضع الحزام على الطرقات الرئيسية، والتخفيف من السرعة.
وتابع وزير الصحة، أنه يجب التركيز أيضاً على بعض النقاط السلبية الأخرى التي تتعلق بوسائل النقل نفسها، وعدم مراعاتها المعايير الفنية. فأكثر من نصف السيارات التي تسير في الشوارع الإيرانية صُنعت محلياً، وعدد كبير منها يعاني من مشاكل.
في المقابل، رأى آخرون أن حل هذه المشكلة قد يتحقق من خلال فرض قانون يمنع السائقين من تجاوز السرعة المحددة، على أن تكون الغرامات الناتجة عن المخالفات مرتفعة.
وبالفعل، كانت الشرطة الإيرانية قد وضعت كاميرات مراقبة يتم التحكم بها عن بعد، في عدد من الطرق الرئيسية التي تصل المدن ببعضها. كذلك، تم نشر ملصقات تعمل على توعية المواطنين بخطر السرعة والتهور، فضلاً عن تبعات القيادة من دون وضع حزام الأمان أو حتى ارتداء الخوذة عند قيادة الدراجة النارية. تجدر الإشارة إلى أن الإحصائيات الرسمية تشير إلى أنه خلال الـ 35 عاماً الماضية، فقد 9 مليون و800 ألف إيراني، تتراوح أعمارهم بين 15 و30 عاماً، حياتهم بسبب حوادث الطرق.
وفي إطار التوعية، عمد عدد من الأكاديميين إلى إطلاق حملات لتوعية المواطنين، منها حملة “الوقاية من الحوادث” التي أطلقها الأستاذ الجامعي محمد حسين جوادي، بمساعدة مؤسسة الهلال الأحمر. ورأى أن هذه الحملات يمكن أن يكون لها تأثيرها الإيجابي على المواطنين.
كذلك، خلال هذا العام، أطلق الهلال الأحمر الإيراني حملة بالتعاون مع اليونيسيف، وتم توزيع مناشير على عدد من المؤسسات وتسليط الضوء على المخاطر التي يتعرض لها الإيرانيون.

العربي الجديد